أكد تقرير معرفي أصدرته مؤسسة القمة العالمية للحكومات بالشراكة مع شركة “كيه بي إم جي” KPMG بعنوان: “مستقبل المجتمعات: السبيل إلى إحياء القطاعات الإبداعية والثقافية من جديد بعد الجائحة”، أهمية استمرار الحكومات في دعم القطاع الإبداعي والثقافي في فترة ما بعد جائحة “كوفيد-19″، نظرا لدوره الحيوي في الاقتصاد العالمي وآثاره الإيجابية الكبيرة على المجتمعات.
وأوصى التقرير بالاستمرار في دعم الصناعات الثقافية والابتكارية بعد كوفيد-19، بخمس تقنيات يمكنها أن تفتح أبوابا جديدة للحلول الإبداعية، وأشار الى أن نمو القطاع الثقافي لا يتعلق بالعملات المشفرة أو البنية التحتية الرئيسية أو خطط الاستثمار، بل بالاستماع إلى التحديات المشتركة في هذا القطاع والفئات الرئيسية المرتبطة به وخاصة من المبدعين في القطاع الخاص والتأمل فيها ومعالجتها.
وأوضح التقرير أنه “مع استمرار إغلاق الأماكن الثقافية في العديد من الدول، فإن العودة إلى مرحلة زيادة عدد الجمهور القادر على حضور المناسبات الثقافية وخلق الفرص الوظيفية المرتبطة بها ستتطلب طرقاً مبتكرة تحافظ على التواصل المفتوح بين الجهات الاستثمارية الحكومية لضمان التأثير الأكبر على المدى الطويل.
محمد الشرهان: القمة عززت موقعها منصة عالمية شاملة لتعزيز الجاهزية الحكومية
وأكد محمد يوسف الشرهان، نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن القمة العالمية للحكومات عززت موقعها منصة عالمية شاملة لتعزيز الجاهزية الحكومية، وتمكين الحكومات من تطوير أنظمة عملها والاستعداد للتحديات التي يحملها المستقبل مهما كانت.
وقال إن القطاعات الإبداعية والثقافية تحمل فرصاً كبيرة خلال المرحلة الحالية، وتعزيز المشاركة النوعية لمختلف أفراد المجتمع في تطوير هذا القطاع والعمل فيه، والاستفادة من البيانات التي تحملها، لدعم عملية ترسيخ الابتكار ثقافة أساسية في المجتمعات.
من جهته، أفاد مازن حوالة، شريك، رئيس قسم القطاع الحكومي، كي بي أم جي الخليج الأدنى، “يكمن مستقبل الصناعات الإبداعية في تبني الحكومات لاختلافاتها وثقافاتها الفريدة وتمكين الشركاء. وبينما يشهد الاقتصاد العالمي شعورا واسع النطاق بعدم اليقين، ستظل قطاعات مثل الصناعات الثقافية بحاجة إلى دعم الحكومات ونهجها المبتكر”.
وأضاف أنه “من خلال العمل عن كثب مع مؤسسة القمة العالمية للحكومات، استنتجنا من هذا التقرير أن عودة القطاع الثقافي إلى النمو لا تتعلق بالعملات المشفرة أو البنية التحتية الرائدة أو خطط الاستثمار. بل يتعلق الأمر بالاستماع إلى القضايا المشتركة والتفكير فيها ومعالجتها من جميع أنحائها. إذا أرادت الحكومات دفع التغيير الكبير الذي من شأنه تسريع نمو القطاع، فعليها أن تفعل ذلك قريبا.”
المستقبل الاستراتيجي للقطاع الثقافي
ورأى التقرير أن مستقبل القطاع الثقافي يكمن في احتضان الحكومات لمختلف الثقافات وفي تمكين الأفراد، داعيا الى “التعامل مع “السياسة الثقافية” على أنها “سياسة عامة”، يتم الحكم على نجاحها من خلال مستويات المشاركة والفرص، إضافة إلى النتائج التقليدية مثل المؤشرات الاقتصادية.
