أثار إعلان وزارة التربية والتعليم وجود ثلاثة سيناريوهات لديها لتطبيق التعليم عن بُعد، ردود أفعال متباينة بين ذوي الطلبة، انقسمت ما بين رافض للفكرة، وموافق على تطبيق التعليم الافتراضي بشروط، أبرزها تخفيض الرسوم الدراسية إلى النصف.
ووصف تربويون ردود أفعال ذوي الطلبة بشأن سيناريوهات التعليم عن بُعد بـ«الانفعالية»، وبأنها تفتقد النظرة البعيدة المرتبطة بمصلحة الطلبة ومتطلبات سوق العمل المستقبلية.
وتفصيلاً، أكد ذوو طلبة تقبلهم قرار تطبيق التعليم عن بُعد العام الدراسي المقبل في حال استمر وباء كورونا المستجد (كوفيد – 19)، ولم يتم التوصل لمصل مضاد للفيروس.
ولكنهم طالبوا، في هذه الحال، بتخفيض الرسوم الدراسية بنسبة لا تقل عن 50%، لكون المدارس لن تتحمل أي تكاليف تشغيلية، مشيرين إلى أن «دمج التعليم عن بُعد في منظومة التعليم يخفف من أعباء المدارس ويزيد أعباء الآباء والأمهات».
وأضافوا أن التوسّع في تطبيق نظام التعلم عن بُعد، بعد انتهاء أزمة «كورونا»، يمكن قبوله في حالات محددة، شريطة ألا يطغى على التعليم التقليدي في المدارس، بحيث يمكن تطبيقه خلال شهر رمضان من كل عام، وخلال الفترات التي تسبق الامتحانات، وتشهد غياباً جماعياً كل عام، إضافة إلى تطبيقه في الفترات التي تشهد طقساً سيئاً.
وقال ذوو طلبة، محمد نعيم، ومعتز علي، وأماني أحمد، وولاء مصطفى: «في حال ألزمتنا الظروف بالتعليم عن بُعد، كما هي الحال هذه الأيام، فمن غير المعقول أن نجازف بأطفالنا ونطالب بالدراسة التقليدية في المدارس. ولكن في حال انتهى الوباء، وعادت الأمور إلى طبيعتها، فلا يمكن تطبيق التعليم الإلكتروني في الظروف الطبيعية، خصوصاً أن هذا النوع من التعليم خُلق أساساً لتوفير نظام تعليمي في الظروف الاستثنائية للتغلب على تحديات المسافات البعيدة، والأحوال الجوية، وارتفاع الكلفة المالية للتعليم النظامي، وبالتالي لا يمكن أن يحل بديلاً عن نظام التعليمي بشكله المعهود».
وطالبوا الوزارة بأن تأخذ في الاعتبار أن «المدارس لا تقدم التعليم فقط، ولكن تقدم أيضاً النشاط الرياضي والاجتماعي، على عكس التعليم عن بُعد، الذي يضع الطالب في عزلة وخمول، خصوصاً أن أغلبية أسر طلبة المدارس الخاصة من المقيمين في الدولة، وأماكن السكن لا تتيح للطالب حرية الحركة، إضافة إلى أن نظام التعليم عن بُعد يحمّل ذوي الطلبة الجزء الأكبر من مسؤولية تعليم أبنائهم، ويحوّل المعلم إلى مجرد شخص يرسل الواجبات الدراسية ويتسلمها مرة أخرى لتصحيحها، فيما يتولى ولي الأمر الشرح لأطفاله ومتابعة تحصيلهم الدراسي».
وقالت ماجدة حسن، ومنى السيد، ومرام أحمد، إن التعليم عن بُعد زاد ارتباط أطفالهن بأجهزة الكمبيوتر والهواتف، وإن الأمهات هن من يتحمّلن العبء الأكبر داخل منظومة التعليم عن بُعد، وليس المعلمين، لأنهم لا يتواصلون مع الطلبة أكثر من 30 دقيقة يومياً، لتكليفهم بالواجبات.
وأكدن أن «المدرسة أفضل كثيراً من التعليم عن بُعد، من ناحية التعليم والاختلاط الاجتماعي وتحسين شخصية الأطفال».
ودعا ذوو طلبة، شادي الطرابلسي، ووداد عبدالحليم، وماري أيوب، وشيماء غسان، إلى تخفيض الرسوم الدراسية بما لا يقل عن 50% من الرسوم الحالية في حال تطبيق نظام التعليم عن بُعد العام الدراسي المقبل بنسبة 100%، لافتين إلى إمكان تحديد الجهات التعليمية ذات الاختصاص الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة بناء على جاهزية منظومة التعليم الإلكتروني لديها، وعدد ساعات التعليم التي تقدمها للطلبة يومياً.
في المقابل، أكد إداريون وتربويون في مدارس خاصة، أحمد ناظم، وسليمان السعيد، وعبير عبدالله، وشيرين جاب الله، وملاك رفيق، أن ردود أفعال الطلبة وذويهم بشأن سيناريوهات التعليم عن بُعد تتسم بالانفعالية، مشيرين إلى أن دمج منظومة التعليم التقليدي بأساليب التعليم عن بُعد، لا يعني الاستغناء عن الحضور إلى المدارس، وإنما تقسيم المهام والواجبات، وتقليل عدد ساعات اليوم الدراسي، التي يكرّر ذوو الطلبة شكواهم منها كل عام، والاستعاضة عن ذلك بتوفير برامج تعليمية إضافية محفزة للطلبة يمكن الاستفادة منها خلال وجود الطالب في المنزل.
