في 25 مايو 1981، توصل قادة كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، في اجتماع عقد في أبوظبي، إلى صيغة تعاونية، تضم الدول الست، تهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي أكدت أيضاً على تعميق وتوثيق الروابط والصلات، وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس.

وعلى مدار العقود الأربعة الماضية، عملت دولة الإمارات، بتوجيهات مستمرة من القيادة الرشيدة، على تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وأسهمت مع شقيقاتها منذ إعلان ميلاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي، على تعميق روابط التعاون والتآزر بين دوله وشعوبه، وتحقيق التكامل في ما بينها في مختلف الميادين، وتنسيق مواقفها وسياساتها الخارجية والاقتصادية، وعلاقاتها الإقليمية والدولية مع كافة دول العالم، بما يحقق مصالحها القومية ومنفعة شعوبها، وحققت إنجازات خليجية نوعية.

جذور الوحدة

وقد أولى المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أهمية كبرى لإنشاء مجلس التعاون الخليجي، إيماناً منه بأهمية الوحدة العربية في مواجهة الأطماع الخارجية، وقد أكد ذلك في كلمة حول عمق مفهوم الوحدة الخليجية، بقوله: «نحن مشهور عنا أننا وحدويون، لأن إيماني بهذا المفهوم عميق الجذور، إننا نرى في الوحدة التي يجب أن تقوم بين دول وشعوب المنطقة، أن تكون وحدة بين شعوب المنطقة، لا بين حكامها، لأن الشعوب أخلد وأبقى، إننا نؤمن إيماناً مطلقاً، بأهمية الوحدة بين دول المنطقة، كأساس للوحدة العربية الشاملة».

كما أكد طيب الله ثراه، بأنه: «انطلاقاً من إيمان الشعب العربي في الخليج بوحدة روابط الدين واللغة والعادات والتقاليد والآمال والمصير المشترك، وإدراكاً لأهمية الموقع الاستراتيجي للمنطقة، وللحفاظ على أمنها واستقرارها، سعى قادتها إلى تحقيق أماني هذا الشعب، لزيادة التنسيق، وتوسيع آفاق التعاون في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية.

والتي توجت بقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية». وفي كلمته بالقمة الأولى، قال الشيخ زايد، رحمه الله: «إنني على أمل كبير في أن ينجح هذا المؤتمر، وأن يتطور مجلس التعاون الخليجي، ليصبح منظمة فعالة ومنتجة، تستفيد منها كل دولة من دولنا الست».

رؤية استراتيجية

وكانت لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، رؤيته العميقة لمنطقة الخليج العربي، لكونها منطقة استراتيجية، يرتبط أمنها واستقرارها بأمن العالم واستقراره، وباعتبارها كذلك جزءاً لا يتجزأ من الوطن العربي، ومن هذا المنظور، أكد سموه «أن قيام المجلس كان بحد ذاته كسباً كبيراً لدول المنطقة، والوطن العربي بشكل خاص، والعالم كله بشكل عام، لأنه جاء محققاً لآمال وتطلعات شعوبنا، وتعبيراً عن رغبتنا في البعد عن التوتر والصراع الدولي».

كما أشاد صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بتطور المجلس بعد انطلاقته المباركة على أرض الإمارات عام 1981، بقوله: «إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هو تجسيد بارز حي لارتباط شعوب الخليج وتلاحم مصيرها، وهو صرح اختاره قادة الدول الخليجية الست، الذين يشعرون بنبض شعوبهم إحساساً عفوياً، ويدركون تماماً اتجاه تطلعاتها.

ولقد قطع المجلس منذ قيامه حتى اليوم، خطوات ثابتة على طريق تحقيق آمال أبناء الخليج، وربما كان نجاح هذه التجربة الرائدة، التي قامت على أسس صلبة، والجهد الدائب المتجرد، الذي يبذله قادة الخليج لتحقيق الأمن والاستقرار، يمكن أن يكون نواة لعمل أوسع وأكبر على المستوى العربي، من المحيط إلى الخليج».

حماة الخليج

كما عبّر سموه، حفظه الله، عن حرص دولة الإمارات، على تعزيز ودعم وتنسيق الجهود التي تحقق التقارب وتوثيق الصلات بين دول المجلس، فقال سموه:

«إن أبناء الخليج عبر العهود الماضية، هم حماة الخليج، وانطلاقاً من حقائق التقارب والروابط التي تجمعنا، فإن التعاون بين دول المنطقة، يجب أن ينبع من هذا الأساس، ونحن لا ندخر جهداً في سبيل توثيق الصلات بين أبناء المنطقة»، لقد انطلق حرص صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، من أهمية بناء منظومة أمنية مادية وفكرية محكمة، تحمي العقول والحدود والمكتسبات، بل وفي مقام آخر، ذكَّر سموه قائلاً «لما كان توثيق الأمن هو القاعدة الأساسية لبناء الاستقرار وحماية مكاسبنا الوطنية.

فقد اتخذت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خطوات جادة لوضع أسس تكفل الحماية والأمن المشترك، وتحقيق مبدأ التكامل الأمني». وتستمر القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، توجيه المؤسسات المعنية داخل الدولة، على تطوير مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي، والالتزام بدعم العمل الخليجي المشترك في كافة القطاعات، وتتطلب التحديات الماثلة في السنوات الأخيرة، تكاتفاً خليجياً كبيراً، خصوصاً مع بروز خطر الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في دول عدة بالمنطقة، يستوجب مزيداً من التعاون والتنسيق الأمني الخليجي.

البيان