شهدت تشاد غير الساحلية والتي تعد واحدة من أكثر دول العالم فقرا وجفافا، فيضانات استثنائية أثرت على حياة مئات الآلاف من سكانها.
في العاصمة المنكوبة نجامينا امتلأ حقل كبير بالخيم التي نُصبت لتوفير مراكز إيواء للنازحين من المناطق المنكوبة، في حين يحاول ضحايا انتشال ما أمكن من مقتنياتهم من تحت أنقاض منازلهم.
في حي واليا الفقير في جنوب المدينة، جرفت الفيضانات الأسبوع الماضي عشرات المنازل بعدما فاضت مياه نهر شاري على أثر هطول أمطار غزيرة، وفق مراسل وكالة فرانس برس.
وارتفع منسوب المياه إلى خمسة أمتار، وهو مستوى يقول مسؤولون محلّيون إنه غير مسبوق، وقد أدى ذلك إلى جرف عوائق يدوية الصنع كان السكان قد أقاموها في محاولة للحد من الأضرار.
وفي مستنقع غطّت مياهه قدميها حتى الكاحلين قالت أنطوانات نيرمرسي وهي في الثلاثينيات من العمر “انهارت الدفاعات التي أقيمت للحماية من الفيضانات الخميس عند الثامنة صباحا فاجتاحت المياه منزلي بالكامل”.
وعملت نيرمرسي على جمع قطع من الصفيح وربطها ووضعها في قارب خشبي صغير يفترض أن يقل العائلة وما تبقى لها من مقتنيات إلى مكان أكثر أمانا.
وقالت “الناس يجوبون الشوارع على متن قوارب ويسرقون الممتلكات من المنازل المدمرة”، مشيرة إلى أن لصوصا أقدموا على سرقة مجوهرات ومبالغ مالية وأسطوانة غاز من منزلها.
“مغمورة بالمياه”
الإثنين، انتشرت على قارعة الطريق المؤدي من واليا إلى العاصمة المراتب والأواني المطبخية والخزفيات التي انتشلها السكان من حطام منازلهم.
وقالت ماري نويل عزيزة “ليس لدينا أي مكان نبيت فيه، مقتنياتنا في الشارع”، مضيفة “فقدت مالي وذهبي. لم يتبقَّ لي شيء”.
ومنذ نهاية يونيو ألحقت الفيضانات أضرارا بأكثر من 340 ألف شخص في تشاد، وفق تقرير أممي غير نهائي.
وتضرر أكثر من 60 ألف شخص في المنطقة المحيطة بواليا، وفق السلطات.
وقال رئيس البلدية محمد صالح كريمة إن “غالبية أراضي المنطقة مغمورة بالمياه”.
وباستثناء امرأة مسنّة قضت في منزلها الأسبوع الماضي، لم ترد أي تقارير عن وفيات، وفق رئيس البلدية.
وقال كريمة إن الشرطة كلّفت مئة من عناصرها إجلاء السكان.
وانتقل البعض للإقامة مع أقارب لهم في وسط المدينة، فيما تم نصب خيم لإيواء نحو ألفي شخص.
وقال رئيس البلدية إن السلطات المحلية كانت قد وزّعت على السكان أكياسا وكميات من الرمال لإقامة عوائق يدوية الصنع تحميهم من الفيضانات، كما تعاونت في ذلك الحكومة ومنظمات غير حكومية.
لكن ذلك لم يكن كافيا “فمستويات المياه هذا العام كانت أعلى مقارنة بالأعوام الماضية”، وفق كريمة.
وقال نغارتوام ندوجينغا وهو في الستينيات من العمر إنه مقيم في الحي منذ صغره ولم يسبق أن شهد ارتفاع منسوب مياه النهر إلى هذا الحد.
صلة مع المناخ
وفي تصريح لفرانس برس قال سينغامباي دجيكوندا متحدثا باسم الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية إن هيئته كانت قد توقّعت هطول كميات غير اعتيادية من الأمطار وحذّرت من فيضانات في بعض المناطق.
وقال “طلبنا من السلطات أن تدعّم السدود في نجامينا، لكن لسوء الحظ لم تتّخذ التدابير المناسبة”.
وموسم الأمطار في منطقة الساحل يمتد عادة من يونيو حتى سبتمبر، وغالبا ما يترافق مع وفيات.
لكن الأضرار وكميات الأمطار هذا العام استثنائية، وفق خبراء.
في النيجر المجاورة، أفقر دول العالم وفق مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، قضى 192 شخصا وتضرر أكثر من 250 ألف نسمة ودمّر 30 ألف منزل، وفق حصيلة نشرت في السادس من أكتوبر.
وفي تصريح لفرانس برس قال مدير الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية كاتييلو غابتيا لاوان إن “كل دراساتنا تفيد بإمكان وجود صلة بين هذه الأمطار والتغير المناخي”.
البيان