توقع رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفلك، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، إبراهيم الجروان، طلوع نجم سهيل ويشاهد فوق الافق الجنوبي الشرقي في الإمارات ووسط الجزيرة العربية ابتداءً من فجر 24 أغسطس الجاري.
وذكر الجروان أن ظهور نجم سهيل يتزامن معه اعتدال الطقس، وانخفاض درجات الحرارة، ويبدأ منخفض الهند الموسمي بالضعف والتراجع جنوبا، وتهب معه رياح “الكوس”، وهي رياح جنوبية شرقية عالية الرطوبة، تعمل على تكوين سحب منخفضة على امتداد السفوح الشرقية لجبال الحجر في عمان والإمارات، قد يصاحبها هطول رذاذ.
كما تهب رياح نشطة يطلق عليها “هبايب سهيل” تعمل على تلطيف الجو، وتنشط “الروايح” أو “روايح الصيف”، التي تؤثر على مناطق ما حول جبال الحجر في الإمارات وعمان، ويطال تأثيرها المناطق الجبلية الوسطى في الإمارات من مدينة الذيد إلى مدينة العين، مسببة عواصف محلية ورياح هابطة قوية تصحبها السحب الركامية وهطول الأمطار الرعدية الغزيرة.
وأشار الجروان إلى أنه خلال الفترة الممتدة من طلوع “سهيل” إلى حين الاعتدال الخريفي في 23 سبتمبر، يشتد الحر المشبع بالرطوبة، وأطلق العرب على ذلك “وعكة” ومن أشهرها “وعكات سهيل” ويطلق عليها أيضا بين المزارعين في الخليج “حرة الدبس” حيث تتم إسالة الدبس من التمر، كما تسمى “حرة المساطيح”، و”المسطاح” مكان تجفيف الرطب ليصبح تمرا، كما تبدأ خلال نفس الفترة “هبايب سهيل” تبدأ بالهبوب وهي رياح رطبة نشطة تعمل على الحد من درجات الحرارة العالية وتلطيف الأجواء.
ولفت الجروان إلى اهتمام أبناء الجزيرة العربية منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفة منازلها، لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار، فهم يعرفون من خلالها دخول فصول السنة وأوقات نزول الأمطار، وأوقات البرد والحر، ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرون استعدادا لنزول المطر، وأهل البر يعرفون مواسم الرعي والسفر، ويعرف أهل البحر مواسم الصيد البحري والسفر.
وذكر ان نجم سهيل الذي تستبشر بطلوعه العرب بجلاء القيظ وشدة الحر وإقبال الربيع والمطر، يعتبر أحد أشهر النجوم عند العرب و أكثرها ذكرا في ادبياتهم، و”سهيل” عند العرب، هو “البشير اليماني”، وله عندهم عدة أسماء، فهم يسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني أيضا، وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلا للنجم القطبي الشمالي، فهو يشير إلى جهة الجنوب.
وأشار إلى إن نجم سهيل عرفه العرب منذ قديم الأزمان، وكان له حضور في أشعارهم وأمثلتهم، كما اعتبر جزءا من وعيهم المناخي والفلكي، حيث حسبوا من خلاله، موعد انكسار شدة الحر وتغير المناخ نحو الاعتدال.
ويعد سهيل نجم لامع من القدر الأول”، حيث تقسم أقدار النجوم المرئية إلى ستة أقدار أوضحها النجوم من القدر الأول وأخفتها من القدر السادس”، وثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية ويبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية، يتعامد على دائرة عرض -52.6 جنوبا.
وبسبب موقعه في أقصى الجنوب فإن رؤيته غير ممكنة في البلاد التي تتجاوز دائرة العرض “38” درجة شمالا، ويكون أقصى ارتفاع له في الإمارات عن الأفق الجنوبي بحوالي 13 درجة تقريبا، ويستمر ظهوره حتى نهاية فصل الشتاء في منطقة الجزيرة العربية.
ونظرا لوقوع الجزيرة العربية على حدود 12.5 درجة شمالا، جنوب اليمن، إلى 30 درجة شمالا عند العراق، وتقع الإمارات على دائرة عرض 25 درجة شمالا في المتوسط، وبناء على الحسابات الفلكية فإن نجم سهيل يكون وقت طلوعه مقترنا بوقت طلوع الشمس في الإمارات بتاريخ 11 / 12 أغسطس، أي أنه يكون مماسا للأفق الجنوبي الشرقي ذلك الوقت، ولا يمكن رؤيته في هذا التاريخ أو قبله، ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 5 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس وأقل مسافة عن الشمس للنجم المرئي، وذلك يوم 24 أغسطس حيث يكون من الممكن رصده في سائر مناطق دولة الإمارات ووَسط الجزيرة العربية، ويكون بعد هذا الوقت مرئيا عند الشفق الصباحي ويطلع قبل طلوع الشمس بمدة لا تقل عن 25 دقيقة وذلك عند أجواء الرصد المثالية.
وأشار الحروان إلى أنه لم يثبت في الإمارات مشاهدة للنجم سهيل قبل 20 أغسطس، وإنما يربطون موسم سهيل وبداية السنة السهيلية أو در العشر ببعض التغيرات في الأجواء والتغيرات الطبيعية في البيئة المحلية، والتي تحدث خلال النصف الثاني من أغسطس، تتزامن مع وقت طلوع سهيل ولا ترتبط بالرؤية الفعلية للنجم.
وذكر أنه مع طلوع “نجم سهيل”، يبدأ التقويم الخاص بأهل الخليج والمعروف بـ”الدرور” وهذا التقويم ببساطة يقسم السنة إلى أربعة أقسام كل قسم مئة يوم، “مئة الصفري” أو الخريف، و”مئة الشتاء”، و”مئة الصيف” أو الربيع، وثم “القيض” وهو وقت شدة الحر لها 65 يوما تكتمل فيها السنة، وكل عشرة أيام منها تسمى “در”.
ويبدأ هذا التقويم بين 10 إلى 20 أغسطس، حسب أهل الحساب، وبعضهم يجعل بدايته مع تلمس التغيرات الجوية و الطبيعية، وهو اختلاف بسيط، لا يقلل من فعالية التقويم وتطابقه مع حالة الجو والبحر ومواعيد الزرع والحصاد.
ويتزامن مع ظهور نجم سهيل انخفاض درجات حرارة البحر، حيث تعود معظم الأسماك بكميات كبيرة للاقتراب من السواحل بعد اعتدال الطقس، وكانت قد ابتعدت عنها خلال الصيف لاجئة إلى الأعماق الباردة مبتعدة عن درجات الحرارة المرتفعة، كما يعاود الصيادون الخروج إلى البحر للصيد بعد عزوفهم عنه خلال فصل الصيف، نظرا لارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى انتعاش أسواق السمك في مختلف مناطق الدولة.
الإمارات اليوم