تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، أطلقت هيئة الفجيرة للبيئة كتاب «الحيتان والدلافين في الفجيرة والوطن العربي»، يجمع المعارف المستمدة من الأبحاث العالمية المتقدمة حول الحيتان والدلافين، مع استعراض السمات الفريدة لهذه الثدييات البحرية في الفجيرة، ويتناول أيضاً علاقة الحيتان والدلافين بالبشر، ليس فقط من منظور الصيادين والبحارة الذين يصادفونها في رحلاتهم، وإنما من منظور القضايا الأوسع لمصايد الأسماك، وصيد الحيتان، وأنشطة الشحن البحري والسياحة في واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم.
يُعدّ الكتاب الثالث ضمن سلسلة كتب التاريخ الطبيعي لإمارة الفجيرة التي أطلقتها هيئة الفجيرة للبيئة، وهو من تأليف روبرت بالدوين، الرئيس التنفيذي لشركة المحيطات الخمسة، وبالازس بوزاس، مستشار الحياة البرية، ويتضمن مجموعة غنية من الصور الفوتوغرافية والرسوم التوضيحية التي أعدها أوكو جورتر وصامويل بالدوين، بالإضافة إلى العديد من خرائط التوزع من إعداد إديث شوم، ويشكّل الكتاب حصيلة خمس سنوات من الأبحاث العلمية، بما في ذلك الدراسات الميدانية البحرية التي أجريت ضمن مشروع دراسة الحيتان والدلافين في الفجيرة.
ويُظهر التنوع المذهل للحيتان والدلافين التي تعيش بشكل رئيسي في هذه البقعة غير المستكشفة كثيراً من المنطقة العربية. علاوة على ذلك.
ويُعتبر الكتاب إنجازاً آخر في مشاريع الأبحاث البيئية ومبادرات الحفاظ على البيئة البحرية التي يقودها سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي كجزء من رؤيته الطموحة للإمارة.
وأوضح مؤلفا الكتاب أن فكرة الدراسة التفصيلية للحيتان والدلافين في الفجيرة بدأت بعد حادثة حوت العنبر الذي تقطعت به السبل على شواطئ الإمارة في عام 2012. وأشار المؤلفان إلى أن هذا الحادث كان من بين عدة سجلات للحيتانيات تم الإبلاغ عنها خلال المرحلة الأولى من تقييم القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة للثدييات البحرية في دولة الإمارات عام 2016. وقد كشف الحدث أن الفجيرة تتمتع بأعلى تنوع للثدييات البحرية على مستوى الدولة، نظراً لوجود العديد من المنحدرات القارية وموائل المحيطات المفتوحة التي تنفرد بها الفجيرة عن باقي الإمارات الأخرى.
وأشار المؤلفان إلى أن النشاط البشري وحركة السفن الكثيفة في مياه الفجيرة يدعوان للاعتقاد بأنها تفتقر إلى الحياة البرية البحرية. ومع ذلك، كشفت الأبحاث التي أُجريت خلال السنوات الأخيرة عكس ذلك؛ إذ تُعتبر الفجيرة موطناً لمجموعة غنية ومتنوعة من الدلافين والسلاحف البحرية والثعابين البحرية والطيور البحرية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأسماك والأنواع البحرية الأخرى. كما تمر الحيتان الكبيرة بين الحين والآخر عبر مياه الإمارة.
وأكدت أصيلة عبد الله المعلا، المدير العام للهيئة، أن الحياة البحرية في الفجيرة تشكل جزءاً مهماً من طبيعتها، وتتمتع الإمارة بموائل بحرية متنوعة مهمة للتنوع البيولوجي البحري الوفير، بما في ذلك العديد من الأنواع، وتعتبر الدلافين أحد أنواع الكائنات المهمة، ووجودها في البيئة البحرية دليل على نظافة البيئة وصحتها، ولذلك يأتي اهتمامنا بها باعتبارها من الأنواع النادرة التي يشكل وجودها إضافة للتنوع البيولوجي البحري، ويُسهم في تعزيز سياحة البيئة البحرية كقيمة إضافية ومورد للدخل المحلي للإمارة.
وتم إصدار الكتاب من قبل الهيئة بدعم ورعاية سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، استشعاراً من الهيئة بأهمية هذا النوع من الكائنات البحرية وضرورة المحافظة عليه، إضافة إلى أهمية معرفة وفهم حالة البيئة البحرية وحمايتها، وزيادة وعي الجمهور بالمحافظة عليها.
