أجرى باحثون في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية دراسةً جديدة تسلّط الضوء بصورةٍ غير مسبوقة على التغييرات المحتملة في بنية الدماغ والمرتبطة باضطراب التوحد، وهو اضطراب نمو عصبي يتم تشخيصه عادة في مرحلة الطفولة المبكرة، ويُعتقد أنه ينتج بسبب عوامل وراثية على الأغلب.
وحدّد الباحثون خلال الدراسة دور الخلايا العصبية وغير العصبية في تطور هذا الاضطراب، بناءً على بيانات تم الحصول عليها من ثلاث مناطق دماغية لثمانية متبرعين بأنسجة عصبية بشرية إلى منصة آلين برين أتلاس، وهي مشروع متكامل يهدف إلى استكشاف الجهاز العصبي المركزي.
وحددت الدراسة المصممة لاستكشاف الأسباب المحتملة لاضطراب طيف التوحد الجينات التي تحمل أهمية في جميع الاختبارات لتخضع فيما بعد لمزيدٍ من التحليلات ضمن مجموعات تتراوح من 349 إلى 2671 جيناً.
ونجح الباحثون في تحديد الجينات غير العصبية المنحازة (PLXNB1، KANK1، TANC2، GLUL)، والتي كانت من بين جينات التغيير في الجزء العلوي ضمن المناطق الثلاث من الدماغ.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال الدكتور محمد الدين، الأستاذ المشارك في علم الوراثة في كلية الطب بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية: “تمت معالجة البيانات وتجميعها على نطاق واسع لتحديد الجينات موضع الدراسة في جميع مناطق الدماغ الثلاث. ونجحت الدراسة بإيجاد العديد من متغيرات في الجينات PLXNB1 وKANK1 في حالات اضطراب التوحد، والتي تمّ تحديدها بشكل واضح في الخلايا النجمية مقارنة بالخلايا العصبية. كما تشير النتائج إلى أن بعض حالات اضطراب التوحد تكون مرتبطة بطفرة فقدان الوظيفة في جينات مقيدة مع عملية التطور وتنظم الخلايا غير العصبية في الدماغ، في حين تؤثر بعض الأنواع الفرعية من التوحد على الخلايا الدبقية فقط، ما يؤكد أنّ هذه الخلايا تلعب دوراً أساسياً في هذه الحالة”.
وأضاف الدكتور محمد الدين: “توفر لنا هذه النتائج أدلة مهمة يمكن من خلالها زيادة الوعي بالأسباب المحتملة لاضطراب التوحد”.
ونُشرَت هذه الدراسة الواسعة في مجلة هيومن جينومكس المرموقة والمحكمة، ويأمل فريق الجامعة أن يساهم عملهم في التشجيع على إجراء مزيد من الأبحاث حول مواضيع الخلايا العصبية وغيرها، لفهم تطور وأسباب اضطراب طيف التوحد.
وتُعد الخلايا الدبقية نسيجاً ضاماً رقيقاً يدعم العناصر العصبية للجهاز العصبي المركزي ويربطها معاً، بما فيها الخلايا الدبقية الصغيرة وهي الخلايا المناعية الأولية للجهاز العصبي والخلايا النجمية وهي أكثر أنواع الخلايا الدبقية وفرة والخلايا المنتجة للمايلين وهي الخلايا الدبقية قليلة التغصن.
وتظهر نتائج هذه الدراسة أن بعض الأنواع الفرعية من التوحد تؤثر فقط على الخلايا الدبقية غير العصبية، والتي تربط عناصر الجهاز العصبي المركزي معاً وتتخلص من النواقل العصبية الزائدة.
البيان