أفاد وزير التغير المناخي والبيئة، الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، بأن الفترة القليلة المقبلة ستشهد إطلاق مبادرات ومشروعات تستهدف تدريب ورفع وعي فئة الشباب بكيفية إنشاء مشروعات المزارع الحديثة (للإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي)، كمشروع متكامل بداية من مراحل إنشاء المزرعة وتجهيزها، وصولاً إلى تسويق المنتجات في السوق المحلية بطرق وآليات تضمن له المنافسة، مشيراً إلى أن «عمليات التدريب ستشمل التحفيز على استخدام حلول الطاقة المتجددة في تشغيل المزارع بديلاً عن إمدادات الطاقة التقليدية».
وقال لـ«الإمارات اليوم»: إن «الوزارة ستعمل على تعزيز عمليات تسويق المنتجات الغذائية المحلية عبر شراكات مع القطاع الخاص تضمن تحقيق أعلى مردود مالي لرواد الأعمال والمستثمرين، بشكل يشجعهم على التوسع ويضمن استمراريتهم».
وأضاف: «يصل عدد المزارع الحديثة (المائية) المسجلة لدى الوزارة على مستوى الدولة إلى 12 مزرعة، وتسهم نظم الزراعة الحديثة في خفض استهلاك المياه بنسب تراوح بين 70 و90%».
وأكد النعيمي أن التوجهات المستقبلية التي تعمل عليها دولة الإمارات ستركز على دمج العمل المناخي في الاستراتيجيات والخطط، بشكل يضمن تعزيز جهود خفض انبعاثات الكربون، وزيادة قدرة القطاعات كافة على التكيف مع تداعيات التغير المناخي.
وأشار إلى أن القطاع الزراعي يمثل أحد أهم القطاعات التي يتم التركيز على تطوير أدواتها وأساليبها لتواكب توجهات العمل من أجل المناخ عبر اتجاهين رئيسين: يشمل الأول تعزيز نشر واستخدام نظم الزراعة الحديثة المستدامة (الزراعة المائية والعمودية)، وتحفيز ريادة الأعمال لفئة الشباب في هذا النوع من النظم الزراعية، وتعزيز استخدام وتوظيف المزارعين (الذين يطبقون نظم الزراعة التقليدية) للتقنيات الحديثة في مزارعهم – من خلال خدمات الإرشاد – ما يضمن الحفاظ على الموارد وتحقيق استهلاك مستدام لها ويرفع الإنتاجية ويضمن جودتها وكفاءتها.
ولفت إلى أن الوزارة عملت على تطوير خدمات الإرشاد الزراعي والبيطري لتضمن مرونتها واستمراريتها ووصولها دورياً للمتعاملين بما يخدم توعيتهم بأفضل سبل تعزيز سلامة الغذاء، وزيادة الإنتاجية، وتوظيف التقنيات الحديثة وتطبيق نظم الزراعة، وتربية الثروة الحيوانية والمزارع السمكية الحديثة.
ويأتي في إطار جهود الوزارة، إصدار التشريعات والخدمات المنظمة لمدخلات الإنتاج لنظم الزراعة الحديثة من حيث الاستيراد والإنتاج والتداول والاستخدام، وتطوير وتنفيذ برامج بناء القدرات والإرشاد للمزارعين والمهتمين بتبني نظم الزراعة الحديثة، ويتم من خلال عقد الورش التدريبية والمحاضرات والأيام الحقلية والتطبيقات الإلكترونية الإرشادية المتخصصة، وعقد مذكرات تفاهم مع القطاع الخاص لتعزيز تبني وتطوير نظم الزراعة الحديثة في الدولة، مع التركيز على عنصر الشباب في هذا المجال، الذين نعتبرهم مزارعي المستقبل، وتقييم التقنيات التي يقدمها القطاع الخاص مثل تقنية الزراعة العمودية والزراعة العضوية والنظم الموفرة للمياه والطاقة، ووفقاً لنتائج التقييم يتم تعميمها على المزارعين، وتنفيذ برنامج دعم مستلزمات الإنتاج، الذي يتضمن مواد مخصصة لنظم الزراعة الحديثة، وتنفيذ الأبحاث التطويرية من خلال مبادرة تسمى دعم الممارسات المبتكرة بالمجالات الزراعية، والتي تهدف إلى اختبار وتعزيز تبني أفضل نظم الزراعة الحديثة بما يناسب الظروف البيئية للدولة، ورعاية الفعاليات الخاصة بنظم الزراعة الحديثة.
