احتدمت المعارك العنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع، أمس الثلاثاء، في مدينة نيالا، بجنوب دارفور، وسط تدهور الأوضاع الإنسانية للمدنيين، فيما تعيش الخرطوم على وقع هدوء حذر وانكماش للعمليات العسكرية، بينما يستمر القصف المدفعي من جانب الجيش على غرب مدينة أم درمان، وأم درمان القديمة، في حين قالت تقارير إنه بعد مرور ستة أشهر من الحرب دمّر ما لا يقل عن 33 ألف مبنى في العاصمة الخرطوم.

وقال شهود عيان إن قوات الدعم السريع شنت، أمس الثلاثاء، هجوماً عنيفاً على مقر الفرقة 16، وهو امتداد لهجوم بدأته، أمس الأول الاثنين، في محاولة لإسقاط مقر قيادة الجيش المحاصرة منذ أكثر من شهر.

وأكد الشهود استخدام الطرفين للقصف المدفعي بصورة كثيفة ما أدى لتصاعد أصوات دوي الانفجارات، مشيرين إلى مقتل امرأتين، على الأقل، جراء القصف العشوائي. وقال مصدر عسكري إن قوات الدعم السريع طوقت مقر قيادة الجيش من جهتي الشمال والشرق، بعد أن سيطرت على مستودعات الفرقة 16 والسلاح الطبي، من الناحية الشمالية، كما سيطرت على منزل الوالي، ومقر الإذاعة من الناحية الشرقية لقيادة الجيش.

عملية تمشيط واسعة

وأكد الجيش إن قواته نفذت عملية تمشيط واسعة في أحياء أم درمان القديمة، حيث تتمركز قوات الدعم السريع في بعض الجيوب.

واتهمت لجان مقاومة الفتيحاب الدعم بإطلاق قذيفة مدفعية، أمس، سقطت قرب بئر يستخدمها المواطنون للحصول على المياه، ما تسبب في مقتل طفل، وإصابة 6 أطفال آخرين.

إلى ذلك، قال متحدث باسم الحكومة، إنه وبعد مرور ستة أشهر من الحرب لا توجد إحصائية دقيقة حول الخسائر الاقتصادية والمادية، في مقابل تأكيدات مصدر عسكري تدمير ما لا يقل عن 33 ألف مبنى في العاصمة.

وكشف ضابط يتبع للاستخبارات العسكرية عن تقديرات رصدتها جهات عسكرية توضح أن 33 ألف مبنى في الخرطوم شهدت دماراً، كلياً وجزئياً.

وتبين إحصاءات تقديرية بُنيت على مشاهدات من مقاطع فيديو، تدمير مباني القصر الرئاسي بشكل كبير، والمتحف الملحق به، بجانب 29 من مباني الوزارات، بينها مواقع أثرية وتاريخية شيدت إبان حقبتي الحكم، التركي والانجليزي، خلال القرن الماضي.

29 مقراً حكومياً

وقال مسؤولون إن 29 مقراً حكومياً دمر بالكامل في الخرطوم، إضافة إلى نحو 82 موقعاً آخر تعرض لتدمير جزئي.

وأكدوا تدمير 28 من فروع البنوك التجارية، بجانب أجزاء من مبنى بنك السودان المركزي، وتدمير 19 رئاسة بنك وحرق مبان ومجمعات كبيرة، بينها برجا الفيحاء والتضامن، وعفراء مول والبنك الأهلي المصري ودار الشرطة ببري، ومقر وزارة العدل، وعدد من المحاكم.

ودمرت نحو 6 محطات مياه كبيرة، وأكثر من 158 سوقاً رئيسياً، و835 مصنعاً.

استعادة المسار المدني

على صعيد آخر، توقع جعفر حسن، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي، نجاح الجهات المجتمعة في أديس أبابا في تشكيل اللجنة التي ستدعو للمؤتمر العام للجبهة المدنية.

وقال حسن في مقابلة، أمس الثلاثاء، إن الجهات المختلفة ستعمل على «إيجاد تصورات مبدئية للتأسيس الدستوري»، مضيفاً «لا نريد أن نستبق الأحداث، لكن هذه قضايا شبه متفق عليها».

وأوضح حسن أن التأخير في تشكيل الجبهة المدنية المناهضة للحرب يعود بصورة جزئية، إلى أن الجهات المؤمنة بهذه الخطوة والمشاركة في الاجتماع التأسيسي حالياً في أديس ابابا، لا يجمعها كيان واحد.

وأضاف «هناك جهات متعددة، وكان لا بد أن تحدث بينها نقاشات لتقريب وجهات النظر».

وتابع قائلاً «لكن المهم في الأمر أن الجميع متفقون على الهدف الاستراتيجي وهو إيقاف الحرب واستعادة المسار المدني».

الخليج