اتفق القادة العرب في البيان الختامي للقمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين بمشاركة الإمارات، التي انطلقت أمس الجمعة في جدة، على ضرورة التكاتف لحل قضايا الأمة، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني والأزمات المستجدة في السودان وليبيا، فضلاً عن قضايا اليمن وسوريا ولبنان، وتوحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى الرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة، فيما أكد الزعماء المشاركون خلال كلماتهم أثناء أعمال القمة على ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك، ورحبوا بعودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية ومشاركة الرئيس بشار الأسد في هذه القمة، كما ألقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي كلمة أمام الحضور.
وتضمّن البيان الختامي للقمة 12 بنداً لمختلف القضايا الملحة في العالم العربي، بدءاً من القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني، مروراً بالملف الإيراني، وصولاً إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني، والملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد البيان الختامي، مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل «مبادرة السلام العربية».
ملفات المنطقة
وفي الملف اللبناني، حث البيان السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.
أما في الشأن السوري، فقد شددت مسودة البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وفي الشأن السوداني، تم تأكيد التضامن الكامل في الحفاظ على سيادة واستقلال السودان ووحدة أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات.
وضمن تطورات الوضع في ليبيا، أكد البيان الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد.
وعن اليمن، تحدث البيان عن الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وتعزيز دوره ودعمه.
وبشأن الصومال، دعا البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، لا سيما حركة الشباب، بهدف القضاء عليها، وأشاد بالجيش الوطني الصومالي.
وفيما يخص الملف الإيراني، رحب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
الميليشيات والإرهاب
وفيما يخص مكافحة الإرهاب، دان البيان كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى التصديق عليها.
وشدد البيان على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية. والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.
وأكد على أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنما تفاقم معاناة الشعوب وتثخن في تدمير منجزاتها، وتحول دون تحقيق تطلعات مواطني دولنا.
كما أكد البيان على أن التنمية المستدامة، والأمن، والاستقرار، والعيش بسلام، حقوق أصيلة للمواطن العربي، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجهود وتكاملها، ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة، وحشد الطاقات والقدرات لصناعة مستقبل قائم على الإبداع والابتكار ومواكبة التطورات المختلفة، بما يخدم ويعزز الأمن والاستقرار والرفاه لمواطني دولنا.
وكانت أعمال القمة بدأت بكلمة لرئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن، شدد فيها على الحرص على توحيد الصف العربي، مرحباً بعودة سوريا إلى الجامعة العربية. كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني ووضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي.
كما دعا الأشقاء في السودان إلى تغليب مصلحة الوطن والاحتكام للحوار، وتجنب الانزلاق إلى دوامة العنف. وبعد تسلمه رئاسة القمة العربية الـ32، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان افتتاح القمة، ورحب بالقادة العرب الحاضرين وبالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال الأمير محمد بن سلمان: «نؤكد للدول الصديقة في الشرق والغرب أننا ماضون في السلام»، ومشدداً بالقول: «لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات». وقال إن القضية الفلسطينية كانت وما زالت قضية العرب المحورية.
كما رحب بحضور الرئيس السوري بشار الأسد، وأضاف بالقول: «نأمل أن تشكل عودة سوريا إلى الجامعة العربية إنهاء لأزمتها».
وأعرب عن أمله أن تكون لغة الحوار هي الأساس في السودان. كما أعرب عن ترحيب المملكة بتوقيع طرفي النزاع في السودان على إعلان جدة، معرباً عن أمله أن تتوصل مباحثات جدة إلى وقف فعال لإطلاق النار في السودان.
كما أكد ولي العهد السعودي أهمية حل الأزمة في أوكرانيا سلمياً. وأضاف: «نجدد تأكيد موقف المملكة الداعم لكل ما يسهم في خفض حدة الأزمة في أوكرانيا، وعدم تدهور الأوضاع الإنسانية، واستعداد المملكة للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا». وفي الشأن اليمني قال «نعمل على مساعدة الأطياف اليمنية إلى الوصول لحل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية».
الرئيس الأوكراني
في الأثناء، حث الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في كلمته، الدول العربية على دعم مبادرته للسلام لإنهاء الحرب الروسية في بلاده. وقال زيلينسكي، إن الوفود ستتلقى نص خطة السلام المكونة من 10 نقاط وطلب منهم العمل مع أوكرانيا مباشرة دون وسطاء.
وقال «أنا متأكد من أن كل دولكم تفهم ما هي المشاعر التي تختلجنا وواثق مما هو النداء التي سأطلقه هنا من جدة، فهو نداء وواجب لحماية الشعب الأوكراني، بمن فيهم المجتمع الأوكراني المسلم». وأضاف «نشيد بجهود السعودية لإطلاق سراح أوكرانيين اعتقلتهم روسيا، معتبراً أن الأمر تجربة إيجابية»، معرباً عن أمله في تطوير هذه التجربة.
الرئيس المصري
من جانبه، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إنه من المهم الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها. مضيفاً «سندعم كل الجهود لتفعيل العمل العربي المشترك ودفع مسار التنمية». ورحب في الوقت نفسه بعودة سوريا للجامعة العربية. كما شدد على أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ.
العاهل البحريني
من جهته، قال العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة إنه «لا بد من نهج السلام العادل والشامل لاستقرار المنطقة». داعياً لاستكمال مسيرة السلام بما يضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، مرحباً أيضاً بعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
العاهل الأردني
إلى ذلك، أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أن منظومة العمل العربي المشترك بحاجة إلى تطوير دائم لمواجهة التحديات الدولية. وأضاف أن السلام العادل والشامل يتحقق من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة. كما رحب بعودة سوريا للجامعة العربية كخطوة مهمة للحل السياسي.
الرئيس السوري
من جهته، قال الرئيس السوري بشار الأسد، «نحن اليوم أمام فرصة لإعادة ترتيب شؤوننا بمعزل عن التدخلات الخارجية». وأضاف أن «العمل العربي المشترك بحاجة إلى أهداف مشتركة وسياسة موحدة ومبادئ واضحة». ودعا إلى مراجعة النظام الداخلي للجامعة العربية. وقال «أتمنى أن تشكل القمة بداية مرحلة جديدة للعمل العربي، لتحقيق السلام في المنطقة».
الرئيس الفلسطيني
وأشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمواقف الزعماء العرب تجاه القضية الفلسطينية. وطالب المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني. كما طالب بحماية دولية للشعب الفلسطيني.
الأمين العام للجامعة العربية
من جهته، ثمن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، عدم تفويت فرص حل الأزمة السورية سياسياً. ورحب بالرئيس بشار الأسد في القمة وبعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
ورحّب أبو الغيط أيضاً بـ«الاتفاق بين السعودية وإيران»، معتبراً أن «المشهد الدولي يمر بأشد الفترات خطورة في العالم المعاصر ولا بد من التمسك بالمصالح العربية لمواجهة ضغوط الاستقطاب الدولي». وأشار إلى أن «الممارسات الإسرائيلية أدت لتصاعد كبير للعنف في الأراضي المحتلة»، مؤكداً «ضرورة مواجهة تصرفات حكومة الاحتلال الممعنة في التطرف والكراهية».
البيان