أكد مواطنون ومقيمون في الدولة،أنهم يتلقون رسائل من أرقام خارجية، تدعوهم للتبرع بالأموال لمساعدة النازحين والمصابين من دول تشهد حروباً واضطرابات، مشيرين إلى أن الرسائل تتضمن أرقام حسابات بنكية وروابط لصفحات تبرع مزيفة.
وحذرت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي من أنه يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تزيد على 300 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، أي شخص يجمع التبرعات، من دون تصريح مسبق، وأي جهة تخالف قوانين جمع التبرعات، أو تستخدمها في غير الأغراض التي جمعت من أجلها.
ويستغل محتالون وعصابات جرائم إلكترونية، التعاطف الإنساني مع ضحايا الحروب والكوارث، في إطلاق صفحات حسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرسال رسائل من أرقام هواتف في بلدان مختلفة للترويج لمبادرات وهمية، يزعمون أنها تهدف لمساعدة الضحايا والنازحين من الحروب الدائرة في بعض بلدان المنطقة، فيما يهدف هؤلاء إلى الاستيلاء على أموال المحسنين.
كما يتلقى الضحايا دعوات من صانعي محتوى على «تيك توك لايف»، لإرسال هدايا رقمية لمساعدة المتضررين، حيث يستخدم المحتالون بعض صور النازحين والمصابين والضحايا لإيهامهم بأن لديهم مندوبين في تلك الأماكن يعملون على إغاثتهم، ويحتاجون مواد عينية وأدوية، وتنقصهم الأموال اللازمة لتوفيرها.
من جانبها، أكدت الدائرة أنها الجهة المختصة بإصدار تصاريح جمع التبرعات في إمارة أبوظبي، وذلك بموجب أحكام القوانين والتشريعات المنظمة لجمع التبرعات، في إطار تنظيم عملية جمع التبرعات في الإمارة وحفظ أموال المتبرعين، مشددة على حظر جمع التبرعات من خلال الأشخاص، لصعوبة مراقبتها والإشراف عليها، سواء من ناحية مراقبة مصادر جمع التبرعات أو الجهات المستفيدة منها، وتفادياً للتعرض للاحتيال أو الاستغلال، لافتة إلى أن الجهات المرخص لها جمع التبرعات هي الجمعيات الخيرية، والهيئات والمؤسسات الاتحادية والمحلية والأهلية التي تسمح لها قوانين أو مراسيم وقرارات إنشائها بجمع وتلقي وتقديم التبرعات.
وأرجعت حصر عملية جمع التبرعات من خلال الجمعيات الخيرية والجهات المرخص لها إلى أن جمع وتقديم وتلقي التبرعات هو عمل أساسي للجمعيات الخيرية المرخص لها، وعليه فهي تمتلك الخبرة الواسعة والإمكانات اللازمة لتنفيذ مثل هذه المهام.
وحددت الدائرة 14 وسيلة يمكن من خلالها جمع التبرعات، شملت: الحسابات البنكية الخاصة بجمع التبرعات، وأجهزة الصراف الآلي للبنوك المرخصة في الدولة، والمنصات الرقمية، والاستقطاعات الشهرية من الحسابات البنكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعروض التسويقية والترويجية المختلفة، وما يصاحبها من طلب التبرعات.
وتضمنت بقية الوسائل، الإيداعات المباشرة في الحسابات البنكية، ووسائل الإعلام المختلفة، والحفلات والأسواق والمعارض والمزادات والفعاليات الخيرية، والصناديق أو الكوبونات مدفوعة القيمة أو التبرعات النقدية مقابل الإيصالات، والرسائل النصية القصيرة، والاتصالات الهاتفية، والتحويلات الخارجية، إضافة إلى الإعلانات عبر المواقع الإلكترونية المختلفة.
وأشارت إلى جواز تحويل التبرعات العينية إلى نقدية متى اقتضى الأمر، وفق مجموعة من الضوابط والإجراءات، حفاظاً على التبرعات من التلف أو تناقص قيمتها لعدم الاستخدام، والاستفادة من قيمتها النقدية، وصرفها على المصارف الخيرية والإنسانية.
