في مناطق شاسعة من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وعلى مر ملايين السنين، توصل البشر وطيور العسل المرشدة إلى شراكة فريدة من نوعها: تقوم الطيور بالعثور على خلايا النحل المخفية في الأشجار، ويتولى البشر مهمة استخراج العسل منها، ثم يعودون محملين بالكنز الحلو، بينما تحصل الطيور على مكافأتها من اليرقات والشمع.
هذا التعاون متبادل النفع يشكل واحداً من الأمثلة النادرة على التواصل المثمر بين الإنسان والحيوان البري، ورغم تنوع أساليب التفاعل مع مرشدي العسل عبر الثقافات المختلفة، فإن العملية الأساسية تتبع نمطاً مشتركاً: يدخل صياد العسل إلى الغابة ويصدر نداءً مميزاً أو يستخدم صافرة خاصة، وإذا كان دليل العسل قريباً، فإنه يرد من مسافة آمنة، ويبدأ الشخص والطائر في التنقل عبر الغابة، يتبادلان النداءات حتى يصلا إلى الخلية المستهدفة، وعند العثور على الخلية، يطلق الطائر زقزقة خافتة ويهدأ، فيبدأ الصياد بتهدئة النحل بالدخان ثم يقطع الخلية للحصول على العسل، تاركاً بعض اليرقات والشمع لرفيقه الطائر، كما يُعتقد أن مرشدي العسل يستفيدون أيضاً من البكتيريا التي تهضم الشمع، مما يعزز التبادلية بينهم وبين البشر.
يصعب تحديد مدى قدم هذا التحالف بين الإنسان والطيور، لكنه قد يعود إلى بدايات الجنس البشري، وفقاً للباحثة كلير سبوتسوود التي تدرس هذه العلاقة في موزمبيق، وربما تكون هذه الشراكة قد تطورت منذ أن تعلم البشر استخدام الدخان أو المواد النباتية الطيارة لتهدئة النحل.
على مر الزمن، أصبح التواصل بين الأنواع الأخرى عنصراً أساسياً في هذه الشراكة، إذ أجرت سبوتسوود وزملاؤها دراسات على فعالية نداءات صائدي العسل في موزمبيق، ووجدوا أن استخدام النداءات التقليدية التي تنتقل من الأب إلى الابن تضاعف فرص العثور على العسل، وتختلف هذه النداءات عبر القارة، ويبدو أن مرشدي العسل يتعلمون نداءات منطقتهم من الطيور الأكبر سناً، مما يضمن بقاء هذه الشراكة المذهلة على مر العصور.
الخليج