قبل 13 مليون سنة قضم تمساح الساق الخلفية لحيوان الكسلان بالقرب من نهر نابو في بيرو، تاركا وراءه 46 أثرا لأسنانه كدليل.

وقد تمكن باحثون مؤخرا من إعادة بناء لمكان الهجوم بعد تحليل عظم الساق الخلفية للكسلان، بحسب “يورونيوز”.

مؤلف الدراسة رودولفو سالاس خيسموندي أشار في رسالة بالبريد الإلكتروني، إلى أن ذلك التمساح القديم يملك قوة عض تبلغ سبعة أطنان، أي أكثر من أربعة أضعاف أقوى عضة تم قياسها على الإطلاق في مملكة الحيوان.

وتعتبر عضة تمساح المياه المالحة الحديث “كروكوديلوس بوروسوس”، الذي تبلغ قوته 1.6 طن ثاني أقوى عضة عرفها العلماء.

وحسب عمليات البحث فالسنّ الذي تمّ العثور عليه هو الأكبر، وقد أكد سالاس خيسموندي، عالِم الحفريات بمختبر “بيو جيو للعلوم” التابع لجامعة بيروانا كايتانو هيريديا في ليما بالبيرو: “كانت العضة قوية جدًا لدرجة أن العديد من الأسنان اخترقت عظم القصبة وأتلفت أجزاء واسعة من العظم القشري”، مما تسبب في مقتل الكسلان.

هذا الدليل الأحفوري هو نظرة نادرة على العلاقة بين الحيوانات المفترسة وفرائسها التي عاشت فيما مضى بمنطقة الأمازون، أو بالمنطقة المحيطة بنهر الأمازون في أمريكا الجنوبية، منذ ملايين السنين.

وقال سالاس خيسموندي في رسالة بالبريد الإلكتروني: “إن عظم الساق المكتشف في منطقة الأمازون البيروفية تعود لأول حيوان ثديي يحمل علامات أسنان تمساح، وبالتالي فهو مهم لفهم ديناميكية النظم البيئية القديمة”، مضيفا: “هذه لقطة غير عادية لسلوك التغذية لأكبر حيوان مفترس غير بحري منذ انقراض الديناصورات غير الطائرة، لقد استعدنا الآلاف من العظام الأحفورية من هذه المواقع الأمازونية، وحتى الآن، فقصبة الكسلان هي فقط العظام مع أثار عضّ الأسنان التي اكتشفناها”.

تم العثور على أحفوريات لساق تالفة للكسلان في العام 2004 من قبل فرانسوا بوخوس، مؤلف مشارك في الدراسة وعالم حفريات متخصص في تطور الكسلان الأرضي في المعهد الأرجنتيني “دي نيفولوجيا” في مندوزا، الأرجنتين.

وبينما كان يستكشف النتوءات الصخرية على طول نهر نابو في البيرو، اكتشف بوخوس أن الصخور كانت مليئة بالعظام، وجمع عظمة الساق، مفتونا بعلامات الأسنان على العظم، لكنه وزملاءه الباحثين لم يكونوا متأكدين مما قد يكون سبب الضرر، لم يكن معروفا في ذلك الوقت سوى القليل عن الحيوانات التي عاشت في المنطقة، لذلك تم تخزين الحفرية في قسم علم الحفريات الفقارية في متحف التاريخ الطبيعي في ليما حيث يعمل سالاس خيسموندي أيضا كمنسق.

قام فريق بحثي يضم علماء فرنسيين وبيروفيين وأمريكيين بدراسة منطقة تكوين بيباس لمدة 15 عاما، واكتشفوا الحيوانات التي عاشت هناك من قبل من خلال دراسة العظام.

كانت البحيرات والمستنقعات موطنا مثاليا للتماسيح القديمة وتماسيح الكايمان منذ ما بين 11 مليون و 20 مليون سنة. وقال سالاس خيسموندي، إن فريق البحث أدرك أنه في العام 2019، كانوا “على استعداد لمعرفة من قتل هذا الكسلان الأرضي”.

وقال: “وجدنا أن علامات الأسنان في الساق تتطابق مع تشريح وأسنان الحيوان المفترس” في إشارة إلى التمساح العملاق “بوروصوروس”. وقد تمّ نشر الدراسة يوم الثلاثاء في مجلة “رسائل علم الأحياء”.

يمكن أن يصل طول “بوروصوروس” إلى 33 قدما في مرحلة البلوغ، لكن الباحثين يعتقدون أن الحيوان محلّ الدراسة كان صغيرا ويبلغ طوله حوالي 13 قدمًا، وقد خرج من المستنقع وهاجم الساق الخلفية لكسلان أرضي كان ربما يبحث عن النباتات على ضفاف المستنقع، من المحتمل أن يزن الكسلان الأرضي حوالي 176 رطلاً، وهو مماثل في الحجم لقوارض الكابيبارا الحديثة، وهي أكبر قوارض حية حديثة يمكن العثور عليها في أمريكا الجنوبية.

وحسب الباحثين لم يكن الكسلان القديم يتحمل عضة الـ “بوروصوروس” اليافع، التي تركت حفرا وثقوبا عميقة في عظم ساقه، وإذا كان الكسلان قد نجا، فسيكون هناك دليل على تجديد عظامه.

لم يستبعد الباحثون احتمال أن تكون علامات العض قد حدثت بعد وقت قصير من الموت حيث قام “بوروصوروس” بتمزيق جثة حيوان الكسلان، وفي هذا الشأن قال الباحثون إن أسنان الـ “بوروصورس” تطابق العلامات الموجودة على العظم المتحجر.

ومن بين الحيوانات المفترسة الأخرى التي كانت تعيش في أمريكا الجنوبية في ذلك الوقت الجرابيات والتماسيح والطيور العملاقة التي لا تطير، الطيور لم يكن لديها أسنان، كما أن علامات عض الأسنان الجرابية لا تتطابق مع تلك الموجودة على العظام، لذا قام الباحثون بتحليل أسنان من أنواع مختلفة من التماسيح القديمة والكايمان لمعرفة أيها يتناسب بشكل أفضل مع تلك التي تمّ العثور عليها.

تتطابق أسنان “بوروصوروس” القوية والمخروطية الشكل مع الثقوب العميقة والكبيرة على العظام، حتى إن أجزاء من العظم قد انهارت تحت تأثير العضة، فقد كان “بوروصوروس” أكبر الحيوانات المفترسة في هذه البيئة في ذلك الوقت.

تتعرض معظم التماسيح لتغيير في النظام الغذائي أثناء نموها، فحديثة الولادة تأكل الحشرات والعناكب، ثم تتغير قوة عضتها، مما يعني أن الأحداث والبالغين لديهم القدرة على اصطياد الثدييات والسلاحف.

 

 

البيان