يعد «مؤتمر بغداد التعاون والشراكة»، محطة مهمة في مسيرة العمل العربي المشترك، وفي تكريس الإرادة الصادقة لتوحيد الصفوف، لمواجهة التحديات، والنهوض بأوضاع المنطقة، وتوطيد مقومات الأمن القومي، وبوسع الفاعلين الإقليميين والدوليين، أن يستقرئوا بعض الخطوات العينية الملموسة، للتخفيف من مخاطر العوامل المؤدية إلى التصعيد، فقمة بغداد، تمثل نقطة البداية الضرورية، لتعزيز مناعة المنطقة العربية، وأمنها واستقرارها، وتحصينها ضدّ التدخلات الخارجية.
أفضل العلاقات
انعقاد المؤتمر في بغداد، يجسد حالة نجاح للانفتاح العراقي عربياً، وحرصه على استعادة دوره الإقليمي، بإقامة أفضل العلاقات مع دول العالم، حيث إن هذا البلد، بدأ يأخذ دوره التاريخي، ليكون أحد ركائز السلام في المنطقة، وبإمكانه، بفضل نفوذه الإقليمي، أن يخلق جسراً للتواصل والتعاون والتكامل الشامل، مع جميع دول المنطقة، ولكون العراق هو جزء من بيئة إقليمية، تنبع أهمية دور بغداد داخل هذه البيئة في المستقبل، لا سيما أن الجو أصبح أقلّ توتراً، حيث إن المشتركات بين دول المنطقة تتعزز، فيما نجد أن اعتدال مواقف العراق وسياساته، كفيل بالخروج بمؤتمر على مستوى جيد من النجاح، وتقليص حجم الاختلاف حول القضايا السياسية المعقّدة، خاصة في ظل قناعة تامة بأن استمرار الخلافات والصراعات في المنطقة، ساهم في استنزاف الكثير من الطاقات والإمكانات العربية، وتسبّب في إضعاف التضامن العربي، وأثّر في الأمن القومي العربي.
طريق الصواب
إن استمرار الوضع الراهن، حوّل المنطقة العربية، إلى ساحات للصراعات الدولية والإقليمية والنزاعات الطائفية، وملاذاً للتنظيمات الإرهابية، التي تهدد الأمن والاستقرار والتنمية في بلداننا، فالعرب أدركوا الطريق الصواب نحو الوفاق والتضامن، وتجاوز الخلافات للخروج من الفرقة والتشرذم، حيث هناك تحركات لإنهاء أي خلافات عربية، وتكريس لغة الحوار بين الدول العربية نهجاً، لإزالة أسباب الخلاف والفرقة، ولمواجهة التدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية، ولتحقيق التنمية والتطور لشعوبها، فما يجمع البلدان والشعوب العربية، أكثر بكثير ممّا يفرّقها.
ولا شك أن هناك تحديات كثيرة، تعاني منها المنطقة، ويعد مؤتمر بغداد مرحلة في إطار مقاربة عربية شاملة لإيجاد حلول للأزمات، وإنهاء عوامل الانقسام، وصولاً إلى وحدة الصف العربي، بما يضمن العبور نحو خلق تكامل اقتصادي واجتماعي بين شعوب المنطقة، بوصفها الأداة الرئيسة للعمل العربي المشترك، وتفعيل آلياتها، بما يؤدي إلى حفظ المصالح العربية المشتركة، ومواكبة المستجدات على الساحتين العربية والدولية، والتطلع إلى غد مشرق، مفعم بالآمال. وغني عن القول، إن خروج مؤتمر بغداد بقرارات مشتركة، لتفعيل التكامل العربي، رسالة قوية للعالم، بأن العرب أمام صفحة جديدة، وأن المستقبل للمصالحات والتفاهمات، ومن شأن ذلك، دعم الوزن الدولي للعراق، لا سيما أنه مقبل على مرحلة مصيرية من تاريخه، في ظل الانتخابات المقبلة.
البيان