حقق مركز جامع الشيخ زايد الكبير حضوره العالمي كمنبر رائد للتسامح وملتقى للثقافات من مختلف أنحاء العالم، حيث قدم التعايش والسلام رسالة للعالم أوجد من خلالها سبل التوافق والانسجام بين الثقافات المتنوعة، معززاً القواسم المشتركة بينها، والمتجلية في تفاصيله المعمارية التي توّجته كتحفة جمالية تجمع أنواعاً من الفنون ومن مختلف الثقافات، وممارساته الرائدة التي أتاحت له استضافة ملايين الزوار بخلفياتهم الثقافية المتعددة، في إطار فريد من التسامح والتعايش، ومن هنا كان الجامع منبراً مثالياً لإطلاع شعوب العالم على مكنونات الثقافة الإسلامية ونفائسها، وكانت مكتبته بحق، حارسة لتراث البشرية ومنارة للفكر الإنساني.
إيماناً من المركز بأن الفن لغة الجميع وأداة فعالة في تحقيق التواصل والحوار والانفتاح على الآخر، جاءت مكتبة الجامع لتكون النافذة التي يطل من خلالها الباحثون والمهتمون، على أروع ما جادت به الثقافة الإسلامية من فنون وعلوم، فشكلت جسوراً تواصلت من خلالها مع غيرها من الثقافات، من خلال ما تزخر به من نفائس الكتب والمخطوطات، وذلك نتيجة الدعم المستمر الذي تحظى به من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ولفتته الكريمة بتزويدها بما يقارب نحو 8 آلاف عنوان للكتب والدوريات، كتبت بـ14 لغة حية، منها ما يقارب الـ3000 عنوان، من الكتب والدوريات النادرة، توثيقاً لعلوم الحضارة الإسلامية وفنونها من ناحية، والعمل على نشرها وإحيائها من ناحية أخرى.
أقسام وأركان
وصنفت محتويات المكتبة بعناية وكفاءة ضمن أقسام رئيسة تم تنظيمها بصورة تتيح لمرتاديها من مختلف الثقافات سهولة الوصول إلى مصادرها المختلفة، والحصول على مبتغاهم من المعارف والمعلومات والاطلاع على مكنونات الثقافة الإسلامية بأوعيتها الفكرية المتنوعة، حيث تضم المكتبة كلاً من أقسام الحضارة الإسلامية، وتاريخ الفنون والفنون الإسلامية، والعمارة الإسلامية، والحدائق الإسلامية، والأدب والعلوم الإسلامية، والمخطوطات الإسلامية، والكتب النادرة، والمصغرات الفلمية (المخطوطات)، إلى جانب إصدارات المركز، والدوريات.
نوادر الكتب
وخصصت مكتبة الجامع قسماً لمجموعتها الفريدة من أندر الكتب في العالم، حوالي 500 عنوان، وهو ما يعد إضافة نوعية لمكتبة الجامع، والتي تعرض هذه المجموعة على منصات خاصة مرفقة بملخصات تتيح للزائر الاطلاع على ما تنطوي عليه من ثراء ثقافي. وهي كتب ذات قيمة تاريخية لم يبق منها في العالم سوى نسخ محدودة جداً، يعود أقدمها للقرن السابع عشر. وتتمحور موضوعاتها حول تاريخ وآثار العمارة الإسلامية في الشرق الأوسط، وشبه الجزيرة الهندية، وإسبانيا وغيرها.
ويعد كتاب «وصف كرة سماوية عربية عليها كتابة كوفية – وهي موجودة في متحف بورجيا في بادوفا 1790»، أقدم كتب هذه المجموعة النادرة في مكتبة الجامع، وهو كتاب كتبه باللغة اللاتينية، المؤلفان «سيمون أسيمانو» و«جوزيفي توالدي»، وتمت طباعته سنة 1790، ويتحدث الكتاب عن العالم المستشرق «سيمون أسيمانو» وخلاصة خبرته في علم الفلك العربي، كما تضمن الكتاب رسالتين من جوزيفي توالدي -أستاذ علم الفلك في جامعة بادوا- بشأن الكرة السماوية الأيوبية الموجودة في متحف الكاردينال ستيفانو بورجيا في فليتري في إيطاليا التي قام بصنعها العالم قيصر بن أبي القاسم بن مسافر الحنفي -المعروف بعلم الدين تعاسيف- بأمر من الخليفة الأيوبي السادس محمد بن أبي بكر بن أيوب عام 622 هــ (1225م). وتحتوي الكرة السماوية على وصف «سيمون أسيمانو» بشكل مفصل، مع ثلاث لوحات ومعرض للنجوم المنقوشة عليها، بالإضافة إلى مقتطفات من النص العربي مع النسخة اللاتينية.
وتضم المكتبة أيضاً كتاب «جامع قرطبة» لمؤلفه غيرولت دي برانغي، أحد الكتب النادرة، وينطوي على مشاهد داخلية عامة وتفاصيل وخطط مرسومة تم قياسها في حينها عام 1833، ويعد هذا الكتاب الذي تم نشره سنة 1836، بعد كتاب مورفي «الآثار العربية في إسبانيا» 1816، أول دراسة مفصلة للعمارة العربية في الأندلس.
وكتاب «العمارة والفن الإسلامي في مصر وفلسطين» الذي يستعرض خلاله أوغو ترشي لوحات تتضمن روائع العمارة والفن الإسلامي في مصر وفلسطين منذ القرن الخامس إلى القرن الثامن عشر، كالمساجد، والمقابر، والمنازل بتفاصيلها وغيرها- وهو من أكثر المنشورات الفاخرة التي تناولت فنون العمارة الإسلامية، والتي طبعت في إيطاليا في النصف الأول من القرن العشرين، حيث نشر الكتاب سنة 1922.
