أكد مشاركون في جلسة نظمها منتدى الإعلام العربي في دورته الـ22، ضمن قمة الإعلام العربي في دبي، تحت عنوان “الإعلام العربي بين التجديد والتقليد” أن وسائل الإعلام التقليدية مطالبة بالتوسع في تبني أدوات الإعلام الجديد لضمان استمراريتها والاستفادة من ميزاتها الرئيسية التي تتمثل في المصداقية والموثوقية التي ينبغي تطوير أساليب إيصالها لجيل المستقبل مع الاحتفاظ بشريحة “جيل الشعر الأبيض” التي تمثل نسبة 30% من المشاهدين حالياً.
وتناولت الجلسة، التي شارك فيها كل من مكرم الطروانة، رئيس تحرير صحيفة الغد، والدكتور نبيل الخطيب، مدير عام تليفزيون الشرق الأوسط، وطوني خليفة، مدير عام قناة ومنصة المشهد، وأدارتها الإعلامية ليلاس كفوزي، قناة سي بي سي إكسترا، التحديات التي تواجه الإعلام التقليدي وكيفية الاستفادة من تجارب عملية قامت بها مؤسسات إعلامية عربية استطاعت الدمج بين الإعلام التقليدي والرقمي وقدرة الإعلامي التقليدي على المحافظة على التوازن بين تقاليده العريقة وتحديات التجديد.
وخلال حديثه استعرض طوني خليفة تجربة إطلاق قناة المشهد والتي كان من بين أهدافها تطوير الإعلام التقليدي كي لا يذوب مع وجود الإعلام الجديد والحفاظ على الشاشة في تجربة وصفها بعملية “إنعاش” للإعلام التقليدي وتأكيد قدرته على البقاء والاستمرارية.
وقال:” نجحنا في تحقيق هذا الهدف من خلال معرفة وقياس اتجاهات وتفضيلات المشاهد في الوقت الحالي، والتي بلا شك تتجه نحو الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، لهذا عملنا على جذبهم إلى الشاشة من خلال توفير منصات رقمية تعرض لهم ما يتم تناوله على الشاشة، لهذا حافظنا على الجمهور المتلقي بكل شرائحه سواء الجيل الكبير”جيل الشعر الأبيض” الذي له تقاليده، وأضفنا له الجيل الجديد المسيطر على منصات التواصل الاجتماعي “.
وأضاف خليفة:” على عكس ما يعتقد البعض تظل الشاشة هي المنصة الوحيدة حالياً التي يمكن عبرها التعبير عن الرأي بدون قيود، فيما يحدث عكس ذلك في منصات التواصل الاجتماعي التي تخضع لمراقبة وقيد وحظر في أحوال كثيرة من خلال الخوارزميات التي يتحكم فيها من يديرونها”.
وقال “: خلال الأحداث الكبرى على مستوى المنطقة والعالم لاحظنا أن الشاشة شكلت المنصة الوحيدة التي لا يستطيع المتحكمين في خوارزميات التواصل الاجتماعي غلقها أو حظرها أو حذفها أو فرض آرائهم وأجندتهم، لهذا تظل الشاشة هي المكان الآمن لحرية الفكر والتعبير خارج سيطرة الخوارزميات”.
من جهته اعتبر الدكتور نبيل الخطيب أن الإعلام التقليدي والمنصات الرقمية وسائل يتم من خلالها استهلاك المحتوى الذي يبقى هو الفيصل والعامل الفارق في تحديد نجاح أو فشل هذه الوسائل، لافتاً إلى أنه من يريد أن يقدم المحتوى للجمهور وأن يصل لأكبر عدد ممكن عليه أن يتواجد على أكبر عدد ممكن من المنصات المتنوعة، أمام النجاح وعدمه يعتمد على المحتوى وطريقة تقديمه”.
وأوضح الخطيب أنه في الأزمات الكبيرة يحظى التليفزيون بإقبال أكبر من الجمهور الذي يبحث عن المصداقية وبالتالي ما زال له دوره المؤثر، لكن في الوقت ذاته لا يمكن تجاهل دور وأهمية مع وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما أن ما نسبته 70% من الجمهور العربي عمرهم أقل من 30 سنة، وأن هذا الجيل نشأ على متعة توفر وسهول الوصول إلى كل ما يبحث عنه من مصادر أخرى غير التليفزيون، في الوقت والمكان الذي يحدده ويستهلكه كيفما يريد، وأن هذه النسبة وجدت ضالتها في الوسائل الرقمية التي هي أكثر جاذبية لهم.
وأشار إلى أنه من المستبعد حالياً معرفة كيف سيبدو جهاز التلفاز في المستقبل هل سيستمر أم لا، لكن بالتأكيد سيبقى المحتوى هو الأساس، لذلك فإن أي مشروع إعلامي جديد يجب أن يكون متعدد المنصات.
وتطرق الخطيب في حديثه إلى الدور الذي تعلبه الخوارزميات في توجيه مسارات منصات التواصل الاجتماعي، معتبراً أن كل العاملين في صناعة المحتوى بمثابة “عبيد” للخوارزميات المفروضة من قبل أصحاب وملاك منصات التواصل الاجتماعي والمحكومة في أغلبها إلى القانون الأميركي باستثناء التيك توك.
من جهته تحدث مكرم الطروانة، رئيس تحرير صحيفة الغد عن التحديات التي تواجه الصحافة الورقية في ظل ثورة منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، مؤكداً أن الصحافة الورقية تمر بأكثر المراحل حساسية بالمشهد الإعلامي بشكل عام.
وأشار إلى أن الصحف تعد جزءا من مؤسسات إعلامية لديها حضور قوي على المنصات الرقمية، لهذا لا يمكن الحكم بخروج الصحف الورقية من المشهد، لأنه بنفس المهنية والمحتوى الذي يتم من خلاله مخاطبة الرأي العام متوفر على منصات التواصل الرقمي الخاصة بالصحف والمؤسسات الإعلامية.
ولفت الطراونة إلى أنه بالرغم من هذا التواجد الرقمي تبقى هناك تحديات أخرى تتمثل في الحاجة إلى ضرورة تطوير العاملين في المجال الصحفي من الجيل القديم والعمل على استقطاب جيل جديد من الشباب يمتلك قدرات وأدوات مخاطبة 70% من الرأي العام الذين هم أقل من 30 سنة في العالم العربي، وهذا أيضاً يتطلب إمكانيات مالية غير متوفرة في ظل ضعف المداخيل.
وام