عزّزت دول العالم قيود السفر على الواصلين من الصين الجمعة، بعدما أعلنت منظّمة الصحة العالميّة “حال طوارئ” على الصعيد الدولي على خلفية فيروس كورونا المستجد، الذي أسفر عن وفاة 258 شخصًا في الصين.

وأعلنت السلطات الصينية السبت أنّ عدد الوفيات المؤكّدة بالفيروس ارتفع إلى 258 في البلاد بعد تسجيل 45 وفاة في مقاطعة هوبي، بؤرة الوباء. كذلك، قالت لجنة الصحّة بالمقاطعة الواقعة في وسط الصين إنّ عدد الإصابات المؤكّدة في المقاطعة يواصل ارتفاعه بخطى ثابتة إذ أصبح 1347 إصابة.

وتمّ كشف حالات جديدة خارج الصين أيضًا، ليرتفع عدد الدول التي وصل الوباء إليها إلى أكثر من 20.

وأعلنت منظّمة الصحّة العالميّة الخميس أنّ الفيروس أصبح يشكّل “حال طوارئ” على الصعيد العالمي، لكنّها أشارت إلى أنّها لا توصي بأيّ قيود على السفر، حاضّةً الدول الكثيرة التي اتّخذت إجراءات من هذا القبيل على إعادة النظر في الأمر.

بدوره، أكّد مندوب الصين في جنيف شين شو لصحافيّين أن “لا حاجة لأيّ ذعر غير ضروريّ. لا حاجة لاتّخاذ تدابير مفرطة”، مشدّداً على أنّ بكين تعمل بحزم لاحتواء المرض.
ومع ذلك، كثّفت دول عدّة قيودها على السفر.

واتّخذت الولايات المتحدة أمس الجمعة إجراءات استثنائية للتصدّي للفيروس، تشمل منع الأجانب من دخول أراضيها إذا ما كانوا قد زاروا الصين خلال الأسبوعين الماضيين، وفرض حجر صحّي مدّةً تصل إلى 14 يوماً على المواطنين الأمريكيّين العائدين من هوبي.

ورفعت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة مستوى التّحذير إلى أعلى درجة، داعيةً الأمريكيّين إلى “عدم السفر” إلى الصين، بينما حضّت المتواجدين فيها على المغادرة.
وذهبت كلّ من سنغافورة وفيتنام ومنغوليا أبعد من ذلك.

وفي إشارة إلى أنها تُرجّح “ارتفاعًا أكبر” في انتشار الفيروس، حظّرت الحكومة السنغافورية دخول الركّاب القادمين وأولئك العابرين منها الذين زاروا الصين خلال الأيام الـ14 الماضية، وأوقفت إصدار جميع أشكال التأشيرات الجديدة لحملة جوازات السفر الصينية.

بدورها، أعلنت منغوليا أنّها لن تستقبل المواطنين الصينيين والأجانب القادمين من البلد المجاور جواً أو بالقطارات أو السيارات اعتباراً من السبت وحتى الثاني من مارس. وسيُمنع المنغوليون كذلك من السفر إلى الصين خلال الفترة ذاتها.

أما في فيتنام، فأمَرَ رئيس الوزراء نغوين شوان فوك بتعليق إصدار أيّ تأشيرات سياحية جديدة للمواطنين الصينيين والأجانب الذين سافروا إلى الصين خلال الأسبوعين الماضيين.

وأضاف أن التجارة مع الصين ستكون “غير محبّذة” إلى حين تراجع انتشار الوباء.

وانضمت اليابان بدورها إلى بريطانيا وألمانيا وغيرهما من الدول التي أوصت مواطنيها بتجنّب السفر إلى الصين.

تعليق رحلات

يذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت حال طوارئ على الصعيد العالمي خمس مرّات منذ اعتماد ذلك في 2007 –لإنفلونزا الخنازير وشلل الأطفال وزيكا ومرتين لإيبولا.

ويُتيح هذا الإعلان للمنظمة الأممية إصدار توصياتٍ يُتوَقّع من المجتمع الدولي اتّباعها. لكنّ المنظمة حذّرت الجمعة من أنّ إغلاق الحدود لن يمنع انتقال العدوى بل قد يسرّع انتشار الفيروس.

وقال المتحدّث باسم المنظّمة كريستيان ليندماير في جنيف “نعرف من تجارب سابقة، سواء كانت فيروس إيبولا أو في حالات أخرى أراد الناس السفر خلالها (…) إن كانت الممرات الرسمية مغلقة، سيجدون طرقًا غير رسمية”.

وعلّقت شركات طيران عدّة كبرى هذا الأسبوع رحلاتها إلى الصين أو خفضت عدد الرحلات.

وعلّقت باكستان الجمعة مؤقّتًا جميع الرحلات المباشرة مع الصين. وأعلنت شركة “لوت” البولندية للطيران الجمعة أنها سترسل طائرة إلى بكين لإجلاء البولنديين وغيرهم من المواطنين الأوروبيين.

