أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية في الشارقة، عن إطلاق باكورة التحرير المعجمي للمعجم التاريخي للغة العربية الذي يجتهد في إنجازه أكثر من ثلاثمائة عالم وأستاذ وباحث في أنحاء العالم العربي، يعملون بكل تفانٍ وإخلاص، واعداً سموه وبإذن الله تعالى، أن يتم في السنة القادمة إطلاق عددٍ من أجزاء المعجم التاريخي للغة العربية.
جاء ذلك في كلمة سموه التي ألقاها، صباح أمس الأربعاء، أمام حضور حفل تكريم الفائزين بجائزة الشارقة الألكسو للدراسات اللغوية والمعجمية في دورتها الثالثة وحفل افتتاح المقر الجديد للمركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، وذلك تزامناً مع الاحتفالات باليوم العالمي للغة العربية.
وقال صاحب السمو حاكم الشارقة في مستهل كلمته: في البداية هذه تحية طيبة مباركة أرفعها إلى اللغة العربية في يومها العالمي البهيج، متضرعاً إلى الله الكريم أن يهيئ لها حماةً يذودون عن عرينها ويرفعون رايتها خفاقة عالية، ويعودون بها إلى الواقع العملي رداً جميلاً.
وأضاف سموه: إنه لا يخفى عليكم أن اللغة أساس وحدة الأمة، ومرآة حضارتها، وذاكرتها التاريخية، وهي ديوان حكمها وأمثالها، وسجل أشعارها وأخبارها، وتزيد الأمة العربية على غيرها من الأمم أن لغتها هي وعاء للقرآن الكريم، الذي هو مظهر إعجازها، وذروة بلاغتها، وحامل دستورها الخالد.
إن المتابع للأحداث في عالمنا العربي اليوم، يجد أن سهاماً تسدد للعربية، لا إلى حروفها وألفاظها، وإنما إلى نظامها اللغوي الذي يحمل قيمها وحضارتها ودينها وتاريخها.
وقد ظهرت قديماً وحديثاً محاولات للنيل من اللغة الفصيحة، دعوات تلبس ثوب الدفاع عن اللهجات العامية تارة بحجة سهولتها، وأطواراً بحجة صعوبة النحو، ومنها ما يتقمص ثوب الثورة على الجمود والأسلوب العربي القديم، وثمة من يروج إلى أن تأخر العرب مرده إلى التزامهم بلغتهم القديمة، ويعتقد أنه من أراد العلا والتمدن والالتحاق بركب الحضارة المتطورة، فعليه باللغات الأجنبية، وهذا كلام بعيد عن الصواب.
حاملة التاريخ
وأكد صاحب السمو، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية في الشارقة، بأن الذي يتخلى عن لغته يعيش منبتّ الأصل عن جذوره، منقطع الوشيجة مع أهله وعشيرته، مقطوع الصلة مع ماضي أمته وحاضره، وسيلفظه التاريخ ولو بعد حين، ولا شك أن الناجح المفلح هو الذي يعض على لغته بالنواجذ، يتعلمها ويحرص على استعمالها، ويجتهد في المحافظة عليها لأنها حاملة تاريخه، وذاكرة أمته، ومقوم أساسي من مقومات شخصيته، ولا يمنعه ذلك أن يخوض في دراسة العلوم العصرية والإجادة والتميز فيها.
وأردف سموه قائلاً: إيماناً منا بأن الأجيال الحالية والقادمة بحاجة إلى أن تعيش كريمة عزيزة، ها نحن نجتهد في تقديم كل ما هو نافع ومفيد لأمتنا في حاضرها ومستقبلها، ورغبة في المحافظة على اللغة الفصيحة، أنشأنا هذه الجائزة ( الشارقة / الألكسو ) بالتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، شحذاً لهمم اللغويين المبدعين، ودفعاً لحركة التأليف في اللغويات والمعجميات. فهنيئاً للفائزين في الدورة الثالثة من الجائزة، وشكراً للذين شاركوا ببحوثهم وكتاباتهم، وشكراً للجنة العلمية على ما قامت به من جهود طيبة مباركة في الاختيار والدراسة والتقييم وفرز النتائج بكل نزاهة وموضوعية.
المعجم التاريخي
وزف صاحب السمو حاكم الشارقة بشارة للعرب كافة، ولأهل اللغة العربية خاصة، قائلاً: نحن في اليوم العالمي للغة العربية، لا يفوتنا أن نضع بين أيديكم بشارة كنا قد انتظرناها سوياً سنين طوالاً، فكما وعدناكم في السنة الماضية وفي مثل هذا اليوم، أن التحرير المعجمي للمعجم التاريخي للغة العربية سيبدأ خلال العام 2019، فها نحن أولاء نبشركم بأنه وفي هذا اللحظة التي أقف بين أيديكم، يجتهد أكثر من ثلاثمائة عالم وأستاذ وباحث في أنحاء العالم العربي، يعملون بكل تفانٍ وإخلاصٍ في التحرير في المعجم الذي طال انتظاره، وإني لأراه قريباً بإذن الله وتوفيقه، وهذه باكورة عمل المجدين المخلصين من أبناء العربية، ونعدكم بأننا سنلتقي في السنة القادمة، بإذن الله، وفي مثل هذا اليوم، لنطلق عدداً من الأجزاء من المعجم التاريخي للغة العربية، وهو مشروع العرب جميعاً، تحت مظلة اتحاد المجامع العربية في القاهرة. واختتم سموه كلمته قائلاً: نسأل الله لكل العاملين في هذا المشروع الحضاري التوفيق والسداد، وجعل الله كل ذلك في ميزان حسناتكم جميعاً، ودمتم أوفياء للغة العربية.
