حذَّر طبيب في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، جزء من مبادلة للرعاية الصحية، من المخاطر الشديدة التي تصيب أعين الأطفال بسبب التعرض غير المقصود لمعقمات اليدين ذاتيّة التقطير، بعد أن نجح فريق الرعاية الصحية بالمستشفى في علاج طفلة تبلغ من العمر أربعة أعوام أصيبت بأضرار بالغة في القرنية.
ووقع الحادث عندما قامت الطفلة بتشغيل عبوة بها معقم لليد، تعمل بالقدم، ومثبتة في مكان عام كانت الطفلة تزوره مع أسرتها، وتعرضت عينها لـ«جِلّ» تعقيم اليدين.
وقالت والدة الطفلة، التي أفادت أنها لا تريد الكشف عن هويتها، إن كثيراً من الناس ليسوا على دراية كافية بمدى خطورة المواد الكيميائية المستخدمة في معقمات اليدين، خاصّة على الأطفال.
وقالت الأم: «لقد علَّمنا ابنتنا أن تستخدم الماء والصابون لتنظيف يديها، وأن تستخدم المعقمات في حال عدم توافرهما، حيث ركضت واستخدمتها لأنها رأت كل من حولها يستخدمونها. عندما ضغطت ابنتي على دواسة قَطَّارة الجلّ، لم يتقاطر معقم اليدين للأسفل، بل دخلت كميةٌ كبيرةٌ منه في عينها مباشرة، وبدأت تصرخ من الألم».
فأسرع والداها فوراً بغسل عينها بالماء، وأخذاها وعادا بها إلى المنزل، واستمرا في غسل عينها بالماء.
وأضافت: «استطعنا بطريقة ما أن نفتح عينها، واستطعنا أن نرى بوضوح الضرر الذي لحق بالقرنية. عندها قررنا أن ننقلها إلى مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» لما لهم من خبرة في طب عيون الأطفال، ولثقتنا بمعرفتهم بكيفية علاج هذه الحالة بالذات».
وحضرت الطفلة إلى قسم الطوارئ في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي وهي تعاني ألماً شديداً وعدم القدرة على فتح عينها، فقام الأطباء على الفور بغسل عينها من المحلول، وإعطائها المضادات الحيوية لمنع العدوى، مع قطرة لتخفيف الألم.
وشخَّص الأطباء حالتها على أنها تآكل شبه كلي في القرنية ناتج عن التعرض للكحول والمواد الكيميائية القلوية المضافة إلى جل تعقيم اليدين.
وعلى الرغم من المتابعة الدقيقة على مدى الأيام التالية من قِبل مقدمي الرعاية الصحية في معهد العيون بالمستشفى، استمر الألم في التَّصاعد، فنُقِلَت الطفلة إلى غرفة العمليات، حيث أجرى الأطباء تقييماً لعينها تحت التخدير، ووضع غشاء أمنيوسي ذاتي التثبيت، أو ضمادة بيولوجية تستخدم لعلاج خدوش القرنية الكبيرة التي تكون غير قابلة للشفاء.
وقال الدكتور برايان أرمسترونج، طبيب استشاري في معهد العيون بمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، حيث كان ضمن فريق الرعاية الصحية الذي عالج الطفلة، إن هذه كانت أول حالة من هذا النوع تعالَج في المستشفى، وتتطلب وضع غشاء أمنيوسي، لكن إصابات أعين الأطفال الناجمة عن معقمات اليد التي تحتوي على الكحول آخذة في الازدياد في جميع أنحاء العالم منذ بداية الجائحة.
وفي وقت سابق من هذا العام، ذكرت بيانات المركز الفرنسي لمراقبة السموم أن حالات تعرض أعين الأطفال لمعقمات اليد قد زادت بنسبة سبعة أضعاف، في الفترة ما بين أبريل وأغسطس من عام 2020 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
وتابع الدكتور أرمسترونج: «غالباً ما تكون قَطَّارات معقم اليد في الأماكن العامة مُثَبَّتة عند مستوى الخصر للبالغين، ولكن هذا يعني أنها تكون في مستوى أعين الأطفال أيضاً. لذا، فإن فرص تعرض الأطفال للرش في الأعين عالية جداً. وتحتوي معظم معقمات اليدين على نسبة تركيز عالية من الكحول تبدأ في اختراق سطح القرنية على الفور. ويستخدم الأطباء الكحول بجرعات محسوبة بدقة لعلاج القرنية في حالات محددة للغاية، لذلك نحن نعرف مدى فعاليتها».
وأوضح أنه في حالة هذه الطفلة، ربما ازداد الألم بمرور الوقت، مع تغلغل المحلول القلوي في عمق قرنيتها، وفي مثل تلك الحالات يُنصح بغسل العين فوراً بماء وفير، وقد يتطلب الأمر فتح العين يدوياً، ومن المهم جداً أن يكون الغَسل بمنأىً عن العين السليمة، تلافياً لتفاقم مزيد من الضرر.
وذكر أنه بعد أسبوع، أزال الأطباء الغشاء الأمنيوسي، ووجدوا أن القرنية قد شُفيت تماماً، غير أن القرنية كانت جافة جداً، وكانت بها غشاوة، لذلك وصف الأطباء قَطَرَات علاجية ومرطبة للعين، وفي الزيارة التالية التي أتت فيها الطفلة للمتابعة مع الأطباء، كانت عينها قد شُفيت تماماً، وسيواصل فريق الرعاية الطبية المخصص لحالتها في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي متابعة تحسنها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وختم بأن هذا النوع من الإصابة نراه عادةً بين العمال الذين يتعرضون لمواد سامة، أو لتسرب مواد كيميائية في مواقع العمل، والتأخر في علاج مثل هذه الإصابات قد تكون له عواقب وخيمة على الأطفال مقارنةً بالبالغين، لأن حاسة البصر ما زالت قيد النموّ في مثل هذه السن المبكرة.
البيان