تتجه ليبيا نحو تشكيل مشهد سياسي توافقي للمرحلة المقبلة بالاتفاق بين الفرقاء وبدعم أممي دولي ومن خلال وساطات تجرى على أوسع نطاق.

وذلك في ظل قناعة راسخة لدى الفاعلين الأساسيين بأن أي صراع من خلال صناديق الانتخاب لن يدفع إلا إلى عودة التجزئة والانقسام نتيجة هشاشة الوضع الأمني. وفي ظل الحالة الأمنية والسياسية المتوتّرة في ليبيا تتصاعد أصوات بين الحين والآخر بأن سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمّر القذافي سيعود إلى المشهد من بوابة الانتخابات الرئاسية.

إلا أن مصادر مطلعة قالت لـ«البيان» إن سيف الإسلام لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، لأسباب عدة تتصل بوضعيته القانونية في الداخل والخارج، وكذلك نزولاً عند رغبة أطراف دعته إلى التريّث في خوض غمار العمل السياسي العلني إلى حين تحقيق مصالحة شاملة واستعادة الدولة مؤسساتها واستتباب الأمن والاستقرار، وحتى لا يستغل البعض ترشحه لعرقلة الانتخابات والدفع من جديد نحو العنف والفوضى.

ولكن في الوقت ذاته، المصادر كشفت أن الكثير من الإشارات وصلت إلى سيف الإسلام من قوى داخلية وخارجية، دعته إلى ترشيح شخصية توافقية وغير صدامية تدخل غمار المنافسة على منصب رئيس الدولة ممثلاً عن النظام السابق، ولا تثير مخاوف أي طرف في حال فوزها.

وتابعت إن وجهة النظر الغالبة تصب في اتجاه ترشيح الدكتور محمد أحمد الشريف الذي ينظر إليه باعتباره من الشخصيات التي تحظى باحترام كبير لدى الغالبية الساحقة من الليبيين، وتم الإفراج عنه من سجن الهضبة بطرابلس في يونيو 2016 بعد أن ألغت المحكمة العليا في 28 يوليو 2015 الحكم الصادر في حقه بالسجن مدة 12 عاماً، ومنذ ذلك الحين وهو يقيم بالعاصمة الأردنية عمّان.

وتشير أوساط ليبية إلى أن لا شيء في البلاد يجري بمحض المصادفة، وإنما هناك ترتيبات تدور في السر مع كل الأطراف، لبلورة المشهد السياسي في المرحلة المقبلة من منطلقات توافقية، مشيرة إلى أن الإفراج عن الساعدي القذافي في السادس من سبتمبر كان رسالة إيجابية نحو شقيقه الأكبر.

كما أن ضغوطاً دولية وإقليمية قطعت الطريق أمام أي مغامرة كانت ستدفع نحو إرباك الأوضاع من جديد نتيجة للمذكرة الصادرة في 12 أغسطس الماضي عن مكتب المدعي العام العسكري في ليبيا بالبحث والتحرّي لضبط سيف الإسلام وإحضاره بعد ظهوره أخيراً في لقاء صحافي نادر مع «نيويورك تايمز» الأمريكية، نشرته في 30 يوليو الماضي.

وذلك بعد تواريه عن الأنظار منذ إطلاق سراحه عام 2017. وتضيف المصادر إن سيف الإسلام الذي لا يزال مقيماً بمكان غير معلوم، في غربي البلاد، يتابع الأحداث من قرب، ولديه جسور تواصل مع الفاعلين الأساسيين داخل البلاد وخارجها.

كما أن ممثلين عن التيار الذي يتزعمه يشاركون في جلسات الحوار التي تُجرى على نطاق واسع بما في ذلك ملتقى الحوار السياسي. الأحد الماضي، تطرق عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي مع عدد من رموز النظام السابق بالقاهرة ومن بينهم أحمد قذاف الدم إلى آليات مشاركة لجميع الأطياف السياسية والاجتماعية، من أجل صوغ مشروع وطني يجمع الليبيين في ميثاق يؤسس لمصالحة شاملة.

البيان