قدم مشروع مدينة محمد بن زايد السكنية في الفجيرة وهو يستهل عام 2020 عام الاستعداد الخمسين، نموذجاً في مطابقة أهداف رؤيتي 2021 و2071 مع دستور الدولة وفي مسؤوليتها عن توفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين، وفي إسباغ طابع الاستدامة على نهج الاستقرار الأسري والرفاهية لأبناء الإمارات.
ومع ترادف برامج إسكان المواطنين، على المستويين الاتحادي والمحلي، في مشاريع المدن المستدامة، اكتسب الاستثمار التنموي في الإمارات، ومنه القطاع العقاري، طابعاً استثنائياً ليس فقط في نهج الشمولية وتكامل القطاعات، وإنما أيضاً في قدرة القطاع العقاري على التنافس، من موقع الجودة والنمو والقدرة على الاستقطاب الاستثماري.
وقبل عشرين سنة ونيف، انطلق برنامج الشيخ زايد للإسكان، بإمكانيات عملاقة وبرؤية مؤسسية متكاملة، تستهدف تلبية الاحتياجات السكنية الآنية والمستقبلية للمواطنين.
وما تحقق في السنوات العشر الأولى من هذا البرنامج الاتحادي، كان نجاحه حافزاً لاستحداث نقلة نوعية في مجال الإسكان، ليس فقط للتوسع في رسملة البرنامج، وإنما أيضاً لاستشراف المستقبل بتطبيق نموذج للاستدامة، وهو ما أضحى عنواناً للإمارات على المستويين الإقليمي والدولي.
في انطلاقته عام 1999، اعتمد برنامج الشيخ زايد للإسكان الوصول إلى المواطنين من ذوي الدخل المنخفض في أنحاء الدولة كافة بتوفير قروض لهم بدون فوائد، تسدد على مدى 25 عاماً، مع إعطاء الأولوية للأيتام والأرامل والمسنين وأصحاب الهمم.
وفي عام 2010 ضاعفت الحكومة الاتحادية ميزانية البرنامج لتصل إلى 1.8 مليار درهم. وبعد ذلك قلل البرنامج مدة انتظار توفير السكن لتصبح أشهراً معدودة، مع تسريع التغطية لخدمة المتقدمين للقرض لتتجاوز هذه التغطية نسبة الـ 90%.
خلال العقدين الماضيين من هذه التجربة الريادية، أصدر البرامج أكثر من 67 ألف قرار دعم سكني بقيمة تجاوزت 17.5 مليار درهم شملت مناطق الدولة كافة، وغطت مجالاتها بناء مساكن جديدة واستكمال وصيانة مساكن قائمة، مع إضافات أو شراء مساكن والوفاء بقروض، وكان منها مشروع مدينة محمد بن زايد السكنية في الفجيرة وهو الذي وسع من مساحة الفجيرة ضمن واجهات الاستقطاب التشغيلي والاستثماري.
في الأثناء وجد برنامج الشيخ زايد للإسكان، مثيلات تعززه وتوسع من مجالات الابتكار الخدماتي والتنموي. ومن ذلك مبادرة هيئة تنمية المجتمع، وبرامج الإسكان في المناطق الشمالية من الدولة.
ففي دبي كانت مؤسسة محمد بن راشد للإسكان / 2007 / التي قدمت طيفاً ريادياً من الخدمات المتعلقة بإسكان المواطنين، وأراض ومساكن حكومية ومنازل جاهزة وتوسعة وقروض إسكان، بما شكل تنويعاً تنموياً ينشط محركات الاقتصاد الوطني ويفعل الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص.
لقد أصبح مفهوم الاستدامة في خدمات السكن للمواطنين، عنواناً إماراتياً، يقوم على مبدأ التكامل التنموي في إرساء بنية تحتية تحقق التوازن بين التنميتين الاقتصادية والاجتماعية، مع المحافظة على سلامة البيئة.
وفي سياقات الريادة الإماراتية بهذا الموضوع، حققت برامج الإسكان للمواطنين خلال السنوات العشر الماضية نقلة نوعية تمثلت في التهيئة لمجتمعات إنسانية اجتماعية مستدامة الأسس، بحيث يجري إنجاز الأحياء السكنية وفق أعلى معايير الاستدامة في الاستمرار البيئي والاجتماعي على مستوى الدولة. وفي هذا النسق الذي جرى اعتماده في برامج إسكان المواطنين، كانت للدولة صروح ريادية في أبوظبي ودبي، بنهج المدن المستدامة التي تحافظ على الطاقة وتسخر لها الطاقة المتجددة.
وخلال المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية، الذي استضافته دبي مؤخراً، كانت التجربة الإماراتية التي قادها برنامج الشيخ زايد للإسكان على مدى السنوات العشرين الماضية، ملهماً للدول الشقيقة في السعي لإعداد أجندة عربية متكاملة لتطوير رؤية مشتركة وتعزيز الشراكات لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي المنتدى ذاته كان مشروع مدينة محمد بن زايد السكنية في الفجيرة، بمراحله المختلفة التي تصل إجمالي تكلفتها إلى 1.9 مليار درهم، نموذجاً حياً يجسد موثوقية رؤية 2021، ودليلاً استرشادياً في استدامة خدمة إسكان المواطنين للسنوات الخمسين القادمة بما يحقق أهداف السعادة والاستقرار الأسري لأفراد المجتمع.
المصدر: وام