المصغرات الفلمية (المخطوطات)
تقدم مكتبة الجامع لمرتاديها من المعنيين بالثقافة الإسلامية، مجموعة من نفائس المخطوطات التي تفصح عن ثراء الثقافة الإسلامية وعلومها المختلفة وفنونها المتنوعة التي استنارت بها البشرية على مر العصور، حيث تحتفظ المكتبة بمجموعة من المخطوطات العربية النفيسة في هيئة مصغرات فلمية تبلغ في مجموعها أكثر من 50 ألف مصغرة فلمية، تزود الباحثين بمعلومات في مجالات العلوم الإسلامية المختلفة كالسير الذاتية والحديث والفنون الإسلامية، كما تتضمن المصغرات الفلمية طبعات من القرآن الكريم، طبعت في أوروبا خلال الفترة الزمنية الواقعة بين عامي (1857-1537م)، ومن تلك المخطوطات ذات القيمة التاريخية:
«عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات»، لزكريا بن محمد القزويني، وهو أشهر كتاب إسلامي يتناول الكوزموغرافيا -علم أوصاف الكون-، تم إنجازه عام 1280، وتشير النسَخ المتعددة له، إلى تصدره أشهر الكُتُب في العالم الإسلامي لقرون.
ومخطوطة «أزهار الأفكار في جواهر الأحجار»، لأحمد بن يوسف التيفاشي، والذي يتناول 25 حجراً بالدراسة، حيث خصص لكل منها فصلاً يبدأ بمناقشة أصل مسمى الحجر، يتبعه وصف للعوامل التي تتسبب في تكوينه ومواقع المناجم الرئيسة التي يوجد بها، وتحليل خصائصه الفيزيائية الأساسية، وقيمته وسعره في السوق، آخذاً بعين الاعتبار درجات نقائه المختلفة والخصائص البصرية للأحجار التي كانت متاحة للبيع في ذلك الوقت.
دوريات متخصصة
وللدوريات المتخصصة في الثقافة الإسلامية نصيب في مكتبة الجامع الكبير، حيث يضم قسم الدوريات 32 عنواناً لدوريات كتبت بـ5 لغات مختلفة هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية، إلى جانب الإسبانية والإيطالية، لم تخرج موضوعاتها عن إطار اختصاص المكتبة في علوم الثقافة الإسلامية وفنونها عبر العصور، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الأندلس وفنونها، والفن الإسلامي وتاريخ الشرق، والفنون الإسلامية والعمارة وما يرتبط بها من علوم وآداب وتاريخ، والدراسات الشرقية والفنون، والفنون الشرقية والدراسات الخاصة بالحضارة العربية.
مجموعة دولة الإمارات
من منطلق اهتمامها بإبراز تاريخ الدولة وقياداتها لزوار الجامع، أفردت المكتبة قسماً يضم مجموعة من الكتب المتنوعة التي تتناول تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، وتراثها، وإنجازاتها.
موقع متميز وخدمات متنوعة
يتيح موقع المكتبة المتميز في مركز خدمات الزوار في جامع الشيخ زايد الكبير، لمرتاديه من الباحثين والمهتمين وحتى مرتادي الجامع من الزوار والمصلين، فرصة الاطلاع على ما تزخر به من محتوى ثقافي، ولعل موقع المكتبة هذا يجعلها مقصداً للباحثين والقراء ونقطة جذب للدارسين من مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يقود بالضرورة إلى أن تؤدي دورها بنجاح، ناهيك عن مساحاتها الداخلية التي توفر جواً من الراحة والهدوء والصفاء الذهني، ذلك إلى جانب مصادرها المتنوعة التي تتضمن حواسيب تتيح البحث في المصادر الإلكترونية بسهولة ويسر. وتستقبل مكتبة الجامع زوارها من الأحد إلى الخميس، من الساعة 9:00 صباحاً إلى الساعة 6:00 مساءً. ولإطلاع الزائر على المحتوى الفريد للمكتبة، يقدم فريق العمل جولات خاصة تعرف الزائر بمحتواها وما تضم من كتب نادرة، وما توفر لمرتاديها من خدمات، وذلك لتحقيق أقصى استفادة من البرامج والمصادر المتاحة.
دعم دائم
حظيت المكتبة بدعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وفي لفتة كريمة قام سموه بتزويدها بما يقارب 8 آلاف عنوان للكتب والدوريات، كتبت بـ14 لغة حية، منها ما يقارب الـ3000 عنوان من الكتب والدوريات النادرة، توثيقاً لعلوم الحضارة الإسلامية وفنونها من ناحية، والعمل على نشرها وإحيائها من ناحية أخرى.
إصدارات المركز
حرصاً منه على ترسيخ مكانته كصرح ثقافي رائد، في إطار رسالته السامية، أثرى المركز مكتبة الجامع بـ18 إصداراً متميزاً، إلى جانب محتوياتها القيمة ومقتنياتها الفريدة، ومن أهمها: فضاءات من نور، ويضم مجموعة من الصور المميزة المشاركة في جائزة «فضاءات من نور» للتصوير الضوئي، التي يطلقها المركز بشكل دوري، وكتاب «القمر والمئذنة» الذي يضم عدداً من رسوم الأطفال المستوحاة من الجامع، وكتاب «بيوت الله، من جامع القيروان إلى جامع الشيخ زايد الكبير» الذي أصدر باللغتين العربية والإنجليزية، ويتناول الجماليات والفنون المعمارية في جامع الشيخ زايد و19 جامعاً آخر في العالم، إضافة إلى العديد من الإصدارات القيّمة الأخرى، الخاصة بالعمارة والفنون الإسلامية المختلفة.
الاتحاد