قصة غريبة لمواطن ليبي تم العثور عليه في غابات الأمازون بالبرازيل حيث كان يعيش وحيداً، لا أنيس له إلا الحيوانات والطيور وحفيف الأشجار، لكن الحرائق التي ضربت تلك الغابات عجلت بالكشف عن وجوده في أوضاع هي أقرب إلى أوضاع الإنسان البدائي، إنه حسين عمر حسين الذي غادر ليبيا في عام 1995 .

وهناك تعرف على فتاة برازيلية ارتبط معها بقصة حب عنيفة كانت ستتوج بالزواج، لكن ظروفاً دفعتها إلى العودة إلى بلادها، فلحق بها إلى هناك في عام 2012، لكن يبدو أن الحظ لم يسعفه بالعثور عليها، فبقي يتنقل بين المدن بحثاً عنها، إلى أن دخل في دوامة اليأس، واتسعت دائرة معاناته بنفاد أمواله وفقدانه وثائقه الشخصية، فتقطعت به السبل، وبقي هائماً على وجهه، وعاش عذابات لا أول لها ولا آخر، قبل أن يجد نفسه متشرداً على أطراف غابة متاخمة لمدينة ماناوس عاصمة ولاية الأمازون في المنطقة الشمالية من البرازيل والتي تقع في وسط غابات الأمازون المطيرة، ويتم الوصول إليها غالباً عن طريق القوارب أو الطائرات نظراً لعزلتها.

وخلال سنوات عدة، اضطر حسين إلى أن يعيش حياة بدائية في الأدغال، يعيش على ثمار الغاب ولحوم الحيوانات التي يتمكن من صيدها ويشرب من مياه الأنهار والجداول، ويكتفي بارتداء قطعة قماش يستر بها عورته، لكن تلك الظروف القاسية أفقدته جانباً من ذاكرته، وتسببت له في متاعب نفسية، وهو الذي كان يعتقد أنه لن يخرج من تلك الغابات لا حياً ولا ميتاً.

ولكن مع انتشار الحرائق في غابات الأمازون والتي وصلت إلى غابات ماناوس حتى إنها غطت سماءها بالدخان الأسود الكثيف، حاول حسين الفرار من تلك الأوضاع إلى أول منفذ ينقذ حياته، ليجد نفسه في مواجهة عناصر من الشرطة البرازيلية التي استغربت من حالته، وكانت تعتقد أنه من الفارين من العدالة، قبل أن يكشف لها عن قصته ويؤكد لها أنه عربي من ليبيا الواقعة في شمالي إفريقيا، فاتصلت الشرطة بالسفارة الليبية في برازيليا وأعلمتها بالموضوع.

كما اهتمت الصحافة البرازيلية بقصة حسين، وقالت إنه كان يعاني فقد للذاكرة وبعض الاضطرابات النفسية لكنه الآن بصحة جيدة مشيرة إلى أن جميع مستنداته ضائعة لتعرضه للسرقة قبل سنوات.

وقامت قناة «أمازونس» التلفزيونية بإجراء تحقيق مصور مع المواطن الليبي تحدث فيه عن تفاصيل التجربة المريرة التي مر بها، وكيف عاش وحيداً تائهاً في غابات الأمازون سنوات عدة وما إن تلقت السفارة الليبية إشارة الشرطة البرازيلية حتى سارعت بالتدخل لفائدته، وأصدر أسامة صوان القائم بالأعمال بالسفارة تعليماته لرئيس القسم القنصلي بضرورة التواصل مع السلطات ونقل حسين إلى العاصمة برازيليا.

وبالفعل تم توجيه مبلغ من المال إلى الشرطة الفيدرالية لتتولى بدورها تسليمه إلى حسين من أجل اقتناء الحاجات الضرورية، وتذكرة سفر لنقله من خلال الطائرة من ماناوس إلى برازيليا، وهو ما قامت به الشرطة الفيدرالية البرازيلية التي أوصلت المواطن الليبي إلى باب الطائرة ليجد فريقاً من سفارة بلاده في انتظاره في مطار العاصمة.

وفي مقر السفارة أكد حسين ما ورد سابقاً أنه قد دخل البرازيل في سنة 2012 وأنه فقد جميع مستنداته بعد أن تعرض للسرقة وانقطعت به كل السبل وبقى في غابة في ولاية ماناوس، مشيراً إلى أنه كان قد حاول الاتصال بالسفارة الليبية في مناسبات عدة عن طريق فاعلي خير، ولكنه لم يتلقَ أي رد ما جعله يفقد الأمل نهائياً ويعد أن نهايته ستكون في تلك الغابات الشاسعة. إلى ذلك نشر شقيق حسين مقطع فيديو من مقر إقامته في ألمانيا، روى فيه جانباً من ملابسات القصة، مشيراً إلى أنه كان يعتقد أن شقيقه توفي بعد أن انقطعت أخباره.

البيان