توقع عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، إبراهيم الجروان، أن يعتدل الجو وتنخفض درجات الحرارة في 24 أغسطس الجاري، مع ظهور نجم سهيل، الذي تستبشر بطلوعه العرب بجلاء القيظ وشدة الحر، وإقبال الربيع ووقت المطر النافع، هو من ألمع نجوم السماء.
وقال الجروان إنه من الصعب رؤية نجم سهيل في الإمارات قبل 17 أغسطس كما هو متعارف عليه عند البعض كموعد لرؤية “سهيل”، ولم يثبت أن أحدا في الإمارات شاهد نجم سهيل قبل 20 أغسطس، و انما يربطون طلوع سهيل ببعض التغيرات في الأجواء و التغيرات الطبيعية في البيئة المحلية، والتي تحدث خلال النصف الثاني من أغسطس، وليس بالرؤية الفعلية للنجم.
وأضاف أن هناك فرصة لرؤية نجم سهيل في جنوب اليمن مع بداية أغسطس، وفي ظفار وعسير خلال الأسبوع الأول من أغسطس، وفي عمان منتصف أغسطس، وفي وسط الجزيرة العربية خلال الأسبوع الثالث من أغسطس، أما شمال الجزيرة العربية فيمكن مشاهدته بدءً من الأسبوع الرابع من أغسطس، و في بلاد الشام والعراق خلال النصف الأول من سبتمبر.
وأشار إلى أن أبناء الجزيرة العربية اهتموا منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفة منازلها، وذلك لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار، فهم يعرفون من خلالها دخول فصول السنة وأوقات نزول الأمطار، وأوقات البرد والحر، ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرون استعداداً لنزول المطر، وأهل البر يعرفون مواسم الرّعي والسّفر، ويعرف أهل البحر مواسم الصيد البحري والسفر.
وأطلقوا على نجم سهيل، عدة أسماء، فهم يسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني أيضا، وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلًا للنجم القطبي الشمالي، فهو يشير إلى جهة الجنوب، أما القطب الجنوبي نفسه فلا يظهر في سماء الإمارات، وعلى كل حال لا يوجد نجم نير يدل على اتجاه النجم الجنوبي كما هو الحال في القطب الشمالي.
وذكر أن نجم سهيل، عرفه العرب منذ قديم الأزمان، وكان له حضور في أشعارهم ورواياتهم وأمثلتهم، كما اعتبر جزءا من تراثهم الثقافي وعيهم المناخي والفلكي، حيث حسبوا من خلاله، موعد انكسار شدة الحر وتغير المناخ نحو الاعتدال ، و تغيرات طبيعية تطرأ على الأشجار البرية والحيوانات البرية.
وشرح أن سهيل نجم لامع من القدر الأول ( تقسم أقدار النجوم المرئية إلى ستة أقدار أوضحها النجوم من القدر الأول وأخفتها من القدر السادس)، ثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية. يبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية.
ويستمر وجود النجم “سهيل” فوق الأفق بالنسبة لمناطق وسط شبه الجزيرة العربية لفترة تقارب ثمانية أشهر ونصف تقريبا، لمدة تقارب 7 ساعات يوميا، وقد تكون هذه الساعات خلال النهار، فلا يُرى أبدا (من بداية شهر مايو إلى منتصف شهر أغسطس) حيث يكون فوق الأفق خلال النهار فتتعذر رؤيته، ثم يتقدم تدريجيا في الطلوع و يبدأ بالطلوع فجرا خلال سبتمبر وأكتوبر، ويستمر في التقدم في وقت طلوعه، وفي ديسمبر ويناير يعترض السماء ( يكون فوق الأفق الجنوبي في أقصى فترة للظهور خلال الليل ) منتصف الليل، أما في مارس وإبريل فيشاهد أول الليل في الجهة الغربية و يغيب قبل منتصف الليل، و يستمر في التقدم حتى يطلع و يغيب نهارا من بداية مايو إلى منتصف يوليو في وسط الجزيرة العربية.
وبسبب موقعه في أقصى الجنوب فإن رؤيته غير ممكنة في البلاد التي تتجاوز دائرة العرض “38 ” درجة شمالا، فلا يرى وسط أوروبا، و يكون أقصى ارتفاع له في الإمارات عن الأفق الجنوبي بحوالي 13 درجة تقريبا، ويستمر ظهوره حتى نهاية فصل الشتاء في منطقة الجزيرة العربية.
