تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول عربياً والـ21 عالمياً على مؤشر مرونة سوق العمل العالمي لعام 2020، الذي تم إصدار نسخته لهذا العام في دافوس بسويسرا، خلال جلسة خاصة على هامش انعقاد اجتماعات القمة الخمسين للمنتدى الاقتصادي العالمي، بحضور معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، وبمشاركة مسؤولين وقيادات اقتصادية من أكثر من 30 دولة.
وحققت دولة الإمارات تقدماً بمقدار 12 مرتبة على التصنيف العام للمؤشر على مدى السنوات الخمس الماضية، صعوداً من المرتبة 33 في عام 2015، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي تصنف ضمن فئة البلدان الـ 30 الأعلى أداءً على المؤشر، تليها وبفارق 15 مرتبة مملكة البحرين التي حلت في المركز 36 عالمياً في نسخة المؤشر للعام الجاري.
ويقيس مؤشر مرونة سوق العمل العالمي Global Labour Resilience Index مستوى مخاطر البطالة التي تواجهها البلدان في المستقبل بناءً على التحولات الهيكلية والتغيرات الحاصلة في السياسات وتطبيقات التكنولوجيا وأثرها في سوق العمل مع الأخذ في الحسبان التفاوتات الجغرافية.. ويصنف تقرير المؤشر للعام الجاري 145 بلداً واقتصاداً على مرونة أسواق العمل لديها في ضوء التحول التكنولوجي.
وتصدر المؤشر شركة وايتشيلد بارتنرز Whiteshield Partners، الشركة الاستشارية المتخصصة بالسياسات العالمية العامة والاستراتيجيات ومقرها لندن، بالتعاون مع كلية سعيد لإدارة الأعمال بجامعة أكسفورد، ومجموعة القوى العاملة ManpowerGroup، والمعهد البريطاني لمستقبل العمل UK Institute for the Future of Work.
وقال معالي سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، خلال جلسة إطلاق المؤشر على هامش اجتماعات دافوس 2020 إن دولة الإمارات اتبعت في ضوء رؤية وتوجيهات قيادتها الرشيدة مساراً تنموياً يقوم على التوازن بين القدرة والعمل، وحققت تطويراً مستمراً في السياسات الاقتصادية واستراتيجيات قطاع الأعمال، وأحرزت نتائج جيدة في زيادة مرونة سوق العمل، ورفع قدرته على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتحولات التي يشهدها العالم متأثراً بمستجدات التكنولوجيا والثورة الرقمية على مدى السنوات العشر الماضية، لتتبوأ مكانة رائدة على المستوى الإقليمي في هذا المسار الحيوي الذي يرسم ملامح اقتصادات المستقبل خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف معاليه: تمثل النتيجة التي حققتها الدولة على مؤشر مرونة سوق العمل العالمي إنجازاً مهماً يضاف إلى السجل الحافل الذي يتمتع به الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات، حيث قطعت أشواطاً كبيرة في تعزيز ممكناتها الاقتصادية في العصر الرقمي، وتحسين قدرتها على مواجهة المتغيرات الاقتصادية الواسعة النطاق في النماذج الاقتصادية على المستوى الدولي، بما في ذلك القدرة على مواكبة التقدم في التعقيد الاقتصادي، وتبني نموذج اقتصاد معرفي يركز على الدراية اللازمة لإنتاج السلع والخدمات وتنويع الصادرات، وزيادة تنوع القاعدة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على النفط والموارد الطبيعية كمصادر رئيسة للدخل القومي.
