يرفع النخيل قاماته العالية منذ زمنٍ طويلٍ جداً في الأراضي العربية، وتمتد جذوره العميقة في التاريخ، وتشهد ظلاله على ملايين القوافل التي ارتاحت تحتها، كما يشهد جريده وتمره على العرب والمسلمين الذين منحهم الحياة وسد رمقهم خلال قرون. وهو ما جعله في النهاية، يستحق الإدراج في قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ «اليونيسكو»، بعد جهودٍ قادتها دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل تحقيق هذا الإنجاز.
وجاء قرار «اليونيسكو» هذا، خلال الأسبوع الماضي، أثناء الاجتماع الرابع عشر للجنة الدوليّة الحكوميّة لصون التراث الثقافي غير المادي لـ «اليونيسكو» الذي عقد في العاصمة الكولومبية بوغوتا في الفترة من 9 إلى 14 ديسمبر الجاري، بتسجيل ملف النخلة في القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو»، وذلك في إطار حرص الإمارات لصون تراث الدولة والترويج له من خلال منظمة «اليونيسكو»، الراعي الأول للثقافة والتراث الإنساني المشترك.
وكانت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وبرعاية من منظمة التربية والثقافة والعلوم «الإلكسو» التابعة لجامعة الدول العربيّة، قد تقدمت بملف ترشيح النخلة للتسجيل في اليونيسكو كملف عربي مشترك باسم 14 دولة عربية، تتقدمها دولة الإمارات العربيّة المتحدة، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربيّة، والجمهورية العراقيّة، والمملكة الأردنية الهاشميّة، ودولة الكويت، وموريتانيا، والمملكة المغربية، وسلطنة عُمان، ودولة فلسطين، والمملكة العربيّة السعوديّة، وجمهورية السودان، والجمهوريّة التونسيّة، والجمهورية اليمنية.
ويعد تسجيل النخلة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو»، إضافة نوعيّة للجهود التي تبذلها دولة الإمارات لصون تراثها والترويج له على الصعيد العالمي بالتعاون مع منظمة «اليونيسكو»، حيث نجحت دولة الإمارات في السنوات الماضية في تسجيل ثمانية عناصر من تراثها الوطني في القائمة، وقد قادت تسجيل العديد من الملفات بشكل مشترك مع دول أخرى، مما ساهم في تضافر الجهود الدولية لحماية التراث واستمراره.
أما في أهمية هذه الإضافة، فإن «اليونيسكو»، تسعى عموماً إلى حماية المعالم الأثرية والتاريخية وكذلك الفلكلورية والتراثية، من أي عمليات إتلافٍ أو زوال أو انقراض. كما أن «اليونيسكو» تسهم في صناعةِ قاسِـم مشترك بين الآثار القديمة والمُـدن الحديثة، وبين العناصر الطبيعية والإنجازات الحديثة حول العالم، تتمثل في الحفاظِ على قيمتها الفنية والطبيعية وروْعتها الاستثنائية، كشواهد على تاريخ الإنسان، وتطوره حضارياً وإنسانياً. ولعل للنخلةِ تاريخ عظيم لدى العرب، خصوصاً أن أكثر من ثلاثة أرباع نخيل العالم، أي ما يزيد على ثمانين مليون نخلة، يوجد في المنطقة العربية.
الاتحاد