يعمل فريق بحثي من جامعة الإمارات العربية المتحدة في مركز بحوث الطرق والمواصلات وسلامة المرور على ابتكار نماذج رياضية وخوارزميات حاسوبية لرصد وتتبع وتوقع طرق انتشار فيروس كورونا في المجتمع عبر رصد البيانات الضخمة والمعلومات المتوفرة عن تنقل الأفراد عبر أرجاء المدينة لرسم خارطة بيانية وجغرافية تعمل على التعرف على المناطق المركزية التي تساهم في تسريع وتيرة انتشار الوباء ومدى انخفاض انتشاره في حال أغلقت هذه المناطق جزئياً أو كلياً.
وأكد الدكتور حمد عبدالله الجسمي –أستاذ مشارك في كلية الهندسة- ومدير مركز بحوث الطرق والمواصلات وسلامة المرور في جامعة الإمارات أن جهود الصحة العامة تعتمد اعتماداً كبيراً على التنبؤ باحتمالات انتشار الأمراض حول العالم، حيث يلجأ الباحثون إلى النماذج الرياضية التي يمكنها توقُّع الأماكن التي سيذهب إليها الأشخاص المحتمَل إصابتهم بالمرض، واحتمالية نقلهم له إلى تلك الأماكن وتطويرها وفق احتياجات دولة الإمارات ومساحتها الجغرافية وتعداد سكانها والعديد من العوامل الأخرى التي تؤثر في وقف انتشار هذا الفايروس وامتداد رقعته الجغرافية في كافة مدن الدولة.
وقال إن نجاح الفريق البحثي في ابتكار منظومة رياضية جديدة لرصد ومتابعة فايروس «كوفيد-19» COVID-19 داخل الدولة سيساعد كثيراً في تقليل انشار هذا الوباء باعتبار الفريق البحثي يعمل على وضع نماذج لنتائج التغيرات في السلوك العام والإجراءات الحكومية، قبل حدوث تلك التغيرات والعمل على تنقيح نموذج مصمم لمساعدة مسؤولي الحكومة في الدولة لمكافحة انتشار هذا الوباء.
وأضاف: “نجاحنا في معركتنا ضد كوفيد-١٩ تتوقف على اتخاذ القرارات الصحيحة التي لا تعتمد على البيانات فحسب، بل أيضاً على مناهج استشرافية صلبة وعلى تحليل السيناريوهات المترتبة على كل قرار ويأتي هذا المشروع في النمذجة الرياضية للإجابة عن عدة أسئلة أبرزها كيف تتوقع النماذج الحاسوبية احتمالات انتشار فيروس كورونا الجديد، و تهدف هذه النماذج إلى توفير معلوماتٍ أكثر وضوحاً وسط الغموض الحالي المحيط بانتشار الفيروس”.
وقال : ” قمنا بتطوير خوارزمية تدعم اتخاذ القرارات الأمثل لإغلاق مدينة معينة بشكل جزئي، والتي تتبع ثلاث خطوات، أولاً التعرف على المناطق المركزية التي يعبر خلالها كثير من الناس وتساهم في تسريع وتيرة انتشار الوباء ، ثانيا تقنين الحركة من والى تلك المناطق حسب معامل يحده صاحب القرار، وثالثاً تحسب الخوارزمية مدى تثبيط معدل انتشار الوباء في الشبكة الكلية للمدينة إثر إغلاق هذه الأحياء المحدد، باعتبار أن هذه المنهجية مفيدة جداً لإيجاد حل متوازن بين حظر التجول وخلق متنفس اقتصادي للبلد”.
وأضاف : ” أنه بعدما طبقنا الخوارزمية على عدد من الأحياء المركزية وحللنا سيناريو إغلاقها جزئياً استطعنا أن نتنبأ بانخفاض كبير في معدل انتشار الوباء في المدينة، وهذا أفضل بكثير من إغلاق المدينة بأسرها أو إغلاق أحياء غير مهمة وترك أخرى مهمة غير معروفة، وقمنا أيضاً بدراسة سيناريو إغلاق الأحياء المجاورة لسكنات العمال حيث ينتشر المرض بحدة بالغة، ومن منظور الدراسات الوبائية، لما يتم فصل أحياء المدينة فهذا يعني أننا نتعامل مع منحنيات متعددة و ليس منحنى واحدا، وهكذا في كل حي ينشتر المرض بوتيرة مختلفة عن الحي الآخر. إذا ما استطعنا نمذجة هذه المنحنيات المتعددة فإننا سنتمكن من السيطرة على الوباء بصورة أكبر وسيساعدنا ذلك على التخطيط المثالي لاستراتيجية الخروج من هذه الأزمة “.
من جهته قال الدكتور عبد الصمد تريداني – الأستاذ المشارك في قسم الرياضيات بكلية العلوم إنه من خلال هذه الدراسة عبر النمذجة الرياضية الحاسوبية تمكننا من معرفة كيف يمكن تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي في وقت ما، ولكن قبل ذلك يتحتم علينا الإجابة عن ثلاثة أسئلة محورية: متى؟ وكيف؟ وما إذا ما كان نظامنا الصحي قادرا على استيعاب الطلب المتوقع في ذلك الحين على ايجاد حلول فاعلة من خلال التباعد الاجتماعي وآليات العمل لتعزيز اجراءات الأمن والسلامة للمجتمع من خلال هذه المصفوفة، ويعتبر هذا جزءا من الحل والذي يكمن في النمذجة الحسابية للوباء.
وأضاف : ” أنشأنا نموذجاً حسابياً لهذا الوباء منذ بدايته للتنبؤ لأعداد أسرة المستشفيات ووحدات العناية المركزة المطلوب توفرها في كل وقت خلال هذه الجائحة وإحدى التحديات التي تواجه باحثي نمذجة الوباء هي ربط إجراءات التباعد الاجتماعي مع معدل انتشار الوباء، أو ما يعرف بـ R0 ما يستدعي منا التعمق فيما يحصل على أرض الواقع بما يخص ديناميكيات انتشار الوباء، ونحن نقوم بذلك من خلال تحليل تنقلات الناس “.
من جانبه قال الدكتور عمير حسن –باحث في مركز بحوث الطرق والمواصلات وسلامة المرور في جامعة الإمارات” إن ما نقوم به حالياً في المركز هو تحليل البيانات الضخمة التي ترصدها وسائل التواصل الاجتماعي لدراسة الجمهور وتنقلاتهم بين الأحياء ومختلف المناطق الجيوغرافية عبر منظومة النمذجة الرياضية والخوارزميات الحاسوبية الذكية.
البيان