يحتفي العالم باليوم الدولي للتسامح الذي يصادف الـ16 من نوفمبر من كل عام وسط اهتمام عالمي متزايد تعبر عنه عشرات المبادرات والمنتديات عالمياً، وفي ظل كل ذلك الزخم أخذ مفهوم التسامح في الاتساع والميل بحسب الأبعاد الدينية والسياسية والاجتماعية للمتحدثين، وهو ما يعيد الحاجة إلى إعادة التعريف بمبادئ التسامح التي أقرتها الدول المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة في المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين، باريس، 16 نوفمبر 1995.

وتشكل مبادئ التسامح الدستور الأكثر شمولية وقانونية والأبعد عن التأويل والتحريف، وقد لخصت ديباجة القرار الأممي ذلك، حيث أكدت: “إننا إذ نعقد العزم على اتخاذ كل التدابير الإيجابية اللازمة لتعزيز التسامح في مجتمعاتنا باعتباره مطلباً ضروريا للسلام والتقدم الاقتصادي والاجتماعي لكل الشعوب”.

واشتملت المبادئ على 6 مواد اختص الأول بالتعريف بالتسامح الذي يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا ..ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد ..وأنه الوئام في سياق الاختلاف، وهو ليس واجبا أخلاقيا فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني، والتسامح، هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام ..وأن التسامح لا يعني المساواة أو التنازل أو التساهل بل التسامح هو اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالميا ..على أن يتحول التسامح إلى ممارسة يأخذ بها الأفراد والجماعات والدول.

دور الدولة..
وعنيت المادة الثانية بدور الدول في تعزيز التسامح عبر ضمان العدل وعدم التحيز في التشريعات وفي إنفاذ القوانين والإجراءات القضائية والإدارية، وإتاحة الفرص الاقتصادية والاجتماعية لكل شخص دون تمييز ..كما ينبغي عليها المصادقة على الاتفاقيات الدولية القائمة بشأن حقوق الإنسان، وأن تصوغ عند الضرورة تشريعات جديدة لضمان المساواة في المعاملة وتكافؤ الفرص لكل فئات المجتمع وأفراده ..إضافة إلى البعد عن مظاهر تهميش الفئات المستضعفة، واستبعادها من المشاركة الاجتماعية والسياسية.

الأبعاد الاجتماعية..

وأكد الإعلان ضرورة تبني الأفراد للتسامح على صعيد الأسرة والمجتمع المحلي، وتبني مناهج تعليمية تسهم في تكوين مواقف قائمة على الانفتاح وإصغاء البعض للبعض.

وركز الإعلان على دور وسائل الإعلام والاتصال في تيسير التحاور والنقاش بصورة حرة ومفتوحة، وفي نشر قيم التسامح وإبراز مخاطر اللامبالاة تجاه ظهور الجماعات والأيديولوجيات غير المتسامحة.

وأكد إعلان اليونسكو اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان التساوي في الكرامة والحقوق للأفراد والجماعات حيثما اقتضى الأمر ذلك. وينبغي في هذا الصدد إيلاء اهتمام خاص للفئات المستضعفة التي تعاني الحرمان الاجتماعي أو الاقتصادي لا سيما فيما يتعلق بالمسكن والعمل والرعاية الصحية، وضمان احترام أصالة ثقافتها وقيمها، ومساعدتها على التقدم والاندماج على الصعيد الاجتماعي والمهني.

– التعليم..
واهتمت المادة الرابعة للإعلان بدور التعليم في تعزيز التسامح باعتباره أنجع الوسائل لمنع اللاتسامح، عبر تعليم الناس الحقوق والحريات التي يتشاركون فيها فضلا عن تعزيز عزمهم على حماية حقوق وحريات الآخرين ..مطالبة بالتشجيع على اعتماد أساليب منهجية وعقلانية لتعليم التسامح، ومساعدة النشء على تنمية قدراتهم على استقلال الرأي والتفكير النقدي والتفكير الأخلاقي.

وتعهد الدول الموقعة بمساندة وتنفيذ برامج للبحوث الاجتماعية وللتعليم في مجال التسامح وحقوق الإنسان واللاعنف ..وإيلاء عناية خاصة لتحسين إعداد المعلمين، والمناهج الدراسية، ومضامين الكتب المدرسية بغية تنشئة مواطنين يقظين مسؤولين ومنفتحين على ثقافات الآخرين، يقدرون الحرية حق قدرها، ويحترمون كرامة الإنسان والفروق بين البشر.

– الالتزام بالعمل..
وتعهدت الدول الموقعة بالعمل على تعزيز التسامح واللاعنف عن طريق برامج ومؤسسات تعنى بمجالات التربية والعلم والثقافة والاتصال.

وبالعودة إلى اليوم الدولي للتسامح وأصل الاحتفال به في هذا اليوم فقد أعلنت المادة السادسة يوم السادس عشر من شهر نوفمبر من كل سنة يوما دوليا للتسامح، من منطلق إشراك الجمهور، والتشديد علي أخطار عدم التسامح، والعمل التزام ونشاط متجددين لصالح تعزيز نشر التسامح والتعليم في مجال التسامح.

البيان