أكد مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل المنصوري، أن هناك دوريات إلكترونية متخصصة تلاحق مروجي الشائعات وناقليها، وتتولى ضبطهم وتقديمهم للعدالة، وقال: «المسؤولية القانونية لا تقتصر على مصدر الشائعة أو الخبر الكاذب فقط، ولكن تمتد إلى ناقلها كذلك، لأنه شارك في إحداث الضرر، خصوصاً في هذه الأوقات الاستثنائية التي تكافح فيها الدولة، بكل شجاعة وقوة، انتشار فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء عالمي».

فيما طالب قانونيون بضرورة التشدد حيال كل من ينقل معلومات من جهات غير معتمدة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، مشيرين إلى أن نقل الشائعة أو الكذبة، حتى لو كان دون قصد، يسبب ضرراً كبيراً، في ظل شعور كثير من الناس بالخوف بسبب الوباء الذي انتشر في العالم، لافتين إلى أن هناك أشخاصاً ينقلون معلومات مضللة عن جهل، ربما يكون مصدرها من يعادون الدولة، ويتسببون في حدوث ارتباك وإثارة الفزع.

وتفصيلاً، قال المنصوري لـ«الإمارات اليوم» إن الجميع ينبغي أن يتحلوا بالمسؤولية في الوقت الراهن، فالدولة بمختلف أجهزتها تبذل جهداً يفوق الوصف، في حماية أرواح الناس وتأمين سلامتهم وتوفير احتياجاتهم، لذا لا يمكن في المقابل التسامح مع أي شخص يمس هذه الجهود أو يعرقلها، بترويجه معلومات كاذبة أو مضللة لا أساس لها من الصحة.

وأضاف أن حرب الشائعات في هذه الظروف لا تقل خطورة عن انتشار الفيروس نفسه، لذا تتولى الأجهزة بكل صراحة ملاحقة كل من ينتج أو يروج معلومات مضللة، حتى لو كان بحسن نية، فالشخص السوي المحب لمجتمعه لا يجب أن ينقل كل ما يرد إليه عبر حساباته في شبكات التواصل، لكن يجب أن يميز بين الصواب والخطأ، والمعقول وغير المنطقي.

وأشار إلى أن الفيديو الذي انتشر على لسان امرأة، أخيراً، بخصوص الأسواق، نموذج واضح لما يجب أن يكافحه المجتمع بأسره، وليس أجهزة الأمن والقضاء فقط، فتصرف مثل هذا أثار الارتباك، في الوقت الذي تدير أجهزة الدولة الأمور بكل كفاءة، رغم التحديات العظيمة التي يواجهها العالم.

وأكد المنصوري أن هناك مصادر موثوقة للأخبار والمعلومات، ينبغي الرجوع إليها والنقل عنها فقط، وما دون ذلك يمثل جريمة تعرض مرتكبها للمساءلة القانونية، لافتاً إلى أن شرطة دبي وفرت منصة «إي كرايم» للإبلاغ عن أي شخص يروج مثل هذه الشائعات أو الأخبار الكاذبة، وكذلك للتوعية وتلقي الاستفسارات.

من جهته، قال المحامي، محمد العوامي المنصوري، إن قانون العقوبات، في ما يتعلق بالجرائم الماسة بأمن الدولة ومصالحها، نص في مادته (198 مكرر) على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة، أو بث دعايات مثيرة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، كما يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من حاز، بالذات أو بالوساطة، أو أحرز مطبوعات أو تسجيلات، أياً كان نوعها، تتضمن شيئاً مما نص عليه في الفقرة الأولى، إذا كانت معدة للتوزيع أو إطلاع الغير عليها.

وأوضح أن الفقرة الأخيرة من تلك المادة توضح مسؤولية ناقل الشائعة، وهو الشخص الذي يحوز محتواها بالوساطة.

وأضاف أن العقوبة قابلة للتشديد حسب الجرم المرتكب من الشخص، لافتاً إلى أن البعض يعتقد أنه بمنأى عن المساءلة طالما ليس مصدراً للشائعة، لكن هذا اعتقاد خاطئ فهناك فاعل أصلي وفاعل بالتبعية.

