حققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً بنسبة 44.2% خلال العام الماضي 2020 مقارنة بعام 2019، حيث بلغت 19.88 مليار دولار وذلك على الرغم من تداعيات جائحة “كوفيد-19” التي ألقت بظلالها على حجم الاستثمار والتجارة واقتصادات العالم. وارتفع الرصيد التراكمي لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل لنحو 174 مليار دولار، محققاً نمواً بنسبة 12.9% خلال الفترة ذاتها.
وشملت هذه الاستثمارات كافة القطاعات والانشطة الاقتصادية، فيما ركزت على قطاعات النفط والغاز حيث أبرمت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” صفقات وشراكات استثمارية ضخمة مع عدد من الشركات الأجنبية ساهمت في تحقيق هذا النمو، كما ركزت الاستثمارات على القطاعات التي تخدم التقنيات الحديثة التي يقوم عليها الاقتصاد الرقمي مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين، والتقنيات الطبية المبتكرة ووسائل النقل الفائقة السرعة والواقع الافتراضي المعزز والروبوتات والسيارات الذاتية القيادة والطاقة المتجددة والابتكار والتكنولوجيا والزراعة وغيرها.
أما على صعيد تدفقات الاستثمارات الاماراتية الصادرة إلى العالم فقد بلغت خلال عام 2020 نحو 9.2 مليار دولار، وأثبتت كفاءة عالية في الأسواق الإقليمية والدولية، وفي مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية حيث تعد استثمارات استراتيجية نوعية تتسم بالديمومة، واستطاعت الشركات الاماراتية تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني في عدد من الصناعات والخدمات العالمية المتقدمة مثل صناعة الطيران وخدمات النقل الجوي والموصلات والتعدين، بالإضافة إلى التقدم الكبير الذي حققته في مجال الطاقة المتجددة، فضلاً عن قطاع العقارات والانشاءات، قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قطاع النفط والغاز الطبيعي، قطاع الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، القطاع اللوجستي والموانئ والبنى التحتية، قطاع السياحة والفنادق والترفيه والطيران، القطاع المصرفي والقطاع الزراعي.
وقال وزير الاقتصاد،عبدالله بن طوق المري : “إن المشهد الاستثماري والاقتصادي في دولة الإمارات نجح في تحقيق مرتبة متقدمة عالمياً فضلاً عن صدارته إقليميا، وذلك بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، ، حيث واصلت الدولة التقدم في المؤشرات العالمية الخاصة بتدفق الاستثمارات الأجنبية وسهولة ممارسة الأعمال. ومرة أخرى تؤكد أرقام تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى الدولة خلال العام الماضي صحة النهج الحكومي والسياسات والخطوات الجاري اتخاذها لتعزيز مرونة وجاذبية بيئة الأعمال عبر منظومة متكاملة من السياسات والإجراءات والتي ترتكز على التحديث المستمر للأطر التشريعية والتنظيمية ومواصلة إطلاق مبادرات الدعم الحكومي الرامية إلى تحسين أداء مختلف القطاعات، وتحفيز الاقتصاد الوطني وتسريع وتيرة انتعاشه وتعافيه. وسنواصل المضي قدماً في تطوير مبادرات من شأنها رفع كفاءة بيئة الاستثمار وزيادة الفرص خاصة في القطاعات ذات الأولوية وتعزيز ثقة المستثمرين ورجال الأعمال والعمل على توحيد الجهود على المستويين الاتحادي والمحلي لترسيخ مكانة وتنافسية الدولة إقليميا وعالميا.
وأوضح بن طوق أن التقدم الذي احرزته دولة الإمارات في مؤشر جذب الاستثمارات الأجنبية، يؤكد على النظرة الايجابية والثقة لدى المستثمرين، المستندة على الالتزام الحكومي القوي بالتنوع الاقتصادي والابتكار والبنية التحتية وسهولة ممارسة الأعمال، وهو دليل جديد على مدى قوة ومتانة اقتصاد الدولة وقدرته على تخطي التحديات التي تتخلل المشهد الاقتصادي العالمي اليوم، وكفاءته في مواكبة ومواجهة الطوارئ والأزمات والمتغيرات العالمية وتحقيق الاستجابة السريعة لها.
ومن ناحيته، قال وزير دولة للتجارة الخارجية،ثاني بن أحمد الزيودي: “إن المكانة التي تحتلها دولة الإمارات في المؤشرات العالمية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتاج رؤية واضحة تبنتها قيادتنا الرشيدة لتعزيز مكانة الإمارات كوجهة استثمارية عالمية، وهذا ما تعكسه سياسات الدولة لتنمية الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ تحرص الدولة على صياغة استراتيجيات تعزز ريادتها في استقطاب الاستثمار النوعي الذي يدعم خطط التنمية القائمة على الابتكار والمعرفة والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، وفقاً للأجندة الوطنية 2021، ومئوية الإمارات 2071″.
