تصدر مفهوم “التسامح” المشهد العام في دولة الإمارات خلال عام 2019، وشكلت وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت من أبوظبي في ختام اللقاء التاريخي الذي جمع قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في فبراير الماضي، وصفة متكاملة العناصر لإنهاء العديد من الأزمات التي تجتاح العالم.
ودعت وثيقة الأخوة الإنسانية إلى العديد من المبادرات التي تكرس روح التسامح والتعايش بين جميع الأديان ومن أبرزها مشروع “بيت العائلة الإبراهيمية”، المقرر إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي سيتم افتتاحه في عام 2022، حيث سيضم البيت كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
وتستعرض وكالة أنباء الإمارات “وام” في التقرير التالي أبرز الفعاليات والمبادرات التي شهدتها الدولة خلال عام 2019 والتي كرست من خلالها مكانتها كمرجعية عالمية وعاصمة للتسامح.
احتضنت الإمارات في الثالث من فبراير الماضي أعمال “المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية” الذي حضره أكثر من 700 من رجال الدين والمفكرين مثلوا نحو 16 ديانة وعقيدة، وذلك بالتزامن مع الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، للإمارات العربية المتحدة في سياق “لقاء الأخوة الإنسانية” الذي جمعه بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين.
وبحث المؤتمر سبل إرساء قاعدة جديدة للعلاقات بين أتباع الأديان والعقائد تقوم على احترام ثقافة التعدد والاختلاف وتوطيد أواصر الأخوة بين الناس، وبناء الثقة المتبادلة بينهم، ومواجهة التحديات التي تعترض طريق الإنسانية نحو السلام والازدهار والتقدم.
وشكلت اللقطات الإنسانية التي نقلتها وسائل الإعلام العالمية عن أبطال الأولمبياد الخاص – أبوظبي 2019، وإطلاق تعهد زايد للتسامح، وافتتاح متحف غاندي – زايد، إضافة إلى استضافة مؤتمر تعزيز التسامح، أبرز المحطات التي استكملت بها الإمارات خلال مارس الماضي ما كانت قد بدأت به منذ مطلع العام 2019 الذي أطلق عليه “عام التسامح” بقرار من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”.
ورسخت دولة الامارات عبر الكثير من الاحداث والفعاليات التي شهدتها خلال شهر ابريل الماضي عملية تحوّل “التسامح” من قيمة مجتمعية إلى عمل مؤسسي مستدام يسير وفق آليات واستراتيجيات واضحة المعالم.
وشكلت استضافة مؤتمر “مفهوم التسامح في سياق النظم التشريعية والقضائية”، وافتتاح مشروع “حي التسامح” في إمارة أم القيوين، وإطلاق دار زايد للثقافة الإسلامية في أبوظبي ومبادرة “وثيقة المليون متسامح” الإنسانية، أبرز الأحداث التي أكدت من خلالها دولة الامارات في شهر أبريل على مكانتها كمرجعية عالمية للتسامح ودورها الكبير في خلق قنوات للتواصل مع الشعوب كافة.
وفي مايو برزت إشادة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية بنهج دولة الإمارات الرامي لإرساء قيم التعايش والتسامح في المنطقة العربية وفي العالم، حيث وصف قداسته التسامح والإمارات بالوجهين لعملة واحدة.
كما أطلقت دولة الإمارات “حملة الإمارات إلى أطفال ونساء الروهينغا” لدعم ومساندة أوضاعهم الإنسانية وتخفيف معاناتهم وتحسين ظروفهم الراهنة، إضافة غلى تنفيذ مشاريع إفطار الصائم في عشرات البلدان العربية والأجنبية.
ودشنت الإمارات في يونيو رسميا موقع كنيسة ودير صير بني ياس، أول موقع مسيحي يتم اكتشافه في الدولة، بعد انتهاء عمليات الحفاظ على الموقع وتجهيزه من قبل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لاستقبال الوفود السياحية والزوار.
وتابعت الإمارات في يوليو جهودها الرامية إلى تحويل قيم التسامح إلى أولوية قصوى للعديد من المؤسسات المعنية بالتعليم والثقافة والمجتمع، وفي هذا السياق تم توجيه وزارة التربية والتعليم لوضع الآليات المناسبة لتوعية طلاب المدارس بوثيقة الأخوة الإنسانية في العام الدراسي المقبل وتصميم برامج تدريبية لأعضاء الهيئة التدريسية حيث تتضمن الوثيقة مبادئ تدعو إلى السلم والسلام، وسيادة الحوار والتقارب بين الشعوب والثقافات والمجتمعات.
وشكل الإعلان عن تشكيل لجنة عليا لتحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية الحدث الأبرز في شهر أغسطس الماضي، وسط ترحيب واسع من كبرى المرجعيات الدينية في العالم بهذه الخطوة التي من شأنها تسريع تفعيل بنود الوثيقة ومتابعة تنفيذها على المستويات الإقليمية والدولية.
وشهد شهر سبتمبر الماضي قيام ” دائرة تنمية المجتمع ” في أبوظبي بتسليم دور العبادة القائمة في الإمارة والبالغ عددها 18 دار عبادة لغير المسلمين، رخص ممارسة أعمالها بعد أن استكملت وضع الأطر القانونية والسياسات والإجراءات التي تضمن لرعايا تلك الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بكل يسر وسلاسة بما يتوافق مع القوانين والنظم المعمول بها في الدولة.
وبرز في شهر أكتوبر توجيه اللجنة الوطنية العليا لـ “عام التسامح” بإطلاق برنامج الإمارات لقيادات التسامح العالمية الهادف لإكساب الكوادر الوطنية مهارات حل النزاعات وقيادة التغيير نحو عالم أكثر تسامحا.
وفي نوفمبر شهدت إمارة دبي انعقاد أعمال الدورة الثانية للقمة العالمية للتسامح التي شارك فيها أكثر من 3 آلاف شخصية رفيعة المستوى من مسؤولين محليين ودوليين وخبراء وأكاديميين وباحثين ومختصين ورجال دين.
وشهدت أبوظبي لحظة نادرة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، حيث توافق المشاركون في الملتقى السنوي السادس لمنتدى تعزيز السلم الذي عقد في الفترة بين 9 و 11 ديسمبر الجاري، على إصدار “خارطة طريق” للبشرية، تصون نعمة الحياة، وتحفظ الكرامة الإنسانية للأفراد والجماعات، وذلك بتوقيعهم على ” ميثاق حلف الفضول الجديد ” الذي أطلقه المنتدى.
وام