نظمت جائزة الشيخ زايد للكتاب، أول أمس، جلستين افتراضيتين مع فائزين من الفائزين بجوائزها للعام الحالي 2020، الأولى بالتعاون مع مؤسسة «بحر الثقافة»، والثانية بالتعاون مع صالون «الملتقى الثقافي»، وكلاهما في أبوظبي.
ناقشت جلسة «الملتقى الأدبي» كتاب «علم الكلام الإسلامي»، بمشاركة مؤلفه الدكتور حيدر قاسم التميمي الفائز بالجائزة في فرع المؤلف الشاب. وناقشت جلسة «بحر الثقافة» كتاب «الفتاة الليلكية» بمشاركة مؤلفته الكاتبة ابتسام بركات الفائزة بالجائزة في فرع أدب الطفل.

جلسة «بحر الثقافة»
عبرت الكاتبة ابتسام بركات عن سعادتها بالفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب، وقالت: «الفوز إنجاز مهم لأي مبدع، كما أنه إنجاز مهم للحضارة، لأن الاهتمام بالمبدعين باللغة العربية هو استثمار في الناس الذين يساعدون في بناء الحضارة العربية»، ولفتت إلى أهمية جائزة الشيخ زايد للكتاب التي تستقطب المبدعين باللغة العربية، من الكتاب العرب وغير العرب.
وقبل أن تعرض سيرتها الشخصية والأدبية شكرت مؤسسة «بحر الثقافة» على الاستضافة، وقالت: الإنسان يكتشف نفسه شيئاً فشيئاً، ورحلة حياة الإنسان هي اكتشاف للنفس، واكتشاف للغير أيضاً، بحيث تتفاعل هذه العناصر جميعها لتنتج عناصر جديدة تتفاعل مع الآخرين، أو مع حضارات جديدة.
وأضافت: أرى نفسي معجونة باللغة، فأنا في البداية عشت تحت الاحتلال، أي تحت طبقات أرضية، وبدأت الصوت اللغوي من طبقات الملاجئ، واحتجت إلى أن أجد نافذة على الحرية. لما كان عمري ثلاث سنوات التقيت بحرف الألف في ملجأ بالأردن، وكان أحد الملاجئ مدرسة، وأخذت أمي قلم الطبشور، وأمسكت بيدي ورسمت وقتها حرف ألف، وقالت لي: ارسمي حرف «ألف»، من وقتها بدأت أرسم حرف ألف ولم أتوقف حتى الآن، صار صديقي ووضعت على رأسه القبعة، وكتبت به أشياء كثيرة. وضعت الطبشور في جيبي، وأصبح يتحول إلى غبار، وأخذني إلى مناطق كثيرة وعرفني على الأبجدية العربية وأبجديات أخرى وآلاف الكلمات، سواء بالعربية أو بالإنجليزية.
وأكدت الكاتبة بركات أهمية الغربة التي تعرفنا إلى حضارات أخرى، لأن الإنسان في البعد يرى الأشياء بشكل أوضح، وتابعت: بالنسبة لي شخصياً أعتقد الفوز بالجائزة سوف يزيد من حجم حريتي، لأن أهم شيء بالنسبة للفنان بشكل عام هو الوقت. والجائزة سوف تعطيني إمكانية لأن أشتري وقتاً من أجل مواصلة مشروعي الإبداعي وهو، ببساطة شديدة، تحرير العقل عن طريق تحرير اللغة وتجديدها، بالتالي سيكون عندي حرية ومسؤولية أكثر، وأيضاً فرح أكثر، لأن الحصول على جائزة كبيرة ومهمة كهذه الجائزة لابد أن يكون مشعلاً يضيء طريقي.
واختتمت بركات قائلة: بسبب هذه الجائزة صرت أشعر كأني في وطني، وأينما كنت على كوكب الأرض أحس أن بإمكاني أن أمد ذراعي وفيها قلمي وأن أصل إلى وطني عبر الكتابة. هذه الجائزة أيضاً، أكدت لي أن بإمكاني أن أكتب بالعربية من أي مكان في العالم وباللغة العربية، وأنا سوف أفعل ذلك.

جلسة «الملتقى الثقافي»
في بداية الجلسة رحبت أسماء المطوع بالباحث الضيف، مشيرة إلى أن لقاء الباحثين والمفكرين كان دائماً مدار اهتمام صالون الملتقى، وقالت: إن إيماننا بأن النقاش وتنوع الأفكار هما السبيل لإعادة إحياء التفكير العقلي والوعي العربي، والكتاب الذي نناقشه اليوم يؤكد على هذا التنوع الثقافي الذي تعكسه نشأة علم الكلام في مدارسه المختلفة والذي يفي بحق الاختلاف العقلاني، مبينة أن جائزة الشيخ زايد للكتاب – فرع المؤلف الشاب، منحت هذا العام لكاتب شاب متخصص في علم الكلام عمل على التجديد في الخطاب الإسلامي والعربي عموماً.
ثم تحدث الدكتور حيدر قاسم التميمي قائلاً: يحمل الكتاب عنوان: «علم الكلام الإسلامي في دراسة المستشرقين الألمان.. يوسف فان إس نموذجاً»، ومن هذا العنوان يتضح أن فيه موضوعين رئيسين: علم الكلام والاستشراق، وقدمت بداية تعريفاً وافياً بهذين المحورين اللذين أتناول من خلالهما موضوع التزاوج والتلاقي بين ما قدم المستشرقون من جهد كبير في دراسة موضوعات علم الكلام الإسلامي، ولذلك دخلت في تمهيد حاولت من خلاله التعريف بعلم الكلام الإسلامي لغوياً واصطلاحياً واشتقاقاته، ومن أين انبثق هذا العلم وكيف تكوّن وتشكل في بداية تاريخ الإسلام؟، ثم دخلت من خلال هذا التمهيد إلى التعريف بعلم الاستشراق ومصطلح هذا العلم من المستشرقين الألمان أنفسهم مبتعداً عما قدمه زملائي وأساتذتي من الباحثين العرب المختصين بهذا المجال.
ثم استعرض التميمي فصول الكتاب، مشيراً إلى أن علم الكلام بدأ بعد قضية الإسراء والمعراج وما دار حولها من آراء. وأوضح في حديثه أن الاستشراق الألماني جاء متأخراً عن الاستشراق الفرنسي والبريطاني وغيرهما، مبيناً كيف درس الألمان الدين الإسلامي، مؤكداً أنه موضوع متشعب وكتب فيه كثير من الباحثين، فأحياناً يحسب على التاريخ وأحياناً على الفلسفة، وفي أحيان أخرى يحسب على العقيدة الإسلامية، لافتاً إلى أنه خصص الجزء الأخير من الكتاب للباحث المستشرق د. فان أس أستاذ الدراسات الإسلامية جامعة توبنغن، حيث تولى خلافة المستشرق الألماني الكبير رودي باريت.
واستمر الحوار في جوانب متعددة، ومنها موضوعية الباحث وعدم انحيازه إلى أي طرف أو مذهب، فأوضح أنه كمؤرخ كان اهتمامه مركزاً على بحث القضايا الفكرية في موضوعه، ومن هذا المنطلق جاء رأيه في المعتزلة والأشعرية والقدرية.

الاتحاد