كما كان متوقعاً، فشلت روسيا وتركيا في التوصل إلى تفاهم بخصوص تصاعد التوتر في إدلب، وذلك في ثالث جولة من نوعها من اللقاءات بين ممثلي البلدين، قبل اثنتين سبقتاها وفشلتا في أنقرة.
ورغم تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو حول لقاء سيعقد خلال أيام بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، إلا أن تعليق نظيره الروسي سيرغي لافروف حول هذه النقطة بدا وكأن موسكو غير متحمسة لهذه الفكرة، بقوله إن «لا تعليمات محددة بخصوص التحضير لهكذا لقاء».
وأوصدت تصريحات لافروف الأبواب أمام أية تأويلات أو لبس أو رهانات على تغير في مواقف موسكو تجاه حليفتها دمشق، بل لم يتردّد الوزير الروسي في تحميل أنقرة مسؤولية تعثر الأوضاع في إدلب، والفشل في تنفيذ بنود اتفاق سوتشي بخصوص الفصل بين المعارضة والإرهابيين، وتأكيده مواصلة بلاده لعمليات الجيش السوري في إدلب، واصفاً ما يقوم به بأنه رد على الاستفزازات التي يتعرض لها.
بين نارين
يرى الخبير العسكري الروسي يفغيني بوجينسكي أن الرئيس التركي، خلافاً للتهديدات التي يطلقها، لن يقوم بعمليات واسعة النطاق ضد الجيش السوري، لأن ذلك سيؤدي إلى «ذروة التوتر» في العلاقات مع موسكو.
وفيما يشير إلى أن أردوغان وقع بين فكي كماشة، يوضح بوجينسكي أن تصريحاته «الانفعالية» هي للاستهلاك العام، أما عملية التفاوض مع موسكو فستستمر، لأنه سيكون مضطراً للعودة إليها بسبب الأزمة السياسية الداخلية التي يواجهها، وإلا فإنه سيكون أمام خيارين: إما أن يتّخذ قراراً سياسياً حكيماً، أو يواصل دعم الجماعات الإرهابية المسلحة في شمال سوريا.
نكسات متراكمة
ويضيف بوجينسكي إن «شعبية» سياساته وقراراته تعرضت لنكسات في الداخل التركي، تمثلت في اتساع رقعة المعارضين لمواصلة التدخل في الشأن السوري، حتى داخل الحزب الحاكم، فضلاً عن أن أردوغان لم يقدم أية أدلة ملموسة، تثبت مزاعمه بخصوص تدفق ملايين النازحين السوريين إلى تركيا، معتبراً إياها «ذريعة» لوقف تقدم الجيش السوري.
وتجدر الإشارة إلى وجود خبراء ومستشارين روس في صفوف القوات السورية في إدلب، ما يجعلهم عرضة لنيران القوات التركية، في حال تلقت الأخيرة الأوامر بالهجوم، ما قد يضع القوات الروسية والتركية على خطوط التماس المباشر، وهو ما يعقد من خطط أردوغان، كما يعتقد الباحث في الشؤون الإستراتيجية ألكسي ليونكوف.
لن تكون نزهة
ويضيف إلى جانب هذه المعضلة حقيقة أن الجيش السوري هو قوات حكومية نظامية، لديها حلفاء، وأن الهجوم عليها هو بمثابة إعلان حرب بين بلدين، ولن يكون الأمر «نزهة» للجيش التركي. ويعيد ليونكوف إلى الأذهان أن نقاط المراقبة التركية في شمال سوريا هي من حيث المنطق العسكري تقع تحت مرمى النيران المباشرة للجيش السوري، وأن السؤال الأول الذي سيبرز مع أول طلقة نار تركية هو، كيف سيكون مصيرها في تلك الحالة؟
البيان