وأوضح معالي الوزير المنصوري أن مؤشر مرونة سوق العمل العالمي يحمل أهمية كبيرة، ولا سيما في الوقت الراهن، حيث يقدم أداة مهمة لقياس استعداد أسواق العمل للتقلبات التي يمر بها العالم، أو يتهيأ لها، سواء بفعل التحولات التكنولوجية، أو الآثار الاقتصادية للتغيرات الجيوسياسية أو النزاعات التجارية والتراجعات الاقتصادية وغيرها، مؤكداً معاليه أن النتيجة التي حققتها دولة الإمارات على المؤشر تعد ثمرة للجهود التي اتخذتها الدولة لتحسين قدرة سوق العمل لديها على التكيف والاستجابة للاتجاهات الاقتصادية الجديدة، حيث ركزت الدولة على تحفيز الابتكار والإبداع ودعم أنشطة البحث والتطوير والارتقاء بمنظومة الملكية الفكرية، وتحسين مناخ الأعمال وجاذبية بيئة الاستثمار، وتعزيز مكانتها وسمعتها مقصداً عالمياً للمواهب والخبرات وأصحاب المهارات المتميزة، مؤكداً معاليه أن حكومة دولة الإمارات ماضية في سياساتها التنموية التي تحفز مزيداً من تبني حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وينقسم مؤشر مرونة سوق العمل العالمي إلى محورين رئيسيين يتضمن كل منهما العديد من المؤشرات الفرعية، الأول هو محور الهيكليات، ويتضمن المؤشرات المتعلقة بالتركيبة السكانية والتنمية الاقتصادية والقدرات والتنويع الاقتصادي وعدم المساواة، فيما يتضمن المحور الثاني، وهو محور السياسات، المؤشرات المتعلقة بالتعليم والمهارات والعمالة والابتكار والتكنولوجيا وريادة الأعمال والإحصاءات.
وقد احتلت سويسرا المرتبة الأولى عالمياً على المؤشر لهذا العام، فيما جاءت سنغافورة في المرتبة الثانية، والولايات المتحدة ثالثة، تليها الدنمارك، ثم هولندا، فالسويد، فألمانيا، وفي المرتبة الثامنة فنلندا، تليها المملكة المتحدة، وبلجيكا في المرتبة العاشرة.
وقالت معالي تولا هاتينن وزيرة التوظيف في فنلندا: لا تزال فنلندا واحدة من أكثر عشر أسواق عمل مرونة في العالم، لكننا بحاجة إلى معالجة الفجوات المتسعة في المهارات المرتبطة بالتحول التكنولوجي، لذلك فإننا نركز أكثر فأكثر في نظامنا التعليمي على التلاميذ الذين يتقنون كيفية التعلم والتأكيد على إعادة المهارات المستمرة كأولويات لحكومتنا.
من جهته، قال جاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية: يبرز مؤشر مرونة سوق العمل العالمي أهمية وجود سياسات مناسبة لتحسين المرونة، وقد حسنت العديد من الدول استجابتها لتلك السياسات في السنوات الأخيرة من خلال التوظيف وتنمية المهارات والحماية الاجتماعية وغيرها من التدابير.. ومع أن معدل البطالة العالمي قد انخفض من 5.2% إلى 4.9% فإن المهمة الأكبر هي خلق المزيد من فرص العمل اللائقة وزيادة الإنتاجية لضمان عدم توقف العمال في وظائف منخفضة الجودة.. وسيتطلب ذلك اتباع منهج شامل للحكومة والمشاركة الفعالة لممثلي أسواق العمل والعمال وأصحاب المصلحة الآخرين.
وقال فادي فرا، مؤسس وشريك في وايتشيلدز بارتنرز، والذي شارك في الإشراف على تقرير مؤشر مرونة العمل العالمي: نحتاج إلى مقاربة جديدة على المستوى المحلي لإشراك المواطنين وصناع الأعمال والسياسات في تحقيق مرونة سوق العمل.
ووفقاً للمؤشر، جاءت كل من نيبال ولبنان وتونس ومصر من بين أكثر الدول التي لديها فجوة في مرونة سوق العمل، والتي تقيس الفرق بين الخصائص الهيكلية طويلة الأجل والسياسات القصيرة الأجل، وبالتالي تتمتع هذه الدول بإمكانية كبيرة لتعزيز مرونة أسواق العمل لديها على المدى القصير إذا تم تمكين السياسات والإصلاحات المستهدفة وذات الصلة، ولا سيما التنويع الاقتصادي وسياسات العمل والابتكار وريادة الأعمال.
المصدر: وام