ابتزاز من نوع جديد أضحى منتشراً، مهدداً الأمان، وموقعاً الفرد في دائرة من الخوف والشك، ويتلخص في رسالة نصية ترد على أي موقع تواصل لهذه الفتاة، أو السيدة، أو ذلك الشاب والرجل، محتواها الآتي «اعرف كل معلوماتك الشخصية، وعندي صور خاصة خارجة لك، أستطيع أن أفضحك بها، إن لم تنفذ ما أريده، والدليل على حديثي أنك تستطيع رؤية عيّنة من الصور على الرابط المرفق».
بالطبع فالذعر الذي ينتاب متلقّي الرسالة يدفعه إلى الضغط على الرابط، فيما لا يكون لدى المبتزّ أية صور أو معلومات عن المرسل إليه، وحين ضغطه على الرابط يختفي المبتزّ لمدة نصف ساعة،أو أقل، حيث يعكف على اختراق الهاتف بواسطة فيروس ما، ليحصل على صور ومعلومات صاحبه، ويعيد إرسالها إليه، لتأكيد قوله، ومن ثم يبدأ بابتزازه، مستغلاً حال القلق والتوتر التي سببها له، خشية نشر صوره الخاصة، أو معلومات عنه، وهكذا.
فتح الروابط المجهولة شرك يقع فيه كثر، جرّاء تهديد المبتزّين الذين يلعبون على مشاعر أصحاب الحسابات على مواقع التواصل، بالتلميح إلى امتلاكهم أسرارهم، وخبايا من حياتهم الشخصية، والتي بإمكانهم نشرها للملأ لفضحهم إن لم يذعنوا لمطالبهم اللّاحقة.
حذر المحامي حسين آل علي، من فتح أية روابط مجهولة، قائلاً: أصبح الفضاء الإلكتروني مرتعاً خصباً للمجرمين الإلكترونيين، أو ما يطلق عليهم «الهكر»، فأصبحوا يتفننون بطرائق احتيال مختلفة، فتارة يرسل أحدهم رابطاً على البريد الإلكتروني، طالباً من المرسل إليه الضغط عليه، للحصول على برامج مجانية، أو دخول سحب على مبلغ كبير، وتارة أخرى يهدّد، مدعياً حصوله على البيانات الشخصية للمرسل إليه، وصوره المحفوظة، في هاتفه المتحرك، أو حاسوبه، ولتأكيد ادعائه يرسل رابطاً لتأكيد أن بحوزته هذه البيانات، والصور. وهنا يقع الشخص ضحية له بعد خضوعه، فيخترق جهازه بعد الضغط على الرابط.
وتعد دولة الإمارات، بفضل صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، من الدول الأولى التي تصدّت لتلك الأفعال، بسنّ التشريعات والقوانين، التي تواكب التطور التقني، والجرائم الإلكترونية. وأخذ المشرّع الإماراتي على عاتقه وضع العقوبات الرادعة، للحدّ من تلك الأفعال والتصدّي لكل من تسوّل له نفسه استخدام الفضاء الإلكتروني، من أجل التهديد والابتزاز.
فالمادة (42) من المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021، بمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، تنصّ على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحداهما، كل من ابتزّ أو هدّد شخصاً آخر، لحمله على القيام بفعل، أو الامتناع عنه، باستخدام شبكة معلوماتية، أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تزيد على 10 سنوات، إذا كان التهديد بارتكاب جريمة، أو بإسناد أمور خادشه للشرف، أو الاعتبار، وكان ذلك مصحوباً بطلب صريح، أو ضمني للقيام بعمل أو الامتناع عنه».
من هنا لا بدّ من تكاتف الجميع للتصدي لهذه الظاهرة التي أخذت بالتناقص نسبياً في الآونة الأخيرة، لاسيما بيقظة الأجهزة الأمنية وكفاءتها، ممثلة في وزارة الداخلية، التي تعدّ خط الدفاع الأول لحماية المجتمع.
الاتحاد