وعدت العرب الفارق بين رؤيته في الحجاز، ورؤيته في العراق، قرابة 20 يوماً، و بين رؤيته في اليمن ورويته في الشام قرابة 40 يوما، حيث يُرى بجميع مناطق جزيرة العرب، لكنه لا يُرى في أرمينيا، أو وسط وشمال كل من تركيا أو إسبانيا أو إيطاليا.
ونظرا لوقوع الجزيرة العربية على حدود 12.5 درجة شمالا، جنوب اليمن، إلى30 درجة شمالاً عند العراق، وتقع الإمارات على دائرة عرض25 درجة شمالَا في المتوسط، وبناءً على الحسابات الفلكية فإن نجم ( سهيل) يكون وقت طلوعه مقترناً بوقت طلوع الشمس في الإمارات بتاريخ 11 / 12 أغسطس، أي أنه يكون مماساً للأفق الجنوبي الشرقي ذلك الوقت، ولا يمكن رؤيته في هذا التاريخ أو قبله، ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 4 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس وهي أقل مسافة عن الشمس للنجم المرئي فجر 24 أغسطس، ويكون بعد هذا الوقت مرئيا عند الشفق الصباحي قبل طلوع الشمس بمدة لا تقل عن 15 دقيقة. وذلك عند أجواء الرصد المثالية.
ومع تلمس طلوع (نجم سهيل)، خلال الفترة 15 إلى 20 أغسطس، يبدأ التقويم الخاص بأهل الخليج والمعروف بـ”الدرور” وهذا التقويم ببساطة يقسم السنة إلى أربعة أقسام كل قسم مئة يوم، “مئة الصفري” أو الخريف، و “مئة الشتاء”، و “مئة الصيف” أو الربيع، و ثم “القيض” وهو وقت شدة الحر لها 65 يوما تكتمل فيها السنة، وكل عشرة أيام منها تسمى “در”.
ورغم الاختلاف في تحديد الموعد الدقيق لطلوع سهيل في عموم الجزيرة العربية وهو بين 15 أغسطس 25 أغسطس وهو اختلاف بسيط، لا يقلل من فعالية التقويم وتطابقه مع حالة الجو والبحر ومواعيد الزرع والحصاد.
ومع ظهور (نجم سهيل (يتزامن مع اعتدال الطقس، وانخفاض درجات، و يبدأ منخفض الهند الموسمي بالضعف والتراجع جنوبا، وتهب مع طلوع سهيل رياح “الكوس”، وهي رياح جنوبية شرقية عالية الرطوبة، تعمل على تكوين سحب منخفضة على امتداد السفوح الشرقية لجبال الحجر في عُمان والإمارات، قد يصاحبها هطول رذاذ، كما تهب رياح نشطة يطلق عليها “هبايب سهيل” تعمل على تلطيف الجو، وتنشط “الروايح” أو “روايح الصيف”، التي تؤثر على مناطق ما حول جبال الحجر في الإمارات وعُمان، ويطال تأثيرها المناطق الجبلية الوسطى في الإمارات من مدينة الذيد إلى مدينة العين، مسببة عواصف محلية ورياح هابطة قوية تصحبها السحب الركامية وهطول الأمطار الرعدية الغزيرة.
ويتزامن ظهور (النجم سهيل ) مع انخفاض درجات حرارة البحر، حيث تعود معظم الأسماك بكميات كبيرة للاقتراب من السواحل بعد اعتدال الطقس، إذ ابتعدت عنها خلال الصيف لاجئة إلى الأعماق الباردة مبتعدة عن درجات الحرارة المرتفعة خلال القيظ، كما يعاود الصيادون الخروج إلى البحر للصيد بعد عزوفهم عنه خلال فصل الصيف، نظرًا لارتفاع درجات الحرارة، وقلة المحصول من الأسماك في موسم القيظ الحار. مما يؤدي إلى انتعاش أسواق السمك في مختلف مناطق الدولة.
كما تبدأ بعض الطيور المهاجرة في التوافد إلى المنطقة، كما تشاهد خلال النصف الثاني من أغسطس طيور الدخل والخواضير والسمان، ثم تشاهد في سبتمبر طيور الماء والكرك الأكحل والهدهد، وخلال أكتوبر يبدأ والكرك الأصلع والكروان والقطا والحبارى والجوارح في التوافد.
البيان