وأوضح د.فؤاد المغاري، مدير مركز الفجيرة للبحوث، أن أهمية التعاون بين العلماء والباحثين والسلطات سيحسن فهمنا للبيئة البحرية وحمايتنا لها، مؤكداً أن هذا التعاون هو أساس تحقيق التقدم المستدام في الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري، مشيراً إلى أن الكتاب مثال رائع لتجسيد توحيد الجهود والخبرات، وتمكيننا من تحقيق فهم أعمق للتحديات والفرص التي تواجه الحيتانيات في منطقتنا، مما يعزز قدرة الإمارة على حماية هذه الثروة الطبيعية الفريدة.
يتألف الكتاب من ثمانية فصول، تبدأ بمقدمة حول علم المحيطات والجغرافيا الحيوية وموائل الحيتانيات في الفجيرة، ويستعرض الفصل الثاني تنوع الحيتانيات الموجودة في الإمارة، بينما يتناول الفصل الثالث كيف يمكن لاختصاصات التصنيف أن تساعد في الكشف عن العلاقات بين الحيتان والدلافين، موفراً بذلك لمحة مفيدة عن أصولها بالنسبة للثدييات الأخرى، علاوة على ذلك، يسلط الفصل الثالث الضوء أيضاً على البحار العربية باعتبارها منطقة محورية في قصة تطور الحيتان والدلافين.
ويستعرض الفصل الرابع للكتاب 22 نوعاً من الحيتان والدلافين التي تم توثيقها رسمياً في المنطقة العربية، بما في ذلك 12 نوعاً معروفة في الفجيرة. في حين يستكشف الفصل الخامس تفاصيل أجسام الحيتانيات وأشكالها وسلوكياتها، أما الفصل السادس، فيقدم لمحة عامة عن الأبحاث التي أُجريت على الحيتانيات في الفجيرة، ويقدم الفصل السابع وصفاً مفصلاً للأنواع المعروفة في المنطقة العربية، مع التركيز بشكل خاص على تلك الموجودة في الفجيرة، وتتناول الفصول الثلاثة الأخيرة الجوانب المتعلقة بالحفاظ على الحيتانيات، وسبل حمايتها من التهديدات التي تواجهها، وكذلك التحديات التي يتعين على البشر معالجتها لضمان الحفاظ على هذه الكائنات للأجيال المقبلة.
وبالحديث عن المبادرات البحثية التي دعمت هذا الكتاب، أشار بالدوين وبوزاس إلى أن البحث شمل دراسة محددة عن الحيتان والدلافين في المياه البحرية العميقة، وهو مجال لم يتم بحثه على نحو مكثّف في أي مكان آخر من المنطقة العربية. وقال المؤلفان بهذا الخصوص: حفزتنا حماسة الاستكشاف للغوص في أعماق الفجيرة، وتكللت جهودنا بتسجيل 12 نوعاً مختلفاً من الحيتان والدلافين تمثل حوالي 15% من أنواع الحيتانيات على مستوى العالم وأكثر من نصف الأنواع المعروفة في المنطقة العربية. وتعتبر هذه الأرقام قياسية بالنسبة لإمارة ذات شريط ساحلي قصير نسبياً، ومعطيات بالغة الأهمية فيما يخص الحفاظ على الثدييات البحرية.
وأشار بالدوين – عضو مجموعة العمل المتخصصة بالحيتان في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، ومجموعة عمل الثدييات المائية في اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة، واللجنة العلمية التابعة للوكالة الدولية لصيد الحيتان، وفريق العمل المشترك للجنة العالمية للمناطق المحمية والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة – إلى أن مشروع أبحاث الحيتان والدلافين في الفجيرة – والذي تم إطلاقه في فبراير/شباط 2017 تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد إمارة الفجيرة – لعب دوراً محورياً في هذه المبادرة.
وأضاف: تبع ذلك سنوات عدة من الدراسات الموسعة شملت مسوحات بحرية وجوية باستخدام تقنيات مثل المسوحات المنهجية عن بُعد، ودراسات تحديد الهوية بالصور، وكذلك البحث الصوتي، وأخذ عينات الخزعة للتحليلات الجينية. وفي ختام فترة الدراسة، التي استندت إليها المعلومات المستخدمة في تأليف هذا الكتاب، تم افتتاح مركز الفجيرة للبحوث بدعم من هيئة البيئة، وهو الآن مسؤول عن مواصلة البحث.
شارك في مشروع دراسة الحيتان والدلافين في الفجيرة عدد من الشركاء، منهم مركز الفجيرة للبحوث، وشركة المحيطات الخمسة، وميناء الفجيرة، وشركة أيروغولف للخدمات، بالإضافة إلى العديد من الشبكات والمنظمات المعنية بدراسة الحيتان والدلافين والحفاظ عليها، بما فيها شبكة حيتان بحر العرب، ومبادرة مشروع دولفين الإمارات، وهيئة الفجيرة للبيئة.

الخليج