وأشار إلى أن النمو الذي حققته الدولة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر يعكس ثقة المجتمع الدولي في بيئتها الاستثمارية، ويؤكد الخطى السديدة لسياسات الانفتاح التجاري والاستثماري التي تنتهجها الدولة، مبيناً أن الدولة تتمتع بمزيد من الفرص لجذب الاستثمارات لاسيما في ظل التعديلات الأخيرة على قانون الشركات التجارية، والذي يتوقع أن يكون لها أثراً ملموساً على المدى البعيد على تدفقات وجودة الاستثمارات الأجنبية والمحلية ومجمل عملية النمو الاقتصادي بأبعادها المختلفة في الدولة، حيث سيساهم في تعزيز انفتاح مناخ الاعمال في الدولة وزيادة قدرته التنافسية على استقطاب المزيد من الاستثمارات أجنبية في القطاعات الاقتصادية الجديدة، بالإضافة إلى تنويع وتنمية قاعدة القطاعات الاقتصادية الغير نفطية، كما ستعزز تنمية حركة الأسواق وخلق فرص عمل جديدة وتطوير المهارات والكوادر البشرية، فضلاً عن زيادة ثقة المستثمرين الأجانب، وتوفير فرصة أكبر لإقامة شراكات حقيقية بين المستثمر الوطني والمستثمر الأجنبي.
تقدمت الإمارات من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بمقدار 3 مراتب عما كانت عليه في عام 2018 وحلت في المرتبة 24 على المستوى العالمي خلال عام 2019، في حين حلت الامارات في المرتبة الاولى على مستوى منطقة غرب آسيا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مستحوذة بذلك على ما نسبته 49.4% من اجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي الداخل الى دول منطقة غرب اسيا للعام 2019، في الوقت الذي حافظت على مرتبتها الـــ 19 عالمياً لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارج منها وإلى دول العالم، وذلك وفقاً لتصنيف الاونكتاد من خلال تقرير الاستثمار العالمي 2020”.
وتوزع رصيد الاستثمارات الاجنبية المباشرة الواردة إلى دولة الإمارات حتى مطلع عام 2020 بحسب القارات وفقاً للأهمية النسبية كالتالي: آسيا، ثم أوروبا، تلتها أمريكا الشمالية، ثم أفريقيا. وأما على صعيد الدول فتأتي في المقدمة المملكة المتحدة وآيرلندا الشمالية، وفي المرتبة الثانية الهند، والثالثة الصين، والرابعة الجزر العذراء البريطانية، والسعودية خامساً، ثم سويسرا، تليها فرنسا، ثم هولندا، وأمريكا، واليابان.
أما عن القطاعات التي توزع فيها رصيد الاستثمارات المباشرة الواردة إلى الدولة حتى مطلع 2020، فجاءت تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات والدراجات النارية في المرتبة الأولى، والأنشطة العقارية في المرتبة الثانية، فيما جاءت الأنشطة المالية وأنشطة التأمين في المرتبة الثالثة، والتعدين واستغلال المحاجر في المرتبة الرابعة، ثم الصناعة التحويلية في المرتبة الخامسة، تلتها قطاع التشييد، ثم الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية، ثم قطاعات إمدادات الكهرباء والغاز والبخار وتكييف الهواء، والنقل والتخزين، ثم المعلومات والاتصالات.
ومن الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة حلت في المرتبة الأولى عربياً وإقليمياً والخامسة عشر عالمياً في المؤشر كيرني للثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الجاري 2021، متقدمة 4 مراتب مقارنة بالعام الماضي 2020، ومتفوقة بذلك على عدد من الاقتصادات العالمية الكبرى ضمن الترتيب العام للمؤشر مثل سنغافورا واستراليا والبرتغال والدنمارك وايرلندا والبرازيل وفنلندا.
ويذكر أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “اونكتاد” كان قد قدر انخفاض حجم التدفقات الإجمالية للاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم خلال عام 2020 بنسبة تراجع تبلغ 42% وكذلك الامر بالنسبة لمجموعة دول غرب آسيا بنسبة تراجع قدرت بنحو 24% بسبب اجتياح فيروس كورونا للعالم وحالات الاغلاق الكاملة والجزئية في بعض دول العالم، إلا أن دولة الإمارات أبت الانسياق لهذا الانخفاض وحققت نمواً ملموساً في هذا الأمر رغم حالة عدم اليقين التي تسود الاقتصاد العالمي، وذلك في ظل الأسبقية التي حققتها الدولة في التعامل مع الجائحة العالمية والحد من تداعياتها، حيث سجلت الإمارات أعلى معدلات التطعيم عالمياً.
الامارات اليوم