بدورها، أغلقت روسيا الحدود في أقصى شرق البلاد.

وذهبت باباوا غينيا الجديدة أبعد من ذلك، فمنعت جميع الزوار القادمين من “المنافذ الآسيوية” من الدخول.

وأعلنت الحكومة الإيطالية التي أوقفت جميع الرحلات من الصين وإليها حالَ الطوارئ الجمعة مدّة ستة أشهر لتسريع جهود منع انتشار الفيروس بعد تأكيد إصابتين في روما لدى سائحين صينيين.

من جهتها، أعلنت قبرص الجمعة الاشتباه بأول حالة إصابة بالفيروس، بعد ظهور أعراض المرض على شخص عائد من الصين.

تزايد الذعر

أعلنت الصين الجمعة أنها أرسلت طائرات إلى تايلاند وماليزيا لإعادة سكان هوبي، مشيرة إلى “الصعوبات العملية” التي واجهوها في الخارج.

وفي مؤشّر الى تزايد القلق العالمي، احتُجز أكثر من 6000 سائح مؤقّتًا على متن سفينتهم السياحية في ميناء إيطالي بعدما ظهرت عوارض لدى راكبين صينيين. وكشفت الفحوص لاحقًا أنهما لم يكونا مصابَين بفيروس كورونا.

وعُزل أكثر من 40 ألف عامل في مجمّع صناعي تديره الصين في جزيرة سولاوسي الإندونيسية على خلفية القلق من الفيروس.

وأعادت بورما طائرة إلى الصين بعدما تم نقل أحد ركابها إلى المستشفى إثر ظهور عوارض المرض عليه.

وأعلنت الولايات المتحدة عن أول حال عدوى بالفيروس من شخص لآخر في الأراضي الأمريكية عندما انتقل الفيروس إلى رجل في شيكاغو بعد عودة زوجته من ووهان.

وأعلنت كل من بريطانيا وروسيا عن أول إصابتين على أراضي كل منهما.

ارتفاع حصيلة الوفيات

واتّخذت الصين إجراءات مشددة لمنع انتشار الفيروس، شملت فرض حجر صحي على أكثر من 50 مليون شخص في ووهان ومحاصرة مقاطعة هوباي.

لكن عدد الوفيات والإصابات واصل الارتفاع.

بدوره، أشار أمين لجنة الحزب الشيوعى الصيني في ووهان ما قوه تشيانغ إلى أن تأخّر السلطات في الاستجابة لاكتشاف المرض تسبب بتفشيه. وقال “لو أن إجراءات مشددة لضبطه اتّخذت في وقت سابق، لكانت النتيجة أفضل مما هي عليه الآن”.

وارتفع عدد الوفيات الجمعة إلى 213 بعد 43 حالة وفاة جديدة، جميعها في هوبي باستثناء واحدة. ويذكر أن جميع الوفيات كانت في الصين.

وأعلنت اللجنة الوطنية الصينية للصحة الجمعة أنه تم التأكد من وجود 1982 حالة إصابة جديدة، ما يرفع مجموع الإصابات إلى 9692.

ويتجاوز العدد بذلك حالات الإصابة بفيروس “سارس” (متلازمة الالتهاب التنفّسي الحاد) الذي بلغ 8096 عندما انتشر الوباء المشابه في أكثر من عشرين بلداً عامي 2002 و2003، وأسفر عن وفاة 774 شخصًا معظمهم في الصين وهونغ كونغ.

وهناك 102 ألف شخص قيد الرقابة الصحية في الصين حيث يشتبه بأنهم مصابون بعوارض تشبه تلك الناجمة عن فيروس كورونا المستجد.

ويعتقد أن الفيروس الجديد ظهر في سوق بووهان تباع فيه حيوانات برّية وانتشر في ظل موسم عطلة رأس الصينية الصينية التي يسافر ملايين الصينيين خلالها داخليًا وإلى الخارج.

تواصل عمليات الإجلاء

سارعت دول عدة لإجلاء مواطنيها من ووهان، بينما كن مواطنو الولايات المتحدة واليابان أول المغادرين الأربعاء.

وأجلت بريطانيا وفرنسا مئات من رعاياها الجمعة.

وأعلنت وزيرة الصحة الفرنسية أغنيس بوزين أن مواطنًا فرنسيًا كان بين 180 شخصًا تم إجلاؤهم من ووهان نقل إلى المستشفى بعدما ظهرت عليه أعراض الإصابة بالفيروس.

وأعلنت كندا أنها ستعيد نحو مئتين من مواطنيها من ووهان.

وأعلنت كوريا الجنوبية أن 18 من حوالى 350 شخصًا تمّت إعادتهم من ووهان نقلوا إلى المستشفى بعدما ظهرت أعراض المرض عليهم.

البيان