كما أكدوا انسجامه مع متطلبات سوق العمل المستقبلية.
وتابعوا أنه يمكن من خلال توفير التعليم عن بُعد، التغلب على الفروق الفردية بين الطلبة عبر تقديم المعلمين تمارين إثرائية للأكثر تميزاً بينهم، وتسجيل الدروس بطريقة أبسط لمتعثرين. كما أنه يتيح الاستعانة بوسائل تعليمية مساعدة وفيديوهات تزيد من فهم الطلبة. ويوسع إشراك الآباء في العملية التعليمية.
من جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم، أن القرار المتعلق بشكل النظام التعليمي الذي سيطبق في العام الدراسي المقبل لايزال قيد الدراسة، مشيرة إلى اتخاذ القرار المناسب بناء على الوضع الصحي والإجراءات الاحترازية. وكانت وكيل الوزارة المساعد لقطاع العمليات المدرسية، فوزية غريب، كشفت، أول من أمس، عن وضع الوزارة ثلاثة سيناريوهات مستقبلية لمنظومة التعليم عن بُعد، ترتبط بحالة جائحة «كورونا». وبينت أن السيناريو الأول هو استمرار «كوفيد 19»، حيث سيكون التعليم الافتراضي عن بُعد بنسبة 100%، وسيكون التعليم الذكي هو محور التعليم في الدولة، أما السيناريو الثاني فهو المرحلة الانتقالية بعد نزوح الفيروس وتعافي الدولة الكامل منه، وستكون بصورة متدرجة حيث يعود التعليم المباشر بنسبة تراوح ما بين 30 و50%، أما السيناريو الثالث فهو عبارة عن خطة تطويرية تسعى إليها الوزارة في حال عودة الحياة إلى طبيعتها، وتتضمن دمج نوعين من التعليم، الأول هو التعليم المباشر والطبيعي (الصف الدراسي)، والثاني هو التعليم الافتراضي عن بُعد، ولكن سيتم ذلك بنسبة وتناسب، فقد يكون نسبة التعليم المباشر 70% والتعليم الافتراضي عن بُعد بنسبة 30%، حتى نستطيع أن نواكب التطوّر التكنولوجي والتحول إلى التعليم الرقمي في الدولة.
أصحاب الهمم
أكد ذوو طلبة أصحاب همم أن رسوم الدراسة لهذه الفئة ترتفع كثيراً عن رسوم الطلبة الآخرين، بسبب توفير احتياجات تعليمية خاصة لهم، ومدرس ظل، ومع تطبيق نظام التعليم عن بُعد، لم يعد هناك أي استفادة من الوسائل المساعدة، وبالتالي لا يحق للمدارس تحصيل رسوم دراسية أزيد من الرسوم الخاصة بالطلبة عموماً.
وأضافوا أن أبناءهم من أكثر الفئات تضرراً من التعليم عن بُعد، حيث فقدوا الميزة الأهم في التعليم بالنسبة لهم وهي الدمج مع أطفال أصحاء في مثل أعمارهم ليكتسبوا منهم مهارات تساعدهم على التحسن والاعتماد على أنفسهم مستقبلاً.
وأشاروا إلى أن دمج أطفالهم أصحاب الهمم، في الفصول الدراسية العادية يهدف بالدرجة الأولى إلى عدم عزلهم عن مجتمعهم ومحيطهم الأساسي الذي هو المدرسة، والعمل على علاج مشكلاتهم النفسية والسلوكية والاجتماعية، والعمل على تنمية قدراتهم الدراسية والحياتية.
تقييم «التعلم عن بُعد»
أكدت وزارة التربية والتعليم إجراء تقييم شامل لتطبيق منظومة التعلم عن بُعد للمدارس الحكومية في الدولة، والمدارس الخاصة في رأس الخيمة والفجيرة وعجمان وأم القيوين خلال شهري مايو الجاري ويونيو المقبل، بناءً على توصيات مجلس التعليم والموارد البشرية، مشيرة إلى اعتمادها المعايير والآليات الخاصة بالتقييم.
وأوضحت أن معايير التقييم، تشمل ثلاثة محاور رئيسة، تركز على عمليات التعليم والتعلم، والتنشئة الإيجابية للطلبة، ودور المدرسة وقيادة المدرسة في إدارة عمليات التعلم عن بُعد ومصادر التعليم عن بُعد، لضمان حصول الطلبة على فرص تعليمية مفيدة ومناسبة.
وأشارت الوزارة إلى تطبيق التقييم على المدارس الحكومية والخاصة في الدولة من خلال التنسيق مع الجهات التعليمية عبر استخدام المنصات الإلكترونية المتاحة.
ووفقاً للتقييم ستصنف المدارس بحسب فعالية تطبيقها منظومة التعلم عن بُعد، ومدى استفادة الطلبة، وجاهزية المعلمين.
الامارات اليوم