خصص أطباء حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و«تويتر»، و«إنستغرام» منذ ظهور فيروس «كوفيد-19»، لنشر التوعية وتفنيد الشائعات والمعلومات المغلوطة حول الجائحة، وذلك بعد رصدهم انتشار أخبار مفبركة، وشائعات تسعى إلى بث الخوف والذعر في النفوس، بعدما أشاعت الأزمة حالة من القلق، دفعت بكثيرين للتشبث بأية معلومة، وإن تكن غير صحيحة.
وحوّل أطباء حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحليل نسب الإصابة ومؤشر انحسار الفيروس في الدولة، وتكرار التوعية الواجب اتخاذها مع عودة النشاط الاقتصادي وتقليل زمن تقييد الحركة.
كما أنشأ بعضهم قنوات على «يوتيوب»، للتوعية والردّ على الاستفسارات الطبية المتعلقة بتخصصاتهم، خصوصاً أن العديد من الأسر متخوفة من الذهاب إلى المستشفى، ما دام الأمر غير طارئ.
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم»، جهوداً بذلها أطباء لمحاربة الشائعات الصحية، إذ حولوا حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عيادات ذكية ومنصات توعية بالإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها لمنع انتشار «كوفيد-19»، بجانب مكافحة الشائعات التي تتعلق بالفيروس، في ظل انتشارها وتسببها بحالة من الخوف والقلق بين أفراد المجتمع، وتطور منشورات الأطباء وفقاً لمؤشر انتشار الفيروس حتى تتواكب نصائحهم مع الوضع على الأرض وتتماشى مع القرارات الرسمية.
وتضمنت أبرز الشائعات التي فندها الأطباء، أن الكمامات تتسبب في انخفاض نسبة الأوكسجين في الدم والدماغ والتسمم بثاني أكسيد الكربون، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وفقدان الوعي، فضلاً عن الأضرار النفسية والاجتماعية والبيئية، وشائعة «(كورونا) فيروس مخلق تستخدمه بعض الدول كسلاح ضد بقية دول العالم»، مدللة على ذلك بانتشار تظاهرات في بعض الدول الأجنبية دون أي حساب أو مخاوف من انتشار الفيروس، إضافة إلى الفيديوهات المروجة للأسبرين على أنه علاج لـ«كورونا».
وأكد أخصائي جهاز هضمي أطفال، في مدينة الشيخ خليفة الطبية، وأحد مسؤولي الرعاية الطبية لمرضى العزل، الدكتور نافع الياسي، عبر حساباته على موقعي التواصل الاجتماعي «إنستغرام» و«تويتر»، أهمية استغلال منصات التواصل الاجتماعي، في التوعية ورصد أي شائعة وتفنيدها، بالإضافة إلى إنتاج فيديوهات توعية حول مستجدات الفيروس.
وأوضح الياسي لـ«الإمارات اليوم» أن حساباته الشخصية تتيح له التواصل مع عدد أكبر من الناس، لذلك يستغل وقت فراغه في بث رسائل التطمين إلى متابعيه، وإعادة نشر المعلومات الصادرة من الجهات الصحية للتأكيد على أهمية اللجوء إلى المصادر الموثوقة عند أخذ التعليمات الأساسية، التي تدحض الشائعات، بجانب نشر المعلومات الدقيقة الخاصة بالمرض، التي تدخل في نطاق تخصصه العلمي.
وقال: «تصلني أسئلة لا تدخل ضمن إطار تخصصي الطبي، فأعتذر عن عدم الإجابة، خصوصاً أن المعلومات ما لم تكن موثقة فمن الأفضل عدم نشرها»، مشيراً إلى أن «السوشيال ميديا وسيلة تواصل واسعة الانتشار، يجب الاستفادة منها بدلاً من تركها تتحول إلى أداة لنشر الشائعات، والمعلومات المغلوطة التي تؤثر بالسلب في المجتمع».
وقال طبيب الطوارئ، محمد البلوشي، إن «محاربة انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة في الإعلام الجديد لا تقل أهمية عن محاربة الفيروس في المستشفيات، حيث تلعب الشائعات دوراً كبيراً في انتشار المرض سواء من خلال إثارة الزعر والبلبلة، أو رفع التوقعات وتشجيع الأفراد على العودة لممارسة حياتهم بالشكل الذي كانت عليه قبل ظهور فيروس كورونا، وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها».
وأضاف أن «الشائعات لها وجهان، الأول هو الخوف والفزع، والوجه الثاني الاستهتار والاستهانة، وكلاهما أشد من الفيروس نفسه، لذلك يسعى الأطباء إلى استغلال حالة الثقة المجتمعية التي يحظون بها لنشر التوعية، استناداً إلى الحقائق والمعلومات الصادرة من الجهات ذات الاختصاص، والمنظمات البحثية الموثوق بها»، مشيراً إلى أن «حسابات أغلبية الأطباء تحولت منذ ظهور فيروس كورونا إلى منصات توعية، خصوصاً أنهم يتلقون عشرات الأسئلة يومياً من المتابعين، ويُشكل الردّ عليها نشرة توعوية يومية».
وقالت طبيبة أمراض النساء، مي محمد: «يحتم علي واجبي كطبيبة محاربة الشائعات ونفيها وتقديم معلومات ونصائح موثوق بها، وصادرة من جهات رسمية، ولا يوجد وسيلة حالياً أفضل من مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع أكبر عدد من الأفراد، خصوصاً أن حساب أي طبيب على السوشيال ميديا يحظى بآلاف المتابعين، ما يساعده على نشر المعلومات الصحيحة وتفنيد الشائعات».
وأضافت: «أسهم انتشار جائحة (كورونا) بالعالم، في ظهور الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي حول الفيروس ومسببات العدوى وطرق علاجه، وبعضها يشار إليه على أنه دراسات عالمية أو أقوال علماء ومسؤولين، لذا تتضمن المسؤولية المجتمعية للأطباء تفنيد الشائعات وتأكيد الأخبار التي تكون بحاجة إلى تأكيد، لإيصال المعلومة الموثوقة إلى المتابعين».
وأشارت إلى أن المعلومات المغلوطة المنتشرة ليست كلها سلبية ولكن هناك معلومات في شكلها الظاهر إيجابية، وخطورتها قد تزيد على الشائعات السلبية، ومنها على سبيل المثال الحديث حول اندثار الفيروس وزوال خطره، ما يشجع أفراد المجتمع في حالة عدم مواجهة هذه الشائعة على التخلي عن الإجراءات الاحترازية ويهدد بعودة انتشار الفيروس بشكل أكبر بعد نجاح الدولة عبر منظومتها الصحية المتطورة ومجهودات خط الدفاع الأول في السيطرة على الفيروس ومحاصرته.
وقالت أخصائية الأطفال، الدكتورة هالة حبيب، إن على الأطباء التواصل مع أفراد المجتمع لتوضيح حقيقة المرض وطرق الوقاية، خصوصاً في هذا التوقيت الحساس، مشيرة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت الوسيلة الأكثر انتشاراً بين فئات المجتمع، وهي بالتالي تسهل التواصل مع الجمهور.
الامارات اليوم