لو عدنا 50 عاماً إلى الوراء، لكان ما سنقرأه في هذه السطور ضرباً من الخيال، لكنه في بلد اللامستحيل أصبح أمراً واقعاً بل ومعتاداً، فالقبطانة البحرية الإماراتية سحر راستي إضافة إلى أنها قبطانة تجوب البحار والمحيطات، هي أيضاً أول امرأة إماراتية مؤسسة ورئيسة تنفيذية لشركة ملاحة في القطاع البحري.

راستي تقول: إن مؤسس الدولة، المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حرص على دعم المرأة الإماراتية، وتعزيز دورها الحيوي في بناء الدولة، كما حظيت المرأة الإماراتية بدعم لا محدود من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، الأمر الذي شجع «راستي» على حضورها القوي كقبطانة بحرية، وإثبات كفاءتها وتميزها في كل ما تولته من مهام.

وأوضحت أنها أصبحت اليوم مصدر إلهام للكثير من الطالبات في الأكاديميات والكليات البحرية، لخوض هذا المجال.

وفي هذا الإطار قالت القبطانة البحرية الإماراتية سحر راستي: «التحقت للعمل في موانئ أبوظبي في عام 2014، وأصبحت مساعداً إدارياً في عام 2015، وأريد التنويه بأنني التحقت ببرنامج خاص للمواطنين لمدة 12 إلى 18 شهراً، بهدف الإلمام بشكل أكبر عن الموانئ وكسب الخبرة، ومن ثم الانتقال للقسم الذي يناسبني.

وبالنسبة ليّ لم أود مطلقاً أن أعمل بشكل نمطي، وخلال فترة 6 أشهر لاحظت في أحد الأقسام وهو الخدمات الملاحية وتحديداً صيانة العوامات بأنه لا تعمل فيه أي امرأة، وطلبت العمل في هذا القسم على الرغم من اقتراح المسؤول أن أعمل في قسم آخر، إلا أنه مع إصراري تمت الموافقة بأن أعمل فعلياً في هذا القسم، الذي كان يتطلب مني بأن أكون في السفينة لمدة تتجاوز 8 ساعات، وما زلت أتذكر بأنني بكيت في هذا اليوم».

وأضافت: «نعم، عانيت نوعاً ما من مشقة العمل، وحرارة الشمس، ما كان ينتابني من شعوري من الدوار إثر وجودي لساعات طويلة على السفينة، وفي البحر، وللتنويه تمثلت أول مهمة لي في عملي كانت صيانة العوامات لساعات طويلة كتنظيمها وإزالة المخلفات العالقة بها وإعادة تلوينها».

كما أوضحت القبطانة البحرية سحر راستي أن الكلية البحرية في مدينة خورفكان بإمارة الشارقة تحتضن اليوم ما يقارب 135 طالباً، منهم 35 طالبة يكمن طموحهن في أن يصبحن مهندسات بحريات أو قبطان.

ولفتت راستي من جانب آخر إلى أن هناك مشروع تعاون بينها وبين قناة السويس ستعلن عنه لاحقاً. وأضافت: «لا أخفي بأن رحلاتنا البحرية لا تخلو من التحديات، التي تتمثل في مشقة البحر لساعات طويلة تتمثل ما بين 8 إلى 12 ساعة، وذلك في إطار الرحلات البحرية الطويلة لا سيما التجارية، إضافة إلى حالة الطقس خاصة في فترة الضباب، وحالة البحر وعدم استقراره كاضطراب الأمواج».

وكشفت إلى أنها التحقت ببرنامج خاص للغوص يؤهلها بأن تكون غواصة في ما يتعلق بمجال المحافظة على البيئة. وأكدت راستي أنها واجهت العديد من التحديات الاجتماعية، لتثبت نفسها في مجال أصرت على تحقيق النجاح فيه، مشيرة إلى أنها لا تنافس زملاءها الرجال في المجال، بقدر ما تحرص على تطبيق ما أكد عليه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأن علاقة الرجل والمرأة علاقة مشاركة ووجود، كما تجتهد راستي لتحقيق التوازن بين عملها وأسرتها، لا سيما أبناءها الذين يرونها قدوة، ومصدراً للقوة والعطاء والإبداع.

وأعربت عن سعادتها اللامحدودة، بل إنها محظوظة لكونها شابة إماراتية متحمسة لهويتها العربية الإسلامية، ومعتزة في الوقت ذاته بإسهاماتها الوطنية، التي حققنها بإبداع، وتميز لاسيما في القطاع البحري.

البيان