قلما اتفق الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مع سلفه دونالد ترامب، إلّا أنّ السياسة التجارية والصناعية حيال الصين كانت إحدى نقاط التلاقي النادرة بينهما. دفع بايدن في الكونغرس، بخطة استثمارات تاريخية في البحث والتطوير، ولا سيما في مجال العلوم والتكنولوجيا، تتضمّن الإبقاء على الرسوم الجمركية على الصين ولوائح سوداء للشركات الصينية، لضمان بقاء الولايات المتحدة القوة الأولى في العالم، وهي الخطة التي أقرّ نصوصها مجلس الشيوخ.
ربحت بكين منذ وقت طويل معركة الصناعات التحويلية، وإن كان جو بايدن كما دونالد ترامب من قبله، يؤكد أن بإمكانه إعادة أدوات الإنتاج الصناعي إلى الولايات المتحدة، أقلّه في ما يتعلق بالمنتجات الاستراتيجية مثل الشرائح الإلكترونية ومكونات الأدوية.
وفيما تعتزم الصين السيطرة على قطاع تكنولوجيا المستقبل بواسطة الخطة التي أطلقتها قبل ست سنوات بعنوان «صنع في الصين 2025»، تبدو الولايات المتحدة مصممة على الدفاع عن الموقع الريادي لشركاتها الوطنية. ولا تقتصر المخاوف على مسألة الهيمنة الاقتصادية، بل يخشى الديمقراطيون والجمهوريون على السواء، أن تشكل الصين التي تتصدر السباق لنشر شبكة الجيل الخامس للاتصالات خطراً على الأمن القومي الأمريكي. حذّرت إدارة ترامب من قبل من إمكانية أن تكتسب بكين القدرة على بلبلة شبكة الاتصالات الأمريكية أو قطعها، وهو الخطر الذي لا يزال ماثلاً أكثر من أي وقت مضى في ذهن الديمقراطيين والجمهوريين مع تعاقب الهجمات التكنولوجية في الأشهر الماضية.
تحت شعار حماية أمن البلاد، حظر ترامب على شبكات الاتصالات الأمريكية التزود من شركات أجنبية مصنفة على أنها تشكل خطراً، مستهدفاً بصورة خاصة عملاق الاتصالات الصيني «هواوي»، فيما وسّع جو بايدن، قائمة الكيانات الصينية التي يحظر على الأمريكيين الاستثمار فيها، فعدل بهذا الهدف مرسوماً صادراً عن سلفه لتضمينه شركات صينية عاملة في مجال تكنولوجيا المراقبة.
ولم ترفع إدارة بايدن، مرسوم إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية مشددة على بضائع مستوردة من الصين بقيمة مئات مليارات الدولارات، وتجاهر ممثلة التجارة الأمريكية، كاثرين تاي، بأن هذه الرسوم تشكّل وسيلة ضغط على الشريك الصيني.
وتنص الخطة الأمريكية التي ستطرح للتصويت الآن على مجلس النواب، على تشجيع الشركات الأمريكية والإنتاج المحلي وتالياً الوظائف الأمريكية، فيما سيتم استثمار 52 مليار دولار على خمس سنوات لحض الشركات على إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، ولتطوير البحث والتنمية في هذا المجال، فضلاً عن تخصيص 1.5 مليار دولار لتطوير شبكة الجيل الخامس.
البيان