أمّا الاتجاه الثاني فيختصّ بتطوير وتكثيف عمليات البحث العلمي والتعاون مع المؤسسات والمنظمات المحلية والعالمية المتخصصة في المجال الزراعي وتربية الثروة الحيوانية والمزارع السمكية، بهدف إيجاد حلول ابتكارية تضمن زيادة حجم الإنتاج الزراعي وتعزيز قدرته على التكيف مع تداعيات التغير المناخي.
وأوضح أن الوزارة تعمل على إجراء البحوث والدراسات – عبر فرق عملها المتخصصة – لتطوير نظم زراعية وسلالات محاصيل قادرة على التكيف مع طبيعة الأجواء الصحراوية للدولة وتأثيرات التغير المناخي وتحقيق إنتاجية جيدة.
وتحرص على التعاون والتنسيق والشراكة مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية ومؤسسات القطاع الخاص، لضمان تبادل وتطوير التجارب.
وتضم جهود الوزارة لتطوير نظم زراعة ومحاصيل ملائمة مناخياً تنفيذ خطة للأبحاث الزراعية ضمن مبادرة دعم الممارسات المبتكرة بالمجالات الزراعية (الخضراوات والفواكه والتمور والمحاصيل الحقلية)، تتضمن سبعة أنشطة بحثية كأهم الأبحاث ذات الأولوية، بما يتواءم مع الظروف المناخية في الدولة، وتتعلق بالنخيل والفاكهة والخضراوات ومكافحة الآفات الزراعية ونظم الزراعة المغلقة والمحاصيل المقاومة للملوحة. ويتم التركيز في هذه الأبحاث على اختبار المحاصيل المقاومة للملوحة والحرارة وأثر التغير المناخي. ووفقاً لهذه المبادرة، يتم تقييم المحاصيل والممارسات الزراعية الملائمة مناخياً وتعميم نتائجها على المزارعين. كما يتم تعزيز التعاون مع المراكز الوطنية والمعاهد البحثية الإقليمية والدولية في تنفيذ الأبحاث مثل المركز الدولي للزراعة الملحية والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة ICARDA، كما يتم التوسع في التعاون على المستوى الدولي (مثل مشروع التعاون مع الجانب الكوري على أبحاث عدة، منها تقييم زراعة وإنتاج الأرز محلياً)، وتنفيذ مشروع بحثي يهدف إلى تطوير تقنيات الإنتاج المبتكرة للطحالب التي تجمع من البيئة الإماراتية في محطات مصغرة صممت على شكل «البارجيل» التراثي ضمن حرم الوزارة، لتعزيز جهود الاستدامة في مجالات البيئة والطاقة والمناخ والإنتاج الزراعي.
وقال النعيمي إن الوزارة عملت على تطوير منظومة الفحص والرقابة على المنتجات الغذائية (الزراعية والحيوانية) المستوردة والمنتجة محلياً لضمان أعلى معايير سلامة الغذاء، حيث طورت قدرات المختبرات التابعة لها، ومراكز الفحص والحجر الصحي الملحقة بمنافذ الدولة، ورفعت القدرة الاستيعابية لعدد كبير منها لضمان مرونة وسرعة الخدمات.
يُذكر أن عدد المنتجات الغذائية التي سجلت في النظام الاتحادي الإلكتروني لتسجيل واعتماد الأغذية (زاد)، حتى أغسطس 2020 بلغ نحو 840 ألف صنف غذائي، تشمل اللحوم ومنتجاتها والألبان ومنتجاتها، إضافة إلى أصناف غذائية متنوّعة ومختلفة، مثل الحبوب والزيوت والمنتجات المصنعة.
عالم خالٍ من الانبعاثات الكربونية
أفاد الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، بالتزام وزارة التغير المناخي والبيئة الدولي بخفض الانبعاثات الكربونية ضماناً للحفاظ على كوكب الأرض، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، مشيراً إلى أن القطاعات كافة، ومنها قطاع الزراعة، تسهم بنسب متفاوتة في البصمة الكربونية.
وأوضح أن توجه الوزارة لتعزيز الابتكار وتوظيف التقنيات الحديثة، والتوسع في استخدام وتطبيق نظم الزراعة الحديثة، من شأنه المساهمة في خفض الانبعاثات التي يخلفها هذا القطاع، وفي تحقيق التوجهات المستقبلية نحو عالم خالٍ من الكربون.
الامارات اليوم