على أبواب الأسبوع الثاني على التكليف، لم يُحرز تأليف الحكومة تقدّماً جدّياً يتيح الرهان على نجاح الرئيس المكلّف حسان دياب في تشكيل الحكومة قبل نهاية العام الجاري.

في حين ضجّت الساعات القليلة الماضية بمعلومات مفادها أنّ تحضيرات تجري لحركة اعتراضيّة واسعة، على المستوى السنّي، في وجه دياب، لها طابع أقرب إلى معركة إلقاء «الإحجام السنّي» على حكومته قبل تشكيلها، في ظلّ معلومات تقاطعت عن توالي اعتذارات من شخصيّات سنيّة فوتحت بإمكانية التوزير.

أمّا المنحى الذي تسلكه الأمور، فيوحي حتى الآن بأنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يتّجه نحو التموضع الكامل في المعارضة، وهو قد يحسم خياره النهائي بعد تشكيل الحكومة، إذا تشكّلت. وذلك بعدما كسر حالة الصمت التي التزمها منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر الفائت واستقالة الحكومة.

ورسم خطاً بيانيّاً لتموضعه السياسي في المرحلة المقبلة، عنوانه الأساسي انتهاء التسوية مع عهد الرئيس ميشال عون بعد ثلاث سنوات من إقرارها، واختلال المعادلة السياسيّة الداخلية بعد تكليف دياب لتشكيل الحكومة (في 19 من الجاري) من جانب تحالف سياسي من لون واحد، وبلا غطاء سنّي، رافضاً تغطية الحكومة المرتقبة.

وفيما تردّد أنّ الطبْخة الحكوميّة موضوعة على «نار هادئة» وأنّ البحث يتركّز راهناً حول الأسماء والحقائب، حيث تبرز بعض الصعوبات الجاري العمل على تذليلها، فإنّ الساعات الماضية شهدت ارتفاع منسوب الشكوك في إمكان إكمال حلقات الولادة الحكوميّة سريعاً، ما دامت الألغام المزروعة في طريق الرئيس المكلّف كثيرة، بين الداخلية الصرْفة.

بفعْل الرفض السنّي لتسميته وتحفّظ الكثيرين ممّن تُطرح أسماؤهم في سوق التوزير عن قبول المهمة، وانتظار «الثوّار» عند كوع التشكيلة ليحدّدوا في ضوئها قرارهم بالتصعيد أو عدمه، وبين الخارجية المرتبطة بالثقة المفترض أن تمنحها هذه التشكيلة للمجتمع الدولي ليُفرِج عن حزمة المساعدات الضروريّة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار.

مشهدان متناقضان

إلى ذلك، دفع الكلام المتفائل لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف حسّان دياب إلى توقّع ولادة الحكومة الجديدة في الأيام القليلة المقبلة الفاصلة عن عيد رأس السنة الجديدة.

وفي الانتظار، علمت «البيان» أنّ الحديث ما زال يدور حول الصيغ، لا سيّما مبدأ توزيع الحقائب، والرئيس المكلّف يتواصل بهدوء تامّ مع كلّ الكتل النيابيّة التي أبدت رغبة باقتراح أسماء اختصاصيّين للحكومة، على أمل أن تمثل الحكومة أكبر مروحة من التوجّهات، لكن باختصاصيّين مستقلّين، بحيث تحوز على أوسع ثقة نيابيّة لا بدّ منها في النظام البرلماني.

خلافات عميقة

كلّما تقدمت عملية التكليف الحكومي في لبنان، انكشفت الخلافات العميقة بين أهل السلطة حول شكل الحكومة وتركيبة مكوّناتها وأسماء وزرائها وتوزّع حقائبها. ويمكن بسهولة تمييز جبهتين تتجاذبان الاستحقاق الحكومي:

الأولى يقودها «حزب الله»، لا تزال تراهن على حكومة تكنو- سياسيّة وتحلم بعودة الحريري إلى سدّة الرئاسة الثالثة، والثانية يقودها الرئيس عون وتصرّ على حكومة اختصاصيّين. لكنّ الجامع المشترك بين الجبهتين هو حتميّة تبعيّة وزراء الاختصاص لسلطتهما.

البيان