افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح اليوم الأربعاء، وبحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، وقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، فعاليات الدورة الـ 14 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة في مركز إكسبو الشارقة على مدى يومين، يستضيف خلاله أكثر من 237 متحدثاً من مختلف أنحاء العالم، تحت شعار “اتصال من أجل جودة الحياة”.
وألقى سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، كلمة في بداية حفل الافتتاح جاء في مستهلها // يروي لنا التاريخ قصة عظيمة الأثر في عهد الحاكم العادل عمر بن عبد العزيز، حين توسعت الدولة الإسلامية وتدفقت الأموال من مواردها المختلفة، لم يكن القرار أن تبقى الخزائن مغلقة، بل أن تخرج الموارد إلى الناس، فبحث عمر عن الفقراء حتى لم يعد هناك فقير، فأمر بتزويج الشباب، ثم قام بتسديد الديون، حتى رُوي أنه أمر بنثر القمح على رؤوس الجبال كي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين //.
وأضاف سمو نائب حاكم الشارقة // لم يكن هذا القرار فردياً، بل جاء بتوافق وتشاور بين أهل الرأي والحكمة، الذين استمعوا وحاوروا ثم أقرّوا مشروعاً يضمن أن المال العام ليس امتيازاً لفئة بعينها، بل حق يُدار بشفافية وعدل، ينظم الأولويات، ويرتب الحقوق، ويجعل من موارد الدولة وسيلة لحماية المجتمع وتقويته //.
وتابع سمو رئيس مجلس الشارقة للإعلام، قائلاً // هذه القصة ليست مجرد واقعة تاريخية، بل هي درس في علم الاجتماع السياسي، ودرس في فن الاتصال الذي يكشف حاجات المجتمع ويترجم الموارد إلى ضمان اجتماعي متفق عليه، فيصبح المسؤول محاوراً، ويتحول الناس من متلقّين إلى شركاء، ومنذ ذلك التاريخ وحتى حاضرنا اليوم تبقى القاعدة واحدة: التنمية تحتاج إلى تواصل، والقرار يحتاج إلى حوار //.
وحول تجربة الشارقة الفريدة في الاتصال المؤثر، قال سموه // ها نحن اليوم نرى هذه المسيرة مستمرة في الشارقة من خلال رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعل الإنسان محور التنمية، والثقافة أساس التواصل، والقيم بوصلة التقدم والاستدامة، وتأكيداً على ذلك، أنشأ سموه العديد من المؤسسات المتخصصة، مثل المجلس الاستشاري والمجالس البلدية ومجالس الضواحي وغيرها، لتكون حلقة وصل بين المواطنين والجهات المعنية، لإيصال صوت المواطن وشؤونه الخاصة؛ بحيث ترصد طلبات الأهالي، وتدرس احتياجاتهم، وتشاركهم في تقديم الرأي والمشورة، ثم ترفع المقترحات والملاحظات لدراستها واتخاذ ما يلزم، وكل ذلك من أجل تحسين جودة حياة أهالي الشارقة //.
وأضاف سمو رئيس مجلس الشارقة للإعلام // في هذه التجربة، لا يقتصر صوت المجتمع على البالغين فحسب، بل يشاركهم الأطفال والشباب في اتخاذ القرارات؛ فمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، على سبيل المثال، التي تترأسها قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، تعمل على إيصال الأصوات من خلال مجلس شورى أطفال الشارقة ومجلس شورى شباب الشارقة وغيرها، ليكتمل بذلك صوت المجتمع بأصواتهم //.
وتناول سموه دور المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، فقال // منذ انطلاق المنتدى، كنا ولا نزال مؤمنين بأن الاتصال الذي لا ينهض بالإنسان وواقعه هو اتصال قاصر لا يحقق هدفه، لذلك، وفي كل دورة من دورات المنتدى، كانت هناك أعمدة وركائز شكلت مساراً للنهوض بممارسات الاتصال الحكومي في المنطقة والعالم، وخصص لكل واحدة منها عام كامل من العمل، وفي هذا العام نتحدث عن الاتصال من أجل جودة الحياة //.
