تنطلق الاثنين المقبل فعاليات الملتقى السنوي السادس لمنتدى تعزيز السلم الذي يعقد برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، تحت عنوان «دور الأديان في تعزيز التسامح- من الإمكان إلى الإلزام» في فندق «الريتز كارلتون» والذي يستمر حتى الأربعاء المقبل، في تظاهرة نوعية جديدة، تحتضنها أبوظبي كأكبر تجمع للقيادات الدينية والفلسفات الروحية على مستوى العالم.
وقال رئيس المنتدى معالي الشيخ عبدالله بن بيه: «استكمالاً لجهوده السابقة، وتثميناً لقرار دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبار سنة 2019 عاماً للتسامح، ارتأى منتدى تعزيز السلم أن يجعل ملتقاه السادس مناسبة، لإطلاق حوار حضاري حول صياغة مفهوم جديد للتسامح أكثر إنسانية وسخاء، يدمج الروايتين الإسلامية والغربية، ويستفيد من الأصلين».
وأكد معاليه أن الملتقى في دورته السادسة ينطلق من رؤيتنا المركزية للسلم وأولويته، إذ نؤسس على ما راكمناه في ملتقياتنا السابقة من تأصيلات علمية وتنزيلات عملية، تندرج ضمن استراتيجية رافعة للسلم ومؤسسة للتسامح، باعتباره قيمة مركزية ناظمة لجميع المبادرات.
ويشارك في أعمال المنتدى نحو 450 شخصية من صناع ثقافة التسامح والوئام والسلام حول العالم، ويطلق المنتدى خلال الملتقى ميثاق «حلف الفضول العالمي الجديد»، الذي يسترشد بـ«إعلان مراكش التاريخي» و«مؤتمر واشنطن»، و«مؤتمر أبوظبي»، و«وثيقة عمان»، و«وثيقة مكة المكرمة»، و«وثيقة الأخوة الإنسانية»، ويعادل وثائق حقوق الإنسان الدولية. وذلك بحضور دولي لافت من ممثلي الأمم المتحدة وصناع القرار والشخصيات الاعتبارية الفاعلة في مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام على المستوى الدولي.
وأوضح معالي ابن بيه أنه، وفي هذا الإطار، جاء مؤتمر إعلان مراكش سنة 2016، لحماية حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي تتويجاً لمسار طويل من العمل، ابتدأ منذ سنة 2011م التي عرفت بروز واقع ملح أنتجته الاحتجاجات التي عرفها العالم العربي، وكان من تداعياته بروز تيارات تدعو لفرض الجزية وفرض ضرائب خاصة على الأقليات الدينية المساكنة للمسلمين في البلاد الإسلامية، وتعرض الأقليات الدينية في العراق لاعتداءات غير مبررة دينياً وإنسانياً، على الحرية والأعراض والدماء والحرمات.
وأضاف معاليه: لقد استشعرنا مدى خطورة هذه الدعوات ومآلات هذه الاعتداءات التي تشوه الإسلام، وترشح موضوع الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، لأن يكون حصان طروادة في الديار الإسلامية، فدعا إعلان مراكش في خطوة وقائية استباقية إلى صناعة وثيقة حقوقية، تعتمد التأصيل الشرعي وتدافع عن حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي.
وتأسيساً على إعلان مراكش انطلقت القافلة الأميركية للسلام في العام 2017 التي توجت بـ«مؤتمر واشنطن» و«مؤتمر أبوظبي» الذي أطلق حلف الفضول سنة 2018، لافتاً إلى أن مركزية الحلف الجديد تتأسس على خُلق التسامح، إذ هو من القيم المركزية في المنظومة الأخلاقية، لجميع الديانات والفلسفات الإنسانية، إلا أن ما يعكر صفوه أن هذا المفهوم، رغم شيوعه وذيوعه في الاستعمال، لا يزال أقرب إلى ألفاظ الإثارة التي تثير المعنى في النفس وتحوم حوله من غير أن تضبطه، وإنما تتجاذبه تصورات مختلفة وروايات متعددة، من أهمها الرواية الإسلامية الأصيلة والرواية الغربية، بصيغها الكثيرة.
وأكد معالي الشيخ ابن بيه أن الملتقى يستهدف إحداث تحول في المنظور الفكري المتداول الذي يعد التسامح مجرد إمكان متاح في الدين من بين إمكانات متعددة، إذ حان الوقت، لاعتباره إلزاماً دينياً وواجباً إيمانياً وأخلاقياً، فلا يكتفي بملاءمة بين الدين والتسامح بوصفهما غير متناقضين، بل يرتقي لإدراك الملازمة بينهما، بحيث يصبح التسامح واجباً أخلاقياً وجزءاً من الدين، وذلك من خلال الكشف عن الأسس المنهجية في الإسلام وسائر ديانات العائلة الإبراهيمية التي وضعت رؤية واسعة للتسامح العابر، لكل الأنماط المغايرة، سواء المغايرة في الاعتقاد أو الأعراق أو الثقافة.

الاتحاد