تحركت دولة الإمارات في أكثر من اتجاه لمواجهة تحدي تزايد الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد التي تهدد استدامة البيئة، بعد أن تجاوز استخدامها في الدولة أكثر من 13 مليار كيس في السنة وذلك من خلال تنفيذ منظومة متكاملة تتمثل في رفع الوعي العام عند كافة فئات المجتمع بأهمية الاستهلاك المستدام لهذا النوع من المنتجات، وتطبيق نظم الاقتصاد الدائري في التعامل مع النفايات البلاستيكية عبر معالجتها وإعادة تدويرها، واستخدام أنواع قابلة للتحلل.

وتعتبر أزمة التلوث البيئي والصحي التي تتسبب بها المنتجات ذات الاستخدام الواحد بصفة عامة والأكياس البلاستيكية بصفة خاصة أحد أكثر التحديات البيئية التي تواجه العالم بأسره، حيث أن الاستهلاك المتزايد من هذه المنتجات أدى إلى تولد كم هائل من المخلفات، التي تؤثر بشكل سلبي على البيئة، وهي أزمة متنامية لها آثار اقتصادية وصحية واجتماعية كبيرة لا سيما بالنسبة للدول الجزرية والساحلية والتي تعتمد على البيئة البحرية ومواردها في مختلف القطاعات.
ووضعت حكومة دولة الامارات قراراً ينظم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في الدولة، حيث سيتم تطبيق حظر تام على جميع الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة بالدولة بحلول 2024، والأكياس أحادية الاستخدام الأخرى بحلول 2026، وذلك في إطار سعيها لترسيخ مستقبل مستدام في كافة القطاعات وباتت الإمارات من أوائل الدول التي قررت الاعتماد على حلول مستدامة تحد من الاستهلاك المتزايد للأكياس أحادية الاستخدام.

وتشكل استضافة دولة الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، في نوفمبر المقبل، مناسبة مهمة لاستعراض الجهود والإجراءات لمكافحة التغير المناخي حول العالم.

معالجة شاملة

وتتميز تجربة الإمارات في التصدي للتلوث البلاستيكي بالعمل على معالجة هذا التحدي من الزوايا كافة عبر اتباع أنماط استهلاك وإنتاج أكثر استدامة وتوعية المنتجين والمستهلكين بالبدائل وما يمكنهم فعله سواء على صعيد سلسلة الإنتاج أو أثناء شراء السلع لتقليص كمية البلاستيك التي ينتهي بها الأمر في قاع المحيطات والبحار والجبال والحياة البرية.

وتدرك دولة الإمارات جيداً مسؤولية الحكومات والقطاع الخاص في الحفاظ على استدامة البيئة، وكذا دور الأفراد في الوصول إلى مستقبل أكثر استدامة وهو ما يحفز الدولة على حشد دعم ومشاركة جميع شرائح المجتمع في العمل المناخي.

وتفاوتت التقديرات العالمية لمقدار الاستهلاك العالمي للأكياس البلاستيكية ما بين 500 مليار كيس وتريليون كيس بلاستيكي سنوياً، وهي كمية ضخمة تحدث ضرراً بيئياً وصحياً كبيراً نتيجة بطء تحللها وتجمعها في الطبيعة بصورة سنوية، الأمر الذي يعيق التجدد الطبيعي للكثير من الموارد الأرضية، نظراً لدفن كميات هائلة من الأكياس البلاستيكية في باطن الأرض مروراً بتأثيراتها على صحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى وانتهاء بتشويه المنظر الحضاري.

