دراجة وخيمة و80 دولار وكاميرا مستعارة وكثير من الأحلام والعطش للمغامرة واقتحام المجهول، هذا كل ما كان يحمله الشاب المغربي، عثمان زولاتي قبل أن تنطلق رحلته إلى إفريقيا التي حولها إلى فيلم وثائقي يحمل عنوان “أنا وإفريقيا”.
قضى عثمان سبع سنوات شاقة في العمل؛ أربع منها في السفر والتصوير والبحث عن شركة إنتاج، وسنتين في تجميع المشاهد والصور والكتابة.
واستطاع زولاتي تقديم الفيلم الوثائقي بالصيغة التي ترضيه إلى جمهور المغامرة والتشويق.
إفريقيا…في عيون زولاتي
في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، يؤكد المغامر الشاب أنه حاول عبر وثائقي من 90 دقيقة “أنا وإفريقيا”، أن يخلص المشاهد من الأفكار المسبقة ورؤية الأشياء بعين مغايرة.
ويوضح قائلا “تركت كل شيء ورائي وعمري لا يتعدى 20 عاما، وقضيت أربع سنوات في المشي وركوب الدراجة والتزلج في طريق طويلة قادتني إلى 24 دولة إفريقية. عبرت مسافة 30.000 كيلومتر في رحلة ساحرة حذرني منها الكثيرون قبل أن أغادر أرض الوطن”.
وأردف عثمان “القارة المظلمة التي تعرضها لنا وسائل الإعلام، مليئة بالحروب والجريمة والأمراض واليأس، لم يكن ذلك كل ما وجدته. لقد اكتشفت قارة زاهية الألوان ومتنوعة وحيوية، مليئة بالجمال وكرم الضيافة والمفاجآت”.
وبدون تصنع وببساطة كلماته وبابتسامة لا تفارقه، استطاع عثمان أن ينقل تجربته بحلوها ومرها. إذ أنه أثناء استكشاف الزوايا الأربع لإفريقيا، تزلج على الألواح في إثيوبيا، أمضى بعض الوقت مع قبائل الماساي وهامر والهيمبا حيث جرب حياة البدو والرحل. ولكي يدفع نفقات طريقه، عمل صيادًا في السنغال، وميكانيكيا في مالي، ومصورا ودليلا سياحيا في زنجبار وباع الأحذية في كوت ديفوار.
مرض ورفض وكرم
لم تكن الرحلة خالية من المتاعب كما يشرح الشاب المغربي، “مررت بأوقات ظننت فيها أنني لن أنجو، فقد أصبت بالملاريا، وتهت لمدة خمسة أيام في الصحراء بين ناميبيا وكينيا دون ماء كافٍ، وأوقفني مسلحون بالبنادق في الخلاء، وانتهى بي الأمر في زامبيا بخمسة دولارات فقط في جيبي”.
ومقابل كل مغامرة قريبة من الموت، ينقل زولاتي لطف وكرم شعوب القارة السمراء، ومناظرها الطبيعية الخلابة والمتنوعة. “كنت في كل مرة أشعر بالخوف والحنين لأسرتي وأصدقائي، يحيطني حب الناس الذين ألتقيهم في طريقي بهالة من الدفء تدفعني للسير قدما في مسيرة لم أتوقع أنها ستصل بي إلى جنوب إفريقيا”.
تم رفض طلب عثمان للحصول على التأشيرة أربع مرات من قبل جنوب إفريقيا من أربع دول مختلفة. لكنه لم يستسلم أبدًا، حتى عندما طُلب منه العودة إلى المغرب والتقديم من هناك. لذلك عندما وصل إلى كيب أغولهاس، أقدم منارات جنوب إفريقيا وأشهرها، يقول: “بكيت، لأن هذه كانت إحدى أسعد لحظات حياتي”.
قالوا لي لا يمكنك فعل ذلك بل إنه مستحيل. لكن ها أنذا، حققت هدفي ووصلت إلى أقصى جنوب إفريقيا”.
نجاح بعد عذاب
وبعد أن روى عثمان شغفه وأكمل رحلته، أراد أن يخبر العالم بما رآه بأم عينيه الإفريقيتين. حينها قرر توضيب العمل بشكل احترافي. “علمت منذ البداية أنني سأحتاج بالتأكيد إلى التوجيه لإنتاج هذا الفيلم، لا يمكنني ببساطة العمل عليه بمفردي”.
وأردف “كنت مرتبطًا جدًا بالعديد من القصص، لم يكن من السهل اختيار اللقطات التي سيتم وضعها في الفيلم من بين 220 ساعة تصوير. لكن بفضل فريق العمل الماهر بقيادة المخرج كريس غرين حصلنا على عمل يليق بنا وبقارتنا”.
وبالفعل، حقق الفيلم الوثائقي مشاهدات عالية بعد عرضه على منصة “شوماكس”، وأصبح من بين الأفلام الوثائقية العشرين الأكثر مشاهدة خلال عام 2021. كما اختير للمشاركة في شهر أكتوبر في مهرجان بورتلاند السينمائي.
ويقول الرحالة المغربي الذي حصل على لقب مغامر العام في مهرجان المغامرات المغربي لعام 2018 ، وجائزة واحد من أفضل عشر رحالة في العالم في مهرجان دبي للرحالة في دورة 2017، (إنه) يخطط لرحلته القادمة.
ويقول بعزم كبير “لقد عبرت الأرض، ما تبقى الآن هو المحيط. لقد بدأت أدرس الملاحة في جنوب إفريقيا محل إقامتي الحالي، لأن رحلتي التالية ستكون على متن قارب شراعي أجوب به العالم”.
سكاي نيوز عربية