رحبت دولة الإمارات باعتماد مجلس الأمن القرار رقم 2720، والذي يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين منسق للإشراف على إيصال المساعدات إلى غزة وإنشاء آلية أممية جديدة للمساعدات الإنسانية.

وأقر مجلس الأمن الدولي، أمس، مشروع قرار قدمته دولة الإمارات يدعو إلى زيادة واسعة النطاق للمساعدات الإنسانية إلى غزة، فيما جرى تبني القرار بموافقة 13 من أعضاء المجلس الـ15، وامتناع عضوين، هما الولايات المتحدة وروسيا.

وأكدت معالي السفيرة لانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، أن القرار رقم 2720 يشكل «خطوة بالغة الأهمية ضمن مسارنا الممتد، فهو سيتيح إدخال المساعدات التي تشكل شريان الحياة لأهل غزة، وإيصالها لمن هم بأشد الحاجة إليها».

ويدعو القرار جميع الأطراف إلى إتاحة وتسهيل الإيصال الفوري والآمن ومن دون عوائق لمساعدة إنسانية واسعة النطاق إلى غزة، وإلى اتّخاذ إجراءات عاجلة بهذا الصدد، وتهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال القتالية.

من جهته، أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن الإمارات حققت اختراقاً تاريخياً باعتماد مجلس الأمن القرار 2720، والذي يعزز الوضع الإنساني في غزة، مضيفاً: «خطوة مهمة للغاية في ظروف دولية صعبة».
وأوضح، في تغريدة على منصة «إكس» إثر اعتماد القرار، أنه في عالم تفرض القوة شروطها تغدو السياسة فن التفاوض لتحقيق الممكن، مضيفاً: كل التقدير لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وفريقنا الدبلوماسي على جلدهم ومثابرتهم.

وفي هذه الأثناء، حذرت معالي السفيرة لانا نسيبة، في بيان أمام المجلس تعليقاً على التصويت، من أنه ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية، فستحدث مجاعة في قطاع غزة، قائلة: «وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، فإن الطعام الذي دخل غزة منذ بداية النزاع لا يمثل سوى 10 في المئة مما هو ضروري للحفاظ على حياة السكان».

وأضافت: «نصف سكان غزة يتضورون جوعاً الآن».
وقادت الإمارات، الأسبوع الماضي وفداً من أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى الحدود مع رفح، لمشاهدة التحديات الصعبة، التي يناقشها مجلس الأمن منذ أكثر من شهرين، حيث التقوا بضحايا تحملوا ونجوا بأرواحهم من «الجحيم الذي أطلق على غزة، بعد هجمات السابع من أكتوبر على إسرائيل».

وقالت معالي السفيرة لانا نسيبة: «نعلم أن نص القرار ليس مثالياً، ونعلم أن وقف إطلاق النار وحده هو الذي سيضع حداً للمعاناة»، موضحة: هذا النص «يستجيب عملياً للوضع الإنساني اليائس للشعب الفلسطيني»، مشددة على «الجحيم» الذي يعيشه القطاع الفلسطيني المحاصر.
وتابعت: «الوضع الذي شاهده أعضاء مجلس الأمن على الحدود مع رفح لا يُطاق».

ونوّهت إلى أن آلاف الشاحنات تحاول وتفشل في الدخول من خلال معبر رفح، الذي كان مخصصاً فقط للمشاة، فيما يكتظ ما يقرب من مليون شخص في منطقة رفح الحدودية بقطاع غزة، حيث كان هناك أقل من 200 ألف فقط قبل الحرب.

وأشارت إلى تقرير الأمم المتحدة الذي يفيد بأن نسبة الجوع في غزة أعلى من أي بلد يعيش أي نزاع في العشرين عاماً الماضية، موضحة أن حرب إسرائيل على غزة والثمن الذي يدفعه المدنيون الفلسطينيون، الذين نعلم أن 70 في المئة منهم نساء وأطفال، لها أيضاً تأثير كبير على الدول المجاورة.