واختتم سمو رئيس مجلس الشارقة للإعلام كلمته، قائلاً // إن جودة الحياة لا تُبنى بالقوانين وحدها، بل بجسور من الثقة وقنوات من الحوار تجعل المؤسسات قريبة من الناس وتجعل الناس جزءاً من صناعة القرار، وقد علّمنا التاريخ أن أعظم المشروعات سقطت حين غاب الاتصال، وأن أصغر المبادرات نجحت حين كان الناس شركاء فيها //.
وفي جلسة حوارية حملت عنوان “من وعي الأسرة إلى تكافل المجتمع” تحدثت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، عن حياتها منذ أن كانت شابة ثم زوجة حاكم إمارة مهتمة بتربية أبنائها ولديها وقت فراغ، وصولاً إلى أمٍ لإمارة كاملة تعمل وتخطط لتهيئة النشء وإعداد جيل متمسك بقيمه الإسلامية وعاداته العربية الأصيلة، متناولة سموها الخطوات الأولى التي قامت بها لإنشاء نادي المنتزه للفتيات، الذي لم يكن لولا الدعم الكبير الذي أولاه صاحب السمو حاكم الشارقة وتوجيهاته السامية، حيث أصبح المكان الذي ساهم في احتواء الفتيات واكتشاف الهوايات وصقل المهارات، كما وفر النادي البيئة المثالية لممارسة الرياضات المتنوعة حتى أصبح نموذجاً رائداً وأظهر في المجتمع نماذج لسيدات ناجحات وقائدات في مجالاتهن بعد عقود من البناء والتطوير، ذاكرةً سموها بأن التحدي الأكبر كان كسب ثقة أولياء الأمور في ظل العيش ضمن مجتمع مغلق.
وأوضحت سمو رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع أن النادي كان مساحة للقاء سيدات الشارقة ومعرفة احتياجاتهن، وبناءً عليه يتم التخطيط للتطوير وصقل المهارات، مشيرة سموها إلى أن تطوع السيدات في النادي أدى إلى صنع قيادات في منهجية واضحة، وظهور المؤسسات المختلفة كان نتيجة احتياجات المجتمع.
وتحدثت سموها عن مشروع “ربع قرن” وتنوع نشاطاته من خلال 31 مركزاً يضم أكثر من 30 ألف منتسب، ومساهمته في بناء الإنسان واكتشاف قدراته وبناء خبراته منذ الصغر، مشيرا سموها إلى عدم الاكتفاء بالتعليم التقليدي والإدراك بأهمية الأنشطة غير الصفيّة في توسيع مدارك الطفل، مؤكدة سموها بأن الهدف هو احتواء الأبناء واحتضانهم، وصقل مهاراتهم ليكون لدينا جيل متعلم واعي ومثقف يشارك في صنع القرار بما فيه مصلحة لخدمة المجتمع.
وأشارت سمو رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع إلى أن مركز “ربع قرن” يُنشئ جيلاً يختار مساره المهني مبكراً، فلا يضع أمام عينيه المناصب أو الألقاب البرّاقة، كما يتعلم الفرد منذ طفولته أن القائد هو خادم للمجتمع ومن واجبه السعي لتطوير بلده عبر نفوذه القيادي، مؤكدةً سموها أن التغيير قادم لا محالة ولابد على الأبناء أن يكونوا جاهزين لمثل هذه التغيرات.
وأوضحت سموها أن آراء المنتسبين وأولياء أمورهم تعتبر من الأولويات خصوصاً عند تصميم البرامج، وذلك لمعرفة ما هم بحاجته وما يرغبون بتعلمه، مشيرةً سموها إلى أن 30٪ من المستهدفين في مجتمع الشارقة هم من المنتسبين لدى مؤسسات ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، مشددة سموها على ضرورة تربية الأبناء بالشكل الصحيح، وتحمل الأب والأم المسؤولية الكاملة دون تقصير، الأمر الذي يؤدي إلى شعور الأبناء بالأمن والأمان، ما ينعكس على سلوك الأفراد في المجتمع.
وانتقلت سمو رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع بالحديث عن الحملات والمبادرات الإنسانية التي وصلت لمعظم المحتاجين حول العالم من خلال حملة إنسانية لجمع التبرعات أُطلق عليها “القلب الكبير” حتى أصبحت مؤسسة دولية إنسانية مستقلة تهدف إلى حشد الجهود الإنسانية ومضاعفة جهود تقديم العون والمساعدة للاجئين والمحتاجين في مختلف أنحاء العالم.