ودعا التقرير إلى الاستفادة من المواهب وإشراك الأفراد والمؤسسات والمجتمع في تطوير استراتيجيات القطاع الإبداعي، وتشكيل فرص عمل واضحة ومستدامة، وأكد أهمية الاستفادة من البيانات النوعية في تحديد الأولويات وصناعة القرارات الحكومية، وأوضح أن القطاع الإبداعي له أهمية كبيرة بالنسبة للمجتمع باعتباره أحد أفضل المسارات للنمو الاقتصادي.
وأوضح التقرير أن المنافسة ستكون على المكان الذي يشعر فيه الناس بأكبر قدر من السعادة، وهو أمر مبني على مبادئ رأس المال الاجتماعي وجودة الحياة، وحث الحكومات على إشراك المجتمع في تطوير الإستراتيجية واتخاذ القرار، وخلق المزيد من الفرص لرواد الأعمال وتشجيع المجتمع على الابتكار.
5 تقنيات تفتح الأبواب أمام الحلول الإبداعية
وقدم التقرير عدة حلول لدعم قطاع جودة الحياة والصناعات المرتبطة بالثقافة، على رأسها التمويل المباشر وتطوير البنية التحتية وتقديم الحوافز التمويلية وغير التمويلية وبناء العلاقات مع القطاع الخاص.
وأوصى باستخدام تقنيات حل التحديات التي يمكن أن تفتح الأبواب أمام الحلول الإبداعية، من خلال التفكير التكاملي الذي يقوم على الجمع بين أكثر من نموذج، والتفكير التصميمي الذي يقوم على فهم متطلبات المتعامل لتطوير منتجات أفضل، والتفكير القائم على الشبكات الرقمية الذي يقوم على استخدام الشبكات الرقمية للتغلب على التحديات في الموارد المادية، مثل تكلفة الموظفين أو صعوبات التنقل.
أما الأداة الرابعة فهي التفكير الإبداعي القائم على الوصول إلى كافة الفئات من خلال الاستفادة من جميع قطاعات السوق، وتتمثل الأداة الخامسة في التفكير القطاعي الذي يقوم على إنشاء أسواق جديدة وتحقيق الدخل منها من خلال التسويق لفئات محددة.
تجارب دولية رائدة
واستعرض التقرير عددا من التجارب الدولية الرائدة لدعم القطاع الثقافي والابتكاري، ومن بينها منح النمسا للعاملين في القطاع إعفاءات من الرسوم مع خفض ضريبة الدخل من 25% إلى 20%، بينما قدمت التشيك للقطاع تخفيضا بواقع الثلث في ضريبة القيمة المضافة، وسداد نصف بدل الإيجارات عن المؤسسات، بينما أسست كل من أيرلندا وسنغافورة وهولندا صناديق مخصصة لدعم القطاع.
وقدم التقرير مراجعات معمقة مع شهادات من صنّاع القرار في عدد من الدول الأكثر تأثيرا في قطاع جودة الحياة والابتكار، مثل بريطانيا التي يبلغ حجم القطاع فيها 343 مليار دولار ويعمل فيه 2.1 مليون شخص تبلغ مساهمتهم في الناتج المحلي 161 مليار دولار، وألمانيا التي يبلغ حجم القطاع فيها 210 مليارات دولار ويشكل 3.1% من إجمالي الناتج المحلي ويعمل فيه أكثر من 1.8 مليون شخص.
منصة عالمية لصناعة المستقبل
الجدير بالذكر، أن القمة العالمية للحكومات ركزت منذ إطلاقها على تشكيل واستشراف حكومات المستقبل وبناء مستقبلٍ أفضل للبشرية، وساهمت في تأسيس منظومة جديد ة للشراكات الدولية القائمة على إلهام واستشراف حكومات المستقبل.
وتطلق مؤسسة القمة العالمية للحكومات 20 تقريرا معرفيا معمّقا بالشراكة والتعاون مع أهم المؤسسات البحثية العالمية، تتناول مجموعة من أبرز المحاور التي تشغل أجندات حكومات العالم.
ويمكن الاطلاع على النسخة الكاملة لتقرير “مستقبل المجتمعات: السبيل إلى إحياء القطاعات الإبداعية والثقافية من جديد بعد الجائحة” عبر الرابط الإلكتروني: https://www.worldgovernmentsummit.org/ar/الراصد/التقارير/2022/التفاصيل/creative-economies-and-cultures-ar
البيان