وأوضحت أن انتشار النزوح الإقليمي هو احتمال واقع، نراه بالفعل، بما في ذلك في الضفة الغربية حيث قتل نحو 300 فلسطيني، بما في ذلك 75 طفلاً.

وذكرت أن جهود مصر لتخفيف هذه الأزمة على حدودها مشجعة، ولكنها تحتاج إلى مساعدة، فهذه ليست مشكلة مصر وحدها، ويجب أن تكون هناك استجابة دولية، وهذا هو السبب في مطالبة مجلس الأمن للتدخل بشكل عاجل.

وأوضحت معالي السفيرة لانا نسيبة أن النص هو نتاج مشاورات، وتواصل مكثف بين أعضاء مجلس الأمن والأطراف المعنية، وبشكل خاص مصر وفلسطين، مضيفة: «ممتنون لجهودهما بشكل خاص».
وشددت على أن غرض هذا النص بسيط للغاية، فهو يستجيب للوضع الإنساني الصعب على الأرض، للشعب الفلسطيني الذي يتحمل عبء هذا الصراع مع الحفاظ على الذين يحاولون تقديم المساعدة لإنقاذ الأرواح، وهو يطالب بإطلاق سراح الرهائن بشكل عاجل وبالوصول الإنساني لمعالجة احتياجاتهم الطبية.

ويطالب النص، بحسب معالي لانا نسيبة، بأن تسمح الأطراف المتحاربة وتسهل استخدام جميع الطرق المتاحة إلى قطاع غزة لتوفير المساعدة الإنسانية، وهو ما يعني أن جميع الطرق البرية والبحرية والجوية الممكنة للدخول إلى غزة، يجب أن تستخدم للسماح بدخول المساعدات لإنقاذ الأرواح.
وتابعت: «يشمل ذلك ضمان استمرار فتح معبر كرم أبو سالم بدعم من مجلس الأمن».

ولفتت إلى أنه حتى إذا تم دخول شاحنات المساعدات بكميات كبيرة، فإذا لم يتم التنسيق بشكل جيد، فإن المساعدات لن تصل ببساطة إلى أولئك الذين يحتاجون إليها، محذرة من أن جهود التنسيق الحالية ليست كافية، إذا فقد 136 موظفاً إغاثياً من الأمم المتحدة حياتهم بسبب ذلك.
وأوضحت أنه لهذا السبب يعيد النص التأكيد على أنه يجب حماية الموظفين والممتلكات والشحنات الإنسانية، وأنه لا يجوز أن يتعرضوا للهجوم، وهو مبدأ راسخ في القانون الإنساني الدولي تم انتهاكه مراراً في هذا النزاع.

وأشارت إلى أن القرار الذي قدمته دولة الإمارات يستجيب لنداءات وقف دائم لإطلاق النار والزيادة الكبيرة للمساعدة الإنسانية، منوهة إلى أن التحدي في الدبلوماسية غالباً ما يكون مواجهة اللحظة في العالم الذي نعيش فيه، وليس في العالم الذي نرغب فيه، وشددت على أن الإمارات لن تكل أبداً في دعم وقف إطلاق نار كامل.

وأفادت بأن القرار يكلف الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين منسق رفيع المستوى للوضع الإنسانية وإعادة الإعمار، وسيكون لديه مهمة المراقبة والتحقق وتسهيل تقديم المساعدة الإنسانية إلى غزة، والقرار يمنحه الموارد والمعدات اللازمة لذلك، لافتة إلى أن المنسق سيقوم بإنشاء آلية لتسريع تقديم المساعدات، ونتوقع تقديم تقرير أولي عن عمله خلال 20 يوماً. وأوضحت معالي السفيرة لانا نسيبة أن هناك آليات مماثلة أنشأت في أزمات إنسانية أخرى.

 

 

الاتحاد