الفجيرة نيوز- نجح العرض الجنوب افريقي (امرأة في الانتظار ) المشارك في فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما للمؤلفين يائل فاربر وثيمبي متشالي جونز ومن اخراج يائل فربر وأداء ثيمبي متشالي جونز في شد انتباه المشاهدين بمسرح جمعية دبا الفجيرة من خلال المضمون الذي يحمله النص والأداء الرائع والسهل للفنانة ثيمبي وأخذنا هذا العمل الحائز على عدة جوائز دولية من خلال السيرة الذاتية لإمرأة واحدة في رحلة قوية ومظلمة الى قلب الفصل العنصري بجنوب افريقيا ،حيث انتظرتنا ثيمبي متشالي جونز بذكرياتها وقادتنا الى طفولتها الريفية وهي تنتظر رؤية والدتها مرة واحدة في السنة والى انتقالها من سنوات الطفولة الى ضجيج الحياة الحضرية وادراكها التدريجي لما كانت والدتها تتحمله من ذل ومهانة في سبيل اعالة أسرتها ،ثم وصلت بنا ثيمبي الى سنوات حياتها هي كخادمة ،تاركة طفلها كي ترعى اطفال الآخرين تماما كما كانت والدتها مجبرة على تركها في الماضي .إن تحول ثيمبي الى ممثلة ومغنية بعد معاناتها لسنوات عدة هو بالفعل شهادة على قوة وإصرار الروح البشرية ،من خلال السرد اللاذع والتهويدات والاهازيج والصور المؤرقة والأغاني القوية ،وإحتفى عمل (امرأة في الانتظار ) بنساء جنوب افريقيا اللوتي تحملن الحياة في ظل القبضة الوحشية للفصل العنصري وحافظن على انفسهن وأسرهن ضد ظروف قاهرة لايمكن تصورها .
وبعدها انتقل الحضور إلى مسرح بيت المونودراما حيث كانوا على موعد مع مسرحية “مجرد نفايات” مسرحية تراجيدية تحكي قضية الخيانة العظمى والى اي مدى بالامكان ان تصل هذه الخيانة بمرتكبها بأن يصدر الحكم على ذاته قبل ان يتلقى الحكم من الجهات المعنية والمسرحية للمؤلف قاسم مطرود والمخرج خالد العامري، حيث قام بأداء الدور الممثل عبدالحكيم الصالحي الذي حاول أن يأسر الحضور في عالمه الخاص وصراعه النفسي نتيجة ارتكابه لجريمة أودت به خلف القضبان فعانى من جلد الذات وبدأ يسرد قصته مع الجريمة ويطارده خيال السجان الذي يخبره بموعد تنفيذ الحكم عليه بالإعدام، لكن الأخير يقوم بمحاولات مستميتة للانتحار باءت كلها بالفشل فينتهي به الأمر إلى سلة النفايات.
وبعد العرض نظم المهرجان الندوتين النقديتين للعرض الأول والثاني حيث قال بعض النقاد في ندوة مسرحية “مجرد نفايات” إن النص المسرحي كشف كل الأوراق ويحتاج المخرج لمراجعة بنود النص حتى تكتمل الصورة لديه ، ورأى آخر يقول إن المشكلة قد تكون في النص وليست في المخرج أو الممثل منوها إلى ضرورة تقييم النص، و استيعاب الممثل للحدث وتقمصه للشخصية من الناحية النفسية وعدم الاكتفاء بالتمثيل الخارجي، وإن نهاية الشخصية غير مقنعة إلى حد ما.
وفي رده على تعليقات الحضور قال العامري “نحترم النقد الذي وجه لنا وهو بمثابة دافع لتقديم الأفضل في المرات القادمة لأن واجبنا كمسرحيين أن نحافظ على هذا الفن، وإن وجود النهايات هو الواقع الذي يعيشه السجين في العالم العربي وللمؤلف أن يمثله كيف يشاء، وبالنسبة للأبعاد الداخلية والخارجية نحن حقا بحاجة إلى خوض الكثير من التجارب لنتمكن من التعبير عنها بقوة.وقال الصالحي “كنت أتمنى أن يركز النقاد على أدائي في التمثيل، ولكني أقدم لهم جزيل الشكر على هذه النصائح الثمينة التي وجهت للعمل”.
ومن جانب آخر لقيت مسرحية “امرأة في الانتظار” استحسان النقاد والحضور حيث قال البعض في كلمتهم التي وجهوها إلى ثيمبي متشالي جونز الممثلة التي قامت بأداء الدور “نجحت الممثلة في استغلال جسدها بشكل جيد فمثلت دور الأم والطفلة والرجل الأبيض، وقال آخر أرادت ثيمبي من خلال النص أن توصل فكرة أن الإنسان لا يقيم على حسب لونه، وقال آخرون إن ثيمبي استخدمت كلمات وأدوات بسيطة لكنها تشير إلى بيئة الشخصية.
الاستاذ علي مهدي نائب رئيس الهيئة الدولية للمسرح في تعليقه على العمل قال :تجاوزت الفنانة ثيمبي متشالي جونز بعروضها بلدها جنوب افريقيا نحو العالمية وما يميزها طريقة أدائها الرائع الذي خطف الاضواء ،موضحا أن قيمة العرض العالية في إطار المهرجان تؤكد على النبوغ مما يدل على عالمية المهرجان ووصوله الى مراحل متقدمة اذ يتيح لنا اكمال الحوار بيننا وبين الآخرين .
اما قيمة العرض الفنية فهو تجربة حقيقية يعيشها الانسان وجسدت من خلالها الفنانة فكرة مانديلا (الماضي لايعيق الآخر) والاعتراف أن هناك خطأ قد حدث في مرحلة ما ولابد أن يتم التسامح ، وكيف عبر الفنانون في جنوب افريقيا عن تلك المرحلة وساعدوا مانديلا في دعم فكرة التصالح والتسامح التي كان ينشدها وإزالة الفوارق بين الأجناس ، واستلهمت الفنانة ثيمبي من خلال نصها النضال البطولي لشعب جنوب افريقيا ضد نظام الفصل العنصري . والنص يعتبرمثالا لكل منطقة في العالم تعيش صراعا ،ويتضح من خلال العرض أن اداء الممثلة بسيط ليس به تعقيد وتجيد الانتقال من حالة عاطفية الى حالة عاطفية اخرى بسهولة وبدون تعقيد ،وهذا ما يؤكد قيمة المونودراما بانك تعطي في زمن معين شخصيات مختلفة وأدوارا متعددة ،كما استطاع المخرج توظيف امكانياته الفنية بصورة جيدة جعلت من النص عملا رائعا .
وفي معرض ردها على النقاد قالت ثيمبي “سعدت كثيرا أثناء أدائي للعرض فقد شعرت أن اللغة لم تكن عائقا أمام وصول الرسالة إلى المتلقي وبالنسبة لأدائي لدور الطفلة والأم والرجل فإن السبب يرجع إلى المخرجة حيث أنها تصغرني سنا وتربطنا صداقة قوية جعلتني قادرة على التفكير والتصرف في مثل سنها”.
وتتواصل العروض حيث يستضيف مسرح جمعية دبا الخميس 23 يناير الجاري مسرحية “تنهد” للمؤلف يو رونغجون والمخرج والممثل تيان مانشا من الصين، كما يسضيف مسرح بيت المونودراما في نفس اليوم مسرحية “احتراق” للمؤلف فرحان الخليل والمخرجة والممثلة هدى المأمون من السودان.