أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أهمية إحياء التراث والمحافظة عليه من الاندثار «ليبقى شاهداً على ماضينا وقيمنا الإنسانية والمعرفية، ويستنهض طاقات وأفكار شبابنا وإبداعاتهم وتوظيفها في خدمة الوطن وإعلاء رايته، وتعميق روح الانتماء الوطني لدى الشباب والأجيال المتعاقبة».
جاء ذلك، لدى زيارة سموه موقع جميرا الأثري الذي اكتشف عام 1969 حين بدأت بلدية دبي بالتنقيب عن كنوز هذا الموقع الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع الميلادي أي في الحقبة العباسية، حيث كان يشكل محطة توقف واستراحة للقوافل التجارية العابرة بين العراق وسلطنة عمان، ومنها إلى الهند وجمهورية الصين.
وأبدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إعجابه واعتزازه بتاريخ وحضارة بلادنا والموقع الاستراتيجي الذي تحتله دولة الإمارات عموماً، ومدينة دبي على وجه الخصوص على خريطة العالم، قديماً وحديثاً.
وقال سموه، وهو يشاهد عمليات التنقيب التي يقوم بها منقبون ومنقبات للآثار من شباب الوطن: «أنا سعيد بكم يا شباب، وفخور بما تقومون به من أعمال صعبة ودقيقة تحتاج إلى صبر ومهارة في العمل، بحثاً عن سيرة الأجداد والآباء المتجذرة في هذه الأرض المعطاء، وتوثيق التاريخ الخالد لمنطقتنا والتمسك بهويتنا العربية الأصيلة وربط ماضينا المشرف بحاضرنا الذي تأصل في الأرض، وصولاً إلى تحقيق المستقبل المنشود».
وأثنى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ختام جولته في أرض الموقع – الذي يعد من أهم وأكبر المواقع الإسلامية التي تم اكتشافها حتى الآن في المنطقة ويعكس فن العمارة العباسية، كما يعكس الرخاء والازدهار النسبي لسكان الموقع في تلك الفترة – على جهود فريق عمل بلدية دبي ومثابرتهم في التنقيب عن كل ما يصلنا بالماضي العريق، وإبرازه شاهداً على حضارة المنطقة وعراقة شعبها وأصالته وإنسانيته.
ووجّه سموه المعنيين في دائرتي بلدية دبي والسياحة والتسويق التجاري بفتح أبواب الموقع أمام السياح والزوار والمواطنين، خاصة تلاميذ المدارس للتعرف على حضارة شعب عمرها آلاف السنين.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد توقف في مستهل زيارته للموقع في مبنى الزوار «المتحف» الذي يضم صوراً ومنحوتات وفخاريات وعملات معدنية تم اكتشافها في الموقع.. وتعرف سموه ومرافقوه من مهرا سيف المنصوري منقبة الآثار في بلدية دبي على تاريخ كل قطعة آثار تم العثور عليها وأهميتها من حيث التعريف بتاريخ الموقع وأسراره ومكنوناته وأهمية المنطقة بالنسبة للقوافل التجارية في ذلك العصر.
وقام سموه بجولة ميدانية في أرجاء الموقع الذي تصل مساحته إلى نحو ثمانين ألف متر مربع، وشاهد أطلال المباني التي كانت تستخدم كمساكن واستراحات وعددها ثمانية مبان معظمها – باستثناء مبنى المسجد – منتظمة في شكلها الهندسي الملحق بها غرف صغيرة مستطيلة الشكل وفناء مفتوح يحوي تنوراً عائلياً ومركزاً للأنشطة، كالخبز والطحن والطهي والمباني كلها مشيدة بالأحجار الرملية. والمباني تضم واحداً للسكن ومساحته 480 متراً مربعاً وهو على شكل مستطيل وبني على مرحلتين ومزين ببرجين دائريين. والمبنى الثاني «السوق» الذي لعب آنذاك دوراً رئيساً في المجتمع، وتشهد بقايا مبناه على تطور مدينة دبي ودورها مركزاً تجارياً في المنطقة، ويتميز التصميم الداخلي للسوق بوجود ممشى يفصل بين المبنيين الرئيسين، وكل مبنى يتألف من متاجر صغيرة وفيه غرفة للتخزين.
أما المبنى الثالث، فهو عبارة عن منزل نموذجي وشيد على مساحة من الأرض تقدر بـ 103 أمتار، ويتكون من خمس غرف وفناء مكشوف، وفيه ثلاثة أفران للخبز والطهي وزوايا المنزل مدعومة بأبراج دائرية صغيرة بتصميم معروف لتلك الحقبة الزمنية.
والمبنى الرابع عبارة عن منزل سكني تصل مساحته إلى 120 متراً مربعاً، ويضم خمس غرف وفناء خارجياً متعدد الأغراض، وتنوراً، وله ثلاثة مداخل مشيداً على أساسات مبنية من أحجار مختلفة، وتم بناؤه على مرحلتين.
ومن المباني الثمانية مبنى «الخان»، وهو من أكبر وأجمل المباني في الموقع، ويمتد على مساحة تقدر بكيلو متر مربع ويعكس التصميم التقليدي لعمارة العصر العباسي، ويعتبر ملتقى للتجار والمسافرين للراحة والاسترخاء من عناء السفر وللمبنى فناء مركزي مفتوح ومحاط بغرف سكنية وله مدخلان رئيسان على الجانبين الشرقي والغربي.
وهناك أيضا مبنى كبير للسكن، ويعتبر أجمل مبنى سكني مشيد على الطراز الإسلامي، مثل الأقواس والأعمدة والواجهات ذات الزخارف الهندسية، ويتكون المنزل من مبنيين منفصلين يصل بينهما فناء مفتوح، ولكل مبنى مدخل منفصل.
وبالنسبة لمبنى المسجد، فهو مختلف في تصميمه عن بقية مباني الموقع، فهو عبارة عن مبنى على شكل مربع مساحته 49 متراً مربعاً، وفيه محراب في جدار القبلة، بالإضافة إلى نقوش جدارية تشير إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتؤكد أنه المسجد الرئيس الكبير في المنطقة، وكان جامعاً للمصلين منذ ألف عام.
والمبنى السكني الثامن مستطيل الشكل، ويبلغ طوله ما يزيد على تسعة أمتار وعرضه حوالي تسعة أمتار، ويتكون من ست غرف، وله أربعة مداخل، وهو مبني على أرض رملية.
رافق سموه في الجولة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام، ومعالي محمد أحمد المر رئيس مجلس أمناء متحف الاتحاد، وجمال بن حويرب العضو المنتدب والمدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وداوود الهاجري مدير عام بلدية دبي، وسعادة خليفة سعيد سليمان مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي، وهلال سعيد المري مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، وعدد من المسؤولين.
وام