في الوقت الذي فرضت جائحة كوفيد-19 الإغلاق في معظم دول العالم، واجهت الحياة البرية قدراً أقل من الاضطراب البشري وحركة المرور والأبخرة الملوثة.

ويعد النحل البري أحد أهم الحشرات في عالمنا، إلا أن أعداد النحل تتناقص بسرعة في جميع أنحاء العالم بسبب فقدان الموائل والتلوث والمبيدات الحشرية.

وسيبدو العالم مختلفا تماما إذا كان خال من النحل، كما ستتغير حياتنا بشكل كبير، فالنحل هو أهم الملقحات في العالم، حيث يقوم بتخصيب ثلث الطعام الذي نتناوله و 84٪ من النباتات المزهرة، فما يقرب من 90% من أنواع النباتات المزهرة البرية في العالم تعتمد اعتمادا كلياً أو جزئياً على تلقيح حيواني، فضلا عن اعتماد أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية في العالم و 35% من الأراضي الزراعية العالمية عليه، وبالتالي فالملقحات تساهم بشكل مباشر في الأمن الغذائي، فضلا عن أنها مفتاح الحفاظ على التنوع البيولوجي.

وتبلغ القيمة الاقتصادية للنحل والحشرات الأخرى الملقحة عالميا حوالي 150 مليار دولار، وفقا لدراسة أجرتها جامعة ريدينج.

يتم الاحتفال سنويا منذ عام 2018، بيوم عالمي للنحل للتوعية بالدور الأساسي الذي يؤديه النحل وسواه من الملقحات للحفاظ على سلامة الأشخاص والكوكب، وموضوع هذا العام هو “العمل من أجل النحل”.

ونحتفل بهذا اليوم بفضل جهود حكومة سلوفينيا بدعم من الاتحاد الدولي لرابطة مربي النحل (Apimondia)، وهو ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إعلان 20 مايو اليوم العالمي للنحل.

وتم اختيار هذا التاريخ كونه يصادف اليوم الذي ولد فيه أنتون جانسا، وهو رائد في مجال تربية النحل الحديثة. وينتمي جانسا إلى أسرة تعمل في مجال تربية النحل في سلوفينيا حيث تشكل تربية النحل نشاطاً زراعياً هاماً وعريقاً.

النحل في ظل جائحة كوفيد-19

كان أحد أكبر الآثار البيئية للإغلاق العالمي هو الانخفاض الكبير في تلوث الهواء، حيث يقلل تلوث الهواء بشكل كبير من قوة وطول عمر الروائح الزهرية، وفقاً لدراسة عام 2016 تحلل الملوثات جزيئات الرائحة المنبعثة من النباتات، مما يجعل من الصعب على النحل اكتشاف الطعام، وهذا يعني أنه غالبا ما ينتهي المطاف بالنحل إلى الطيران أكثر للعثور على الطعام وإعادته إلى أعشاشه.

ووجدت الدراسة أن تركيزات الأوزون التي تبلغ 60 جزءا في المليار، والتي تصنفها وكالة حماية البيئة الأميركية على أنها “منخفضة”، كانت كافية لإحداث تغييرات كيميائية تربك النحل وتمنعه من البحث عن الطعام بكفاءة.

وقال أستاذ الإيكولوجيا التطورية في جامعة هولواي الملكية في لندن مارك براون: “في عالم يعيش بظل تلوث أقل للهواء، يمكن للنحل أن يقوم برحلات أقصر وأكثر ربحية، وقد يساعدهم ذلك في تربية المزيد من النحل الفتي.

كما أن عدد سيارات أقل على الطرق يعني فوائد أخرى للنحل أيضا، فمن المرجح أن تنخفض وفيات النحل والدبابير​​ مع انخفاض رحلات السيارات أثناء الإغلاق، حيث قدرت دراسة أجراها باحثون كنديون عام 2015 أن 24 مليار نحلة ودبور تقتلها المركبات على الطرق عبر أميركا الشمالية كل عام.

هل يستفيد النحل كلياً من الإغلاق؟

يعتمد النحل التجاري في كندا والعديد من الدول الأوروبية بشكل كبير على العمال الموسميين وعلى استيراد ملكة النحل من جميع أنحاء العالم لتجديد مستعمراتهم وهو أمر يكافحون من أجله بسبب قيود السفر المفروضة، ووفقا لرئيس الاتحاد الدولي لمربي النحل “Apimondia” جيف بيتيس، تحصل المملكة المتحدة ، على سبيل المثال، على العديد من نحل العسل من إيطاليا وعادة ما يتم نقل النحل بالطائرة، ولكن منذ توقف الرحلات، يتم نقل النحل عبر القارة بالسيارات، وإذا لم يتمكن النحّالون من العثور على العمال لإنتاج العسل، فستصبح المستعمرات مزدحمة، وهذا يعني أن النحل سينقسم ويتسرب لتشكيل مستعمرات جديدة، الأمرا لذي يجعل إدارتها صعبة للنحالين.

وعلى سبيل المثال، هناك حاجة إلى حوالي مليوني مستعمرة نحل لإنتاج اللوز في كاليفورنيا وحدها، وتزهر أشجار اللوز في فبراير ومارس، وبحلول أبريل يتم نقل خلايا النحل التجارية الزائرة إلى أجزاء أخرى من البلاد لتلقيح المحاصيل المختلفة، وقد استغرق هذا الانتقال فترة أطول هذا العام حيث تم إبلاغ بعض السائقين بضرورة الحجر الذاتي لمدة 14 يوما عند عبور حدود الدولة، وهو ما شكل تحديا كبيرا وأخر عملية الإنتاج والتلقيح.

ضرورة الشروع في العمل

يواجه النحل تهديدا وجوديا، فهناك تزايد في معدلات انقراض الأنواع الموجودة من 100 إلى 1000 مرة عن المعدل الطبيعي بسبب الآثار البشرية، ويواجه مايقرب 35% من الملقحات اللافقارية، وبخاصة النحل والفراشات، و 17% من الملقحات الفقارية، مثل الخفافيش، تهديد الانقراض على مستوى العالم.

وإذا تواصل هذا السياق، ستستبدل محاصيل أساسية مثل الأرز والذرة والبطاطس بالمحاصيل المغذية مثل الفواكه والمكسرات والعديد محاصيل الخضروات، مما يؤدي في النهاية إلى نظام غذائي مختل.

كما أن ممارسات الزراعة المكثفة، وتغيير استخدام الأراضي، وزراعة المحاصيل الأحادية، واستخدام المبيدات الحشرية وارتفاع درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ، تشكل في مجملها تحديات لمستعمرات النحل، مما يؤثر بالتالي في جودة الأغذية التي نزرعها.

سبعة أغذية تعتمد على النحل

يلقح النحل ثلث ما نأكله ويلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على النظم البيئية على كوكب الأرض، فنحو 84٪ من المحاصيل المزروعة للاستهلاك البشري في حاجة للنحل أو الحشرات الأخرى لتلقيحهم لزيادة الغلة وجودتها. وقد لاتؤدي نحلة التلقيح فقط لإنتاج كميات أكبر من الفواكه والتوت والبذور، ولكن أيضا قد تعطي جودة أفضل للمنتجات.

ومن المنتجات التي تعتمد على النحل: اللوز- اليقطين- البصل- الفراولة – التوت- الخيار- التفاح.

 

الإمارات اليوم