وأوضحت الدائرة أن تنظيم جمع أو تلقي التبرعات من خارج الدولة، يعد من الأولويات التي ارتكز عليها قانون تنظيم التبرعات حفاظاً على سمعة ومكانة الدولة عالمياً، ولمنع إساءة استغلال التبرعات أو توجيهها لدعم أي أنشطة غير مشروعة، لذا يتعين على السلطة المختصة أن تكون على علم تام بمصدر التبرعات والغرض منها.
ولفتت إلى وجود ضوابط وإجراءات خاصة بتقديم التبرعات إلى خارج الدولة، وبشكل رئيس يجب أن تتضمن الضوابط وسائل إثبات وتقديم التبرعات إلى الجهات المستفيدة أو إنفاقها في الأغراض المحددة لها.
ويهدف المشرع الإماراتي من وضع تلك الضوابط لحماية أموال المتبرعين، وضمان وصولها إلى الجهات المستفيدة، وعدم استغلالها في دعم أو تمويل أي من المنظمات غير المشروعة، إضافة إلى وجود ضوابط وإجراءات تنظيمية للتحويلات البنكية إلى خارج الدولة من حسابات التبرعات.
من جانبه، حذر المحامي والمستشار القانوني، سالم سعيد الحيقي، من خطورة الانسياق وراء بعض المواقع والأشخاص الذين يقومون – عبر وسائل التواصل الاجتماعي – بالدعوة والترويج لجمع التبرعات لمساعدة ضحايا الحروب والمنكوبين في كوارث طبيعية، أو علاج حالات مرضية، مشيراً إلى أن «هذه الأفعال تعد جرائم.. وفقاً لنص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، إضافة إلى مخالفتها قانون جمع التبرعات»، مشدداً على أن «الترويج لجمع التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والشبكة الإلكترونية يشكل خطورة، نظراً لجهل المتبرع بصدق هذه الدعوات، وبمصير ما قد يجمع من أموال وسبل إنفاقها»، مشدداً على أن «دولة الإمارات حرصت كل الحرص على تنظيم هذه المسألة وفقاً لأنظمة وإجراءات تحفظ حقوق الأطراف كافة».
وأشار خبير تقنية المعلومات، المهندس أحمد عبدالناصر، إلى وجود العديد من الطرق لكشف زيف كثير من دعوات جمع التبرعات، أبرزها أن صفحات التبرع المزيفة تفتقر إلى معلومات عن منظمي جمع التبرعات أو متلقيها.
وشرح أن «نقص المعلومات يُعتبر مؤشراً على وجود عملية احتيالية»، وأن «الاستمرار فيها قد يكلف المتبرع رصيده المصرفي، حيث لا يكتفي المحتالون عادة بمبلغ التبرع، ويتم الاستيلاء على مبلغ البطاقة التي تم التبرع من خلالها».
وأكد عبدالناصر أن عصابات الاحتيال على المحسنين، عبر استغلال صور ضحايا ومنكوبي الحروب والكوارث، لا تتوقف على ترصد المقيمين في الدولة، لأنها عصابات دولية تستغل الشبكة العنكبوتية في اصطياد ضحاياها من كل دول العالم، وتخاطب كلاً بلغته، والطريقة التي يمكن أن تؤثر فيها، سواء إنسانياً أو دينياً أو عرقياً، ما دفع الأمم المتحدة إلى إصدار تحذير هذا العام من زيادة أنشطة الاحتيال عبر صفحات تبرع وهمية، مؤكدة أنها رصدت تنامياً في هذه الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي.
وذكرت أن «عمليات الاحتيال لا تسرق أموال المتبرعين فقط، بل تعوق وصول التبرعات إلى المنظمات الرسمية والمحتاجين»، مشددة على ضرورة الحذر أثناء التبرع بالأموال.
جدير بالذكر أن دائرة تنمية المجتمع حددت ثماني جهات في الإمارة مسموحاً لها جمع التبرعات، شملت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وهيئة المساهمات المجتمعية (معاً)، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية، وصندوق الفرج، وجمعية الإمارات للطبيعة، ومؤسسة «ابتسامة»، إضافة إلى مؤسسة «تحقيق أمنية».
الإمارات اليوم