عرف عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أنه أحد أهم رواد حماية البيئة في العالم، فقد ولد زايد وعاش نصيراً للطبيعة، واشتهر بحبه ورعايته للتنوع البيولوجي بكافة صوره. وتقديراً لجهوده في المجال البيئي، ظفر المغفور له بألقاب منحتها إياه منظمات وجهات دولية، ومنها «رجل البيئة الأول» و«قاهر الصحراء»، و«بطل الأرض»، حيث مثَّل زايد لدعاة حماية الطبيعية قيماً خالدة من منطلق قناعاته وتجاربه وحبه للطبيعة والحياة البرية على نحو غير مسبوق، وفوق كل ذلك، أدرك أهمية المحافظة على كل نقطة ماء وأحسن استثمارها.
وفي عام 2005، اختار برنامج الأمم المتحدة للبيئة «يونيب» المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واحداً ضمن سبع شخصيات عالمية بوصفهم أبطالاً للأرض، وذلك اعترافاً وتقديراً للجهود التي بذلها في سبيل حماية البيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي مناطق أخرى من العالم، وإسهاماته التي حظيت بالإشادة على نطاق واسع في مجالات الزراعة والتشجير والحفاظ على التنوع البيولوجي.

وعلى الرغم من ولادته في بيئة صحراوية قاسية تميز منطقة في شبه الجزيرة العربية، إلا أن الشيخ زايد ومنذ تعيينه ممثلاً للحاكم في مدينة العين والمنطقة الشرقية في عام 1946، بادر إلى البحث عن الماء، وترميم نظام الأفلاج وصيانتها لتأمين إمدادات أكثر استدامة للسكان. 
كذلك استشرف الحاجة إلى إحداث توازن بين الحفاظ على التراث العريق لرياضة الصقارة، وبين التأكد من بقاء الصقور وطرائدها في البرية على المدى البعيد. وتوصلت رؤيته المتفردة إلى ما عرفه حماة الطبيعة المعاصرون لاحقاً بالصيد المستدام، وبذلك فإن الشيخ زايد لم يسبق جيله فقط، بل تفوق بمراحل عديدة على دعاة حماية الطبيعة العالميين. كما أدخل زايد جانباً إنسانياً في مفاهيم رياضة الصيد بالصقور التي اعتبرها تراثاً لا يقدر بثمن.

مبادرات بيئية 
قبل الاتحاد كان زايد -طيب الله ثراه- قد شحذ رؤاه المتقدمة حول المحافظة على الطبيعة، منذ أوائل الستينيات. وعلى سبيل المثال، فقد أعد لعملية تم فيها أسر زوجين من المها العربية لتكون تلك الحيوانات نواة لإنشاء قطيع محمي ومتكاثر في الأسر من هذا النوع المنقرض من البرية.

والآن وبعد حوالي 50 عاماً من ذلك التاريخ، وبفضل برنامج الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربية الذي تنفذه هيئة البيئة – أبوظبي، وصل العدد إلى ما يزيد على 10.000 من المها العربية في مناطق محمية من دولة الإمارات العربية المتحدة تحتضن أبوظبي 5.000 رأس منها. 
وساهمت جهود دولة الإمارات المحلية والإقليمية في تغيير حالة المها العربية في القائمة الحمراء للاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة من «مهددة بالانقراض» إلى «معرضة للانقراض» في عام 2011. 
وفي عام 1966، حينما أصبح زايد حاكماً لإمارة أبوظبي التي بدأت نهضتها السريعة كمنتج للنفط، أنشأ هيئة للرفق بالحيوان ضمت مجموعة من المراقبين الذين تولوا حراسة الصحراء للإشراف على تطبيق الحظر المفروض على صيد الحيوانات البرية.

زايد والصحراء
مع تولي المغفور له مقاليد حكم أبوظبي عام 1966 خلفاً لأخيه الأكبر الشيخ شخبوط، أدرك أن النفط وحده لا يكفي لبناء الحضارة، فاتجه إلى تكوين بنية تحتية لقاعدة اقتصادية قوية، تعتمد على الصناعة والزراعة ونجح في زراعة قسم كبير من الصحراء، وتم تسطيح الكثبان والتلال الرملية وتهيئتها للزراعة، بعد فرش طبقة طينية فوقها، وتقسيمها إلى مزارع بعد تطويقها بالأشجار والنباتات المثبتة للتربة لتحميها من الرياح، وقام بتوزيعها على المواطنين ثم عمل جاهداً على مساعدة المزارعين وتدريبهم على الزراعة وسبل ترشيد استهلاك المياه كما عمل على إنشاء السدود، وتحلية مياه البحر، وزراعة أشجار القرم، وهكذا كانت الزراعة بدائية ثم تحولت إلى محور أساسي من محاور اهتمام الدولة.

إكثار الحبارى
وبتوجيهات الشيخ زايد، رحمه الله، بدأ برنامج إكثار الحبارى الآسيوية في الأسر في حديقة الحيوان بالعين في عام 1977 حيث أعلن في 1982 عن تفقيس أول فرخ في الأسر في دولة الإمارات. وفي عام 1989 بدأ المركز الوطني لبحوث الطيور، الذي أصبح فيما بعد جزءاً من هيئة البيئة – أبوظبي، برنامجه الطموح لإكثار الحبارى الآسيوية، والذي تطور من بداية متواضعة حتى وصل إلى إنتاج 200 طائر في عام 2004، وهو يسير باتجاه الهدف بعيد المدى الذي حدده الشيخ زايد بإنتاج 10.000 طائر حبارى آسيوي سنوياً، وإطلاق معظمها لزيادة أعداد المجموعات البرية.

وفي المملكة المغربية، أنشأ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1995 مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية لإكثار الحبارى وإطلاقها في البرية. وفي باكستان، دعم الشيخ زايد إنشاء الهيئة العالمية للحبارى. وقد ساعد ذلك على توثيق العلاقات مع الحكومة الباكستانية لمكافحة الصيد غير المشروع لطيور الحبارى، وإعادة تأهيل الطيور المصادرة لإطلاقها في البرية.

الاتحاد