فَقَدت أسرة الفتاة الإماراتية “هند” الأمل في إصلاح اعوجاج وتحدب شديد في عمودها الفقري.
تسرّب هذا الشعور للأسرة بعد أن أخبرها الأطباء بعد رحلة علاجية في ألمانيا قبل نحو سبع سنوات، أن إجراء الجراحة لها يعني خيارين لا ثالث لهما، وهما إما أن تخرج متوفية من الجراحة أو مشلولة.
وخلال السبع سنوات الماضية، كانت المشكلة تزداد مع تقدّم الفتاة البالغة من العمر الآن 18 عاماً في النمو، الأمر الذي أضاف صعوبة لحالة مرضية كانت صعبة في الأساس، لكن بارقة أمل لاحت قبل شهور لتلك الأسرة، عندما قرأت “هند” على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن مهارة جراح مصري في مثل هذه النوعية من التدخلات الجراحية الحرجة.
لم تضيّع الأسرة الإماراتية القلقة على ابنتها الوقت واتجهت إلى العاصمة المصرية القاهرة لعرض حالة الفتاة على الجراح المتخصص في اعوجاج العمود الفقري هاني عبد الجواد، الأستاذ المساعد في كلية الطب- جامعة الأزهر.
وبعد إجراء الفحوصات اللازمة ودراسة الحالة، كان قرار عبدالجواد، هو المغامرة بإجراء تلك الجراحة التي رفضها أقرانه في ألمانيا، وكان التوفيق حليفه.
وأعلن عبدالجواد عبر صفحته في موقع “فيسبوك” نجاح الجراحة، وهي الأولى من نوعها، لاجتماع مجموعة من المشاكل في تلك الحالة، وهو الوزن القليل للفتاة (37 كيلو جراماً)، ما يعني أن كمية الدم لديها قليلة، وهذه الجراحة بطبيعتها يكون من نتيجتها فقدان كمية كبيرة من الدماء، فضلاً عن اجتماع التحدب مع الاعوجاج، وتأثير ذلك على وظائف التنفس.
ويقول عبدالجواد لـ “العين الإخبارية”: “للمرة الثانية في حياتي تنتابني لحظات أشعر فيها أني اتخذت القرار الخطأ بإجراء الجراحة، فبعد الشروع في إجراء الجراحة، كانت تفاصيل الحالة صعبة للغاية، لدرجة أني اجتهدت كثيراً حتى أعثر على العمود الفقري من صعوبة الحالة، وفكّرت للحظات أن أغلق الجرح مجدداً، وأعتذر لأسرة (هند) عن عدم استكمال الجراحة، لأنها يمكن أن تكون كما قال الأطباء الألمان أمام خيار الشلل أو الموت”.
وحسم عبدالجواد قراره سريعاً بعد أن استرجع المشاهد الإنسانية التي سبقت إجراء الجراحة، بداية من حضور أسرة الفتاة إلى القاهرة، وقول والدتها له أن “هند تحلم بك منذ قرأت عن إنجازاتك في هذه النوعية من العمليات، وأنا أعلم أنه لا يوجد حل، ولكني أحضرتها لك كي تسمع هذا الكلام بنفسها”، ثم إدراكه بالفعل أن العملية تكاد تكون مستحيلة، واتخاذه قرار المغامرة بعد أن وجد الفتاة لديها بصيص من الأمل في أن يكتب الله لها الشفاء على يديه، وانتهاء باليوم الذي سبق إجراء الجراحة عندما دخلت الفتاة في نوبة من البكاء خوفاً من تبعاتها، لكنه وعدها ببذل أقصى جهده، كي تخرج منها وهي تسير على قدميها.
شحن عبدالجواد طاقته بهذه المشاهد، واستأنف عمله، مستحضراً كل التجارب التي مرّ بها، ليقضي ست ساعات من العمل الشاق في هذه الجراحة (من التاسعة مساءً حتى الثالثة صباحاً)، لينهيها بنجاح، وينشر في العاشرة صباحاً على صفحته في موقع “فيسبوك” كما اعتاد، صورة للفتاة، وهي تسير على قدميها.
يقول عبدالجواد: “اليوم كان أصعب أيام حياتي والحمد لله مرّ على خير، ومنحتني فرحة أسرة هند بنجاح العملية طاقة إيجابية لم أشعر بها طيلة حياتي، فيكفي أن والدها قال لي، إنه جهّز إجراءات لسفر ابنته كجثمان، وليس كمسافرة عادية، وقالت لي الأم وهي تبكي بشكل هستيري من الفرحة، إنها عاشت 18 سنة، وهي لا تتخيل أن تلك اللحظة يمكن أن تأتي”.
العين الإخبارية