تأثير ممتد

وحذرت الأمم المتحدة، من أن هناك 13 مليون طن من المواد البلاستيكية تلقى سنوياً في محيطات العالم، الأمر الذي يؤثر على الشعاب المرجانية ويهدد الحياة البرية والبحرية، حيث تشير الأبحاث العلمية إلى أن المواد البلاستيكية الضارة قد يستمر بقاؤها في المياه لمدة تصل إلى ألف سنة قبل أن تتحلل تماماً وتمتصّها التربة، وهي في أثناء ذلك، تسبِّـب خللاً بيئياً جسيماً، نتيجة ما تخلفه من مواد سامة في التربة وجراء تلويثها للبحار والبحيرات، مما يؤدي إلى الحكم بإعدام أعداد كبيرة من الحيوانات، مثل السلاحف التي قد تبقى حبيسة في داخلها أو قد تتوّهم بأنها طعام.

وحذرت المنظمة الدولية أيضا من خطورة حرق الأكياس الأحادية الاستخدام، مشيرة إلى أنه ينتج عن ذلك تصاعد غاز الديوكسين السام في الهواء الذي يمتدّ مفعوله إلى قرون عدّة ويصنف هذا الغاز على أنه من أكثر السموم الكيماوية التي عرفها الإنسان فتكاً، إذ يؤثر على الصحة العامة وبعنف فبإمكانه إحداث مشاكل إنجابية وإنمائية وإلحاق أضرار بالجهاز المناعي وعرقلة الهرمونات والتسبّب في الإصابة بالسرطان.

قرارات ملزمة

وأدركت دولة الإمارات مخاطر هذه الأكياس مبكراً، حيث أطلقت وزارة البيئة والتغير المناخي في 2009، حملة “الامارات خالية من الأكياس البلاستيكية” والتي استمرت لثلاث سنوات متتالية، واستهدفت رفع الوعي بمخاطر هذه الأكياس والحث على خفض استخدامها محلياً بشكل متسارع.

وتعمل الوزارة على تنظيم تداول المنتجات والأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، حيث جرى حظر الطباعة على الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل بقرار مجلس الوزراء رقم 376/5 لسنة 2009. وتم اعتماد مواصفة قياسية إلزامية لدولة الإمارات برقم 500/2009 بشأن خصائص الأكياس البلاستيكية وغيرها من منتجات البلاستيك القابلة للتحلل.

وأصدرت الوزارة قراراً وزارياً رقم 451 لسنة 2011 في شأن إلزام مصنعي الأكياس البلاستيكية وموردي الأكياس البلاستيكية بتسجيل منتجات الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، حيث يلزم القرار مصنعي وموردي الأكياس البلاستيكية بتسجيل منتجات الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل طبقاً لنظام تقويم المطابقة الإماراتي (ECAS) ولائحة المتطلبات والشروط الخاصة بتسجيل منتجات الأكياس البلاستيكية وغيرها من المخلفات القابلة للتحلل طبقاً للمواصفة الإماراتية القياسية 2009: 5009 .UAE. وكذلك ألزم القرار الوزاري رقم 118 لسنة 2013 مصنعي وموردي المنتجات البلاستيكية بتسجيل منتجات البلاستيك القابلة للتحلل.

وأصدرت دولة الإمارات القرار الوزاري رقم 380 لسنة 2022 بشأن تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في أسواق الدولة ليشكل أحد الإجراءات الرامية لحماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات.

ويحد القرار من استهلاك الأكياس البلاستيكية وينظم إنتاج وتداول واستخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد ويحظر استيراد أو إنتاج أو تداول أكياس التسوق البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد اعتباراً من 1 يناير 2024 على المستوى الاتحادي، متضمنة الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، كما يحظر استيراد أو إنتاج أو تداول الأكياس ذات الاستخدام الواحد مهما كانت المواد المصنوعة منها، اعتباراً من 1 يناير 2024 أيضاً.

وفي السياق ذاته، واعتباراً من 1 يناير 2026 يحظر استيراد أو إنتاج أو تداول المنتجات البلاستيكية الاستهلاكية التي تشمل أكواب المرطبات وأغطيتها، وأدوات المائدة (الملاعق والشوك والسكاكين وعيدان الأكل)، والصحون، والماصات، وعيدان التحريك، ومستوعبات وعلب الطعام المصنوعة من مادة “الفوم” (Styrofoam).

البيان