وأشارت سموها إلى أن مؤسسة القلب الكبير تختار برامجها وتصممها بعناية فائقة، مؤكدةً سموها أن الهدف ليس دائماً إغاثياً، بل تستهدف المؤسسة أيضاً الصحة والتعليم، موضحةً سموها أن الحكومة تتكفل بالالتزامات الإدارية للمؤسسة وذلك لتصل التبرعات للمستفيدين بنسبة 100٪، قائلةً سموها // أطفال العالم هم أطفالنا، لا نرضى لهم ما لا نرضى لأبنائنا //.
وشددت سموها على أنه من حق كل طفل أن يعيش وينشأ في بيئة تقدّم له الأمان والاستقرار النفسي في كنف والديه، وأن تعريض الطفل لصدمات نفسية جراء الحروب البشعة التي يقودها الجشع البشري أمر غير أخلاقي، ويجب على كل فرد أن يسعى لتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة.
وتحدثت سمو رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع عن الزيارات للمشاريع والمبادرات الخيرية المختلفة حول العالم بصفتها مناصرة بارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث تعتبر سموها أول من حمل هذا اللقب في تاريخ المفوضية، والأثر الذي سجلته سموها خلال الزيارات المتعددة مثل افتتاح عيادة مخيّم الزعتري في المملكة الأردنية الهاشمية، وبرنامج نور لدعم الأطفال الأيتام في غزة، وبناء مدرسة ثانوية للفتيات اللاجئات في كينيا.
وتحدثت سموها عن عنوان المنتدى في نسخته الحالية “اتصال من أجل جودة الحياة”، ودور مؤسسات مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع لضمان جودة الحياة للأفراد، مؤكدةً سموها أن العطاء والإيثار موجود في الغريزة البشرية، والواجب الإنساني يحتّم الوقوف إلى جانب الإنسان في كل الظروف، وبصمة العطاء تكمن في تمويل مشاريع خيرية ذات أثر مثل برنامج التميز الافتراضي لأمراض القلب والأورام مع مستشفى رويال برومبتون.
وأشادت سمو رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع بجهود الفرق في مختلف المؤسسات التي ترأسها سموها، مؤكدةً أن المؤسسات المجتمعية تهدف إلى تقديم برامج تضمن استمرارية رسالتها السامية، كما تراعي المؤسسات تطورات الحياة في خططها، وتحمل مسؤولية مجتمعية كبيرة، موجهةً سموها الشكر والتقدير لكل الفرق التي تعمل على خدمة الأفراد والمجتمعات وتساهم في استقرارها.
واختتمت سموها الجلسة متناولةً دور مؤسسة الشارقة للتنمية الأسرية في رفع نتائج الدراسات التي تقوم بها، ورفعها على شكل مقترحات وتوصيات لاتخاذ القرارات المناسبة من القيادة العليا، الأمر الذي يساهم في زيادة وعي الأسر وتكافل المجتمع، وأوصت سموها كل من يسمعها بضرورة تثقيف أنفسهم حول ما تقدمه المؤسسات لهم.
وكان حفل الافتتاح قد استهل بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، شاهد بعدها صاحب السمو حاكم الشارقة والحضور مادة مصورة تناولت أهمية زراعة البذر وإعمار الأرض لحصد النتائج وتوفير العيش الكريم وجودة الحياة للمجتمعات.
كما استعرض حفل الافتتاح مادة فيلمية تناولت جهود سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، في إنشاء مؤسسات ومراكز تهتم بالأطفال والنشء حتى بلوغهم سن الـ 25، وصولاً إلى الحملات الخيرية التي طالت معظم المحتاجين في دول العالم.
حضر حفل الافتتاح بجانب سموهم كل من: الشيخ خالد بن عصام القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني، والشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمي رئيس دائرة شؤون الضواحي، والشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير عام دائرة الشارقة الرقمية، والشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي مدير عام مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، والشيخ فيصل بن سعود القاسمي مدير هيئة مطار الشارقة الدولي، والشيخ المهندس محمد بن عبدالله بن ماجد القاسمي مدير دائرة شؤون البلديات، ومعالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير دولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وعدد من كبار المسؤولين في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، وجمع من الإعلاميين والمؤثرين.
وام