تقود دولة الإمارات أكبر حركة ترجمة معرفية للنهوض بالعمل الثقافي العربي وتعزيز انفتاحه على ثقافات الشعوب الأخرى، بما يعزز من فرص التواصل والحوار الأممي. وتشارك الإمارات، اليوم الجمعة، العالم احتفاءه بـ«اليوم الدولي للترجمة» الذي يصادف 30 سبتمبر من كل عام، وذلك تقديراً للدور الذي يضطلع به المهنيون اللغويون في مد جسور التفاهم بين الأمم وتعزيز السلام والتنمية.
وتأخذ الإمارات على عاتقها مهمة إثراء المكتبة العربية بأفضل ما قدّمه الفكر العالمي من أعمال، عبر ترجمتها إلى «لغة الضاد»، إضافة إلى إبراز الوجه الحضاري للأمة عبر ترجمة أبرز الإبداعات العربية إلى لغات العالم. وتحظى الترجمة في الإمارات بعناية ودعم رسمي أسهم خلال السنوات الماضية في تأسيس جملة من المؤسسات والمراكز البحثية والمبادرات المعنية بهذه المهنة دراسة ونشراً، والتي كان لها بالغ الأثر في رفد المكتبة العربية بهذه المعارف، خصوصاً النادر منها.
«تحدي الترجمة»
ويعد «تحدي الترجمة» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في سبتمبر 2017، إحدى أبرز المبادرات التي تهدف إلى توفير محتوى تعليمي شامل ومتكامل في مجالي العلوم والرياضيات، باعتبارهما من أهم روافد التطور الحضاري. ونجح التحدي خلال سنة من إطلاقه في تعريب 5000 فيديو تعليمي، وذلك بواقع 11 مليوناً و207 آلاف كلمة، وبمعدّل 500 فيديو شهرياً، وبإجمالي عدد دقائق يُقدَّر بنحو 50 ألف دقيقة من مونتاج الفيديوهات التي توفر حصصاً تعليمية تتناول مساقات مختلفة ضمن مواد العلوم، كالفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات والعلوم العامة، وفق خطة تعريب مدروسة تراعي الاحتياجات التعليمية للطلبة العرب في شتّى المراحل الدراسية.
وفي السياق ذاته، تبرز جهود مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة التي أطلقت برنامج «ترجم»، بهدف إثراء المكتبة العربية بأفضل ما قدّمه الفكر والأدب العالمي، وإظهار الوجه الحضاري للأمة، عبر ترجمة الإبداعات العربية إلى لغات العالم، كما تولي المؤسسة أهمية قصوى لترجمة أبرز كتب التراث الحضاري الصادرة في المناطق المحيطة بالوطن العربي، من أجل تعميق جسور التواصل الثقافي والمعرفي مع تلك الثقافات.
مشروع «كلمة»
بدوره، يتصدى مشروع «كلمة» للترجمة الذي أطلقته دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عام 2007، لمهمة إحياء حركة الترجمة في العالم العربي ودعم الحراك الثقافي الفاعل الذي تشهده أبوظبي للمساهمة بدورها في خريطة المشهد الثقافي الإقليمي والدولي، من أجل تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية.
وفي كلّ عام، يختار «كلمة» عشرات، بل مئات الكتب من أهم المؤلفات العالمية الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة من مختلف دول العالم، ويقوم بترجمتها إلى اللغة العربية، مع مراعاة الجودة والدقة في نشر الكتب.
جائزة «ترجمان»
وفي الشارقة، تعد جائزة الشارقة للترجمة «ترجمان»، الجائزة العالمية الأولى من نوعها في مجال الترجمة والتأليف، لتفتح المجال أمام مختلف دور النشر العالمية والعربية التي تمتلك ترجمات أجنبية، بأي لغة من اللغات، للمشاركة. ومنذ إطلاقها في عام 2017، عملت الجائزة على إيصال المؤلفات العربية إلى رفوف المكتبات العالمية ليتسنى للقراء التعرّف على إبداعات الثقافة العربية والاطلاع على كنوزها الإبداعية.
وتبلغ القيمة الإجمالية للجائزة مليوناً وأربعمائة ألف درهم إماراتي، منها 100 ألف درهم ينالها مترجم الكتاب الفائز، ومليون وثلاثمائة ألف درهم خصصت لدور النشر الأجنبية والعربية.
من جهتها، تتوج دار زايد للثقافة الإسلامية جهودها بإثراء الساحة الثقافية بإصدارات متخصصة تربوية إنسانية قيّمة، حيث تعمل على ترجمة المقالات والنصوص المتخصصة في الثقافة الإسلامية إلى اللغة الإنجليزية ولغات مختلفة كالصينية والروسية والفلبينية والتاميلية والأمهرية والآرومية والسنهالية والأوردية، ولعل من أبرز الترجمات التي تنفذها الدار بصورة دورية هي ترجمة مقالات الثقافة الإسلامية، والتي تصل إلى نحو 120 ترجمة خلال العام.
الاتحاد