سادت حالة من الجدل والحيرة في صفوف صناع المحتوى الإلكتروني في مصر بعد أن أصدرت مصلحة الضرائب بيانا تطالبهم فيه بفتح ملف ضريبي والكشف عن أرباحهم .
وقد انقسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لقرار مصلحة الضرائب وآخر يعارضه.
ولئن بدا القرار مربكا لبعض صناع المحتوى ممن تساءلوا حول طبيعة هذا القانون وما يتوجب عليهم فعله، رحب آخرون به باعتباره خطوة ستقلل من “رداءة المحتوى المعروض على المنصات الرقمية في مصر”.
في حين رأى فيه المعارضون “طلبا غير مستحق سيزيد من أعباء العاطلين على العمل ممن وجدوا فرصة لإعالة أسرهم عبر التجارة الإلكترونية أو تقديم محتوى ترفيهي” .
ما تفاصيل هذا القرار؟ ومن سيشمل؟
وكانت مصلحة الضرائب المصرية قد نشرت بيانا دعت خلاله صناع المحتوى المرئي والمكتوب (البلوغرز واليوتيوبرز) إلى التوجه لأقرب مكتب لفتح ملف ضريبي والتسجيل بمأمورية القيمة المضافة، إذا بلغت إيراداتهم 500 ألف جنيه (حوالي32 ألف دولار) خلال 12 شهرًا من تاريخ مزاولة نشاطه.
ولم تحدد مصلحة الضرائب الرسوم التي يجب على صناع المحتوى سدادها أو الآلية التي سيتم بموجبها تحصيل الضرائب.
إلا أن وسائل إعلام محلية أفادت بأن مصلحة الضرائب أنشأت وحدة التجارة الإلكترونية لمخاطبة صناع المحتوى للتسجيل في منظومة الضرائب.
وخلافا لما ردده البعض لم يصدر قانون جديد ينظم نشاط صناع المحتوى أو التجارة الإلكترونية.
وتستند مصلحة الضرائب في قرارها الأخير على قانون 91 لسنة 2005 الخاص بالضريبة على الدخل أو قانون 152 الذي تم إقراره السنة الماضية لتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة.
وفي مداخلة تلفزيونية، صرح مدير إدارة الممولين بهيئة الضرائب، محسن الجيار، بأنه يحق للمدون أو التاجر الإلكتروني الاختيار بين تطبيق الصادر 2005 أو قانون سنة 2020 .
وأضاف بأن احتساب الضرائب سيبدأ من مطلع يناير/ كانون ثاني حتى 31 ديسمبر/كانون أول 2021، وفق رقم الأعمال الخاص بكل فرد .
وعلى سبيل المثال لن تتجاوز قيمة الضريبة المستحقة ألف جنيه لمن تبلغ إيراداته 250 ألف جنيه سنويا.
أما إذا تراوحت إيرادات الشخص بين 500 ألف جنيه إلى مليون جنيه فلن تزيد قيمة الضريبة على 5 آلاف جنيه، بينما ستصل نسبة الضريبة 0.5% لمن يحقق إيرادات تقدر بين مليون ومليوني جنيه.
وبين الفنية والأخرى، تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات إعلانية ومبادرات حكومية تشجع الأشخاص الذين يقتصر نشطاهم التجاري على الفضاء الإلكتروني على الإفصاح عن مداخيلهم وإصدار فواتير ضريبية حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون.
ويعاقب القانون المصري كل من يتورط في قضية التهرب الضريبي بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات.
ويدرج القانون كل من يمارس عملا تجاريا من دون ترخيص أو حيازة فاتورة ضريبية ضمن الاقتصاد غير الرسمي الذي تقوم الحكومة بضبطه.
وقد أفادت وسائل إعلامية بأن مصلحة الضرائب المصرية حصرت ما بين 300 إلى 400 حساب قناة على منصة يوتيوب تمهيدا لإخضاع أصحابها لقانون الضرائب.
على إثرها، بدأت هيئة الضرائب في التواصل مع إدارة شركات مثل فيسبوك ويوتيوب لجمع المعلومات الخاصة بالمدونين أو المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت الهيئة قد أخضعت الإعلانات المعروضة على فيسبوك و يوتيوب لضريبة القيمة المضافة في وقت سابق هذا الشهر. كما تعول أيضا على شركات الشحن والتحويلات البنكية في تتبع التجارة الإلكترونية غير الرسمية.
دافع البعض عن قرار مصلحة الضرائب الأخير باعتباره “إجراء عادلا وواجبا وطنيا من شأنه النهوض باقتصاد الدولة”.
في حين انبرت بعض الصحف والقنوات المصرية في رصد أرباح مشاهير الانستغرام والمدونين على يوتيوب. وذكرت أن متوسط أرباح بعض صناع المحتوى يقدر بالملايين.
من جهة أخرى شكك مدونون في الأرقام التي تداولتها وسائل إعلام مصرية بخصوص أرباح بعض المدونين واعتبروها غير قابلة للتصديق.
ويبدو أن مصلحة الضرائب وبعض وسائل الإعلام اعتمدت على موقع سوشيال بليد ، لقياس الإحصائيات الخاصة بصناع المحتوى المصريين وتحديد إيراداتهم.
لكن موقع سوشيال بليد يذكر في تعريفه العام بأنه يقدم أرقاما تقديرية لأرباح قنوات اليوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى.
ويرى مصريون أن الأرباح الكبيرة التي يحققها بعض مشاهير مواقع التواصل، من دون دفع أي ضرائب، تعد ظالمة لباقي شرائح الشعب الذي يعد صاحب الفضل الأول في نجاحهم، وفق تعبيرهم.
كما يأمل آخرون في يسهم القرار الأخير في وضع حد لما وصف بـ “المخالفات والمواد المبتذلة التي يروج لها بعض المؤثرين على المنصات الرقمية”.
وعات المتوسطة والصغيرة.
BBC عربية