وتابع أن مجرد استدعاء الشخص أو ضبطه من قبل الأجهزة الشرطية، والتحقيق معه وإحالته إلى النيابة العامة، أو حتى في حالة الاكتفاء بتوبيخه، عواقب يجب أن يضعها كل منا في اعتباره، فالظروف لا تسمح بالهزل أو الاستخفاف بكارثة عالمية، تمس أمن الدولة وسلامة أفرادها، لافتاً إلى أن هناك فئة من مروجي الشائعات مجرد أشخاص يريدون أن يُشعروا الآخرين بأهميتهم فيصدرون شائعة أو يتناقلونها، غير مدركين تبعات هذا التصرف في ظل التدفق الرهيب للمعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إلى ذلك قال المحامي، علي مصبح، لـ«الإمارات اليوم»: «بما أننا نتحدث عن جريمة إلكترونية، تخضع لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فالمشاركة في الجريمة لديها ضوابط تبين متى يكون ناقل الشائعة مساءلاً أمام القانون».

وأضاف أن القانون قسّم المشاركة إلى نوعين، شريك بالمباشر، وشريك بالتسبب، فإعادة نشر تغريدة، على سبيل المثال، لفعل مجرّم تعد بمثابة مشاركة إجرامية مباشرة، ويعتمد ذلك على القصد الجنائي، والاتفاق السابق، لذا من يعيد نشر تغريدة مُجَرّمة يعد مشاركاً مباشراً للفاعل الأصلي، عن طريق إعادة النشر، سواء كانت شائعة أو سباً أو قذفاً أو ازدراء، فالمشارك هنا ارتكب عملاً إجرامياً، بعد انتهاء الفاعل الأصلي، لذا يعاقب بدوره.

وأوضح أن تحديد القصد الجنائي، الذي يعد الفيصل في قاعدة التجريم، من سلطة المحكمة في استنباط الوقائع، سواء كانت بحسن النية أو سوء نية لعدم معرفة المغرد بالقانون، لافتاً إلى أن هناك أموراً يجب علينا ألا نغفل عنها، وهي أن القانون لا يعذر بجهله، ولكن قد يكون الجهل عذراً لتخفيف العقوبة لا للإعفاء منها.

من جهته، قال المحامي الدكتور يوسف الشريف، إن المشرع الإماراتي حرص على تجريم أي فعل من شأنه المساس باستقرار دولتنا بأي صورة، وملاحقة الفاعل وإبعاده عن الدولة إن كان أجنبياً، مؤكداً أن الشائعات التي تروج حالياً عن فيروس كورونا هي صورة من إشاعة الذعر الذي يهدد استقرار السلم الاجتماعي.

وأضاف أن المادة 24 من المرسوم بقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2012، في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، نصت على أن يعاقب بالسجن المؤقت من ثلاث إلى 15 سنة والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم ولا تتجاوز مليون درهم، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليهأ أو استخدم معلومات على شبكة معلوماتية للترويج لأي أفكار من شأنها الإضرار بالسلم الاجتماعي أو الإخلال بالنظام العام.

كما نصت المادة 28 من المرسوم بقانون ذاته، على أنه يعاقب بالسجن المؤقت، والغرامة التي لا تجاوز مليون درهم، كل من أنشأ أو أدار أو موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه، أو استخدم معلومات على الشبكة المعلوماتية بقصد التحريض على أفعال أو نشر أو بث معلومات أو أخبار أو رسوم كرتونية أو غيرها، من شأنها تعريض أمن الدولة للخطر أو المساس بمصالحها العليا والنظام العام والإبعاد يكون وجوبياً للأجانب.

تطبيق أقصى العقوبات

أكد المستشار القانوني، أحمد حسين، أن المشرّع الإماراتي كان حاسماً في ما يتعلق بنصوص مكافحة الشائعات، سواء في قانون العقوبات أو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، مطالباً بتطبيق أقصى العقوبات التي ينص عليها القانون خلال الظروف الحالية، سواء بإنتاج الشائعات والأخبار الكاذبة، أو نقلها، أو نسب معلومات إلى جهات رسمية بطريقة غير صحيحة، لافتاً إلى أن هذه التصرفات تمثل إساءة غير مباشرة للدولة.

 

الإمارات اليوم