بعدها ألقى الدكتور أمحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة، كلمة أوضح فيها دور الشارقة الكبير، بتوجيهات كريمة من حاكمها، في خدمة اللغة العربية وأهلها.
تكريم الفائرين
عقب ذلك، دعي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، يرافقه الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر، مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، للتفضل بتكريم الفائزين بجائزة الشارقة الألكسو للدراسات اللغوية والمعجمية في دورتها الثالثة، والتي تقام بتنظيم من مجمع اللغة العربية في الشارقة، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، حيث حصل على المركز الأول في الدراسات اللغوية الدكتور شوقي بوعناني عن كتابه: مبدأ الانسجام في تحليل الخطاب القرآني من خلال علم المناسبات، بينما حصل على المركز الثاني الدكتور حميد الزيتوني عن كتابه: المعجم القرآني بين الاشتراكين المعنوي واللفظي، وقد حصل على المركز الأول في الدراسات المعجمية الدكتور الحبيب النصراوي عن كتابه: في المعجمية العربية تنظيراً وتطبيقاً، بينما حصلت على المركز الثاني بدرية بنت براك العنزي عن كتابها: نحو بناء معجم للمتلازمات اللفظية في المعاجم العربية المعاصرة.
كما تفضل سموه بتكريم الجهات الداعمة للجائزة والمتعاونة معها.
وقال الدكتور محمد ولد أعمر، مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم: أتقدم لصاحب السمو حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة، بخالص الشكر والامتنان على رعايته الكريمة الموصولة لهذه الجائزة، تقديراً من سموه لجهود الباحثين والعلماء واللغويين.
افتتاح المقر الجديد
وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية في الشارقة، قد افتتح قبل ذلك وتزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، المقر الجديد للمركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، حيث تفضل سموه بإزاحة الستار عن اللوح التذكاري معلناً بذلك تدشين المبنى. وجال صاحب السمو حاكم الشارقة، في أرجاء مقر المركز، متفقداً المكاتب الإدارية والقاعات التدريبية ومكتبة المركز. ثم تفضل صاحب السمو حاكم الشارقة بإطلاق البوابة الإلكترونية للمركز التربوي للغة العربية لدول الخليج.
وألقى الدكتور عيسى صالح الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، كلمة قدم خلالها أسمى آيات الشكر والعرفان، وعظيم الامتنان، إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على إيلاء اللغة العربية جل اهتمامه، وخلاصة اعتزازه، وعلى مكرمته السامية بإهدائه المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج مبنى مستقلاً بكافة تجهيزاته.
وقال معالي الدكتور علي بن عبد الخالق القرني، مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج، في كلمة له بمناسبة افتتاح المركز: هذه لحظة سيقبُسها التاريخُ ليأنس بها قارئوه، هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة العزيزة، بقيادتها الرشيدة، قبلة الإنجازات.
(سلطان العربية)
وتابع صاحب السمو حاكم الشارقة عرضاً مرئياً حول إنجازات وأنشطة وفعاليات المركز منذ انطلاقته في العام 2013 وعرضاً فنياً من أداء طالبات المدارس بعنوان (سلطان العربية). كما تفقد صاحب السمو حاكم الشارقة، المعرض الدائم بالمركز والذي حوى تعريفاً بتاريخ الأدب العربي وباتحاد المجامع اللغوية والعلماء والكتب والمؤلفات في مجال اللغة العربية، بالإضافة إلى المعلقات السبع ومبدعيها.
كما طالع سموه محتويات معرض الصور المقام بمناسبة افتتاح المركز والذي تضمن صوراً خاصة بأنشطة وفعاليات المركز خلال الدورات السابقة، كما دون سموه كلمة خاصة عن المركز في سجل المركز الذهبي، شاكراً القائمين عليه، ومثنياً على عطاءاتهم وجهودهم.
وتم كذلك إهداء درع المركز التربوي التذكاري إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وذلك تكريماً لسموه وعرفاناً بجهوده ودعمه المستمر لمسيرة المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة.
حضر تكريم الفائزين بجائزة الشارقة الألكسو وافتتاح المركز التربوي للغة العربية، إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة، كل من الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، وسعادة علي ميحد السويدي رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة،
وعبد الله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، والمهندس راشد عبيد الليم، والدكتور عبدالعزيز عبدالرحمن المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، وعلي إبراهيم المري رئيس دارة الدكتور سلطان القاسمي، والدكتور علي بن عبد الخالق القرني مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج، والدكتور محمد ولد أعمر مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومحمد حسن خلف مدير عام هيئة إذاعة وتلفزيون الشارقة، وخالد بن بطي الهاجري مدير عام المدينة الجامعية، والدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، والدكتور أمحمد صافي المستغانمي أمين عام مجمع اللغة العربية في الشارقة، وجمع غفير من المنشغلين والمهتمين باللغة العربية.
الاتحاد