أكّد خبراء أن التحول الرقمي غير المسبوق الحاصل في الإمارات سيؤثر بشكل مباشر على آلاف الوظائف في الدولة خلال السنوات القليلة المقبلة، مشيرين إلى أنه في حين ستختفي الكثير من الوظائف، إلا أن المئات من الوظائف الجديدة ستدخل سوق العمل، وأن الدعم الحكومي الكبير الذي توليه حكومة الإمارات للتحول الرقمي يعزّز في هذه الآونة التعاون الحاصل بين كبرى شركات التقنية العالمية من جهة وكبرى المؤسسات التعليمية في الدولة من جهة أخرى لسد ثغرة المهارات التقنية وتطوير أنظمة تعليمية قادرة على تهيئة طلبة الإمارات لوظائف الغد وتحسين نوعية الحياة في الوقت نفسه.

ولفت الخبراء في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي» خلال اليوم الأول من «أسبوع جايتكس للتقنية»، أن المؤسسات التعليمية المختصة في الدولة مدركة تماماً لهذه التحديات وتسعى في هذه الآونة للتعاون مع كبرى شركات التقنية في العالم لدمج تقنيات البرمجة «coding» والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والأتمتة في مناهجها التعليمية.

وتشير تقارير إلى أن أكثر من 30% من الشركات الكبيرة في الدولة على الأقل لديها خطط لتوظيف الذكاء الاصطناعي في أكثر من قسم لديها خلال العامين المقبلين، مع توقع أن يصل الإنفاق على الذكاء الاصطناعي إلى حوالي 374 مليون دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنهاية هذا العام، بنمو بنسبة 43% وفقاً لشركة «آي دي سي».

تعزيز التعاون

وأكّد كريستوفر كوبر، المدير التنفيذي في مجموعة «لينوفو» لمراكز البيانات ضرورة طرح شركات التقنية لابتكاراتها التي تعزز تنافسية الشركات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، مع أهمية أن تعزز تلك الشركات من تعاونها مع الجامعات في هذا الإطار.

وقال: «مسؤوليتنا كشركة مزودة للتقنيات هي جلب تلك التقنيات الحديثة للأسواق وتعزيز تنافسية الشركات، ويمكن بالطبع أن يتم تدريب الموظفين الذين قد يتم الاستغناء عن مهامهم بسبب التقنيات الحديثة على القيام بمهام أخرى، فمثلاً نعمل بشكل حثيث مع 17 من بين أكبر 25 مركزاً بحثياً في العالم لتمكين تلك المراكز والجامعات من تدريس العلوم الحديثة التقنية المستقبلية للتأكد من توظيفها بما يحسن من سعادة ونوعية حياة الإنسان الذي هو الهدف الأول والأخير من الاقتصاد، علاوة على أننا نعمل مع موزعينا بشكل دائم لتدريبهم على التقنيات الجديدة وسبل توظيفها بالشكل الأمثل».

ولفت إلى أن شركات التقنية تضطر اليوم لدفع مبالغ طائلة لخريجي تخصصات التقنية بسبب الطلب الكبير على تلك التخصصات، مشيراً إلى أهمية أن تستثمر الحكومات في المنطقة بشكل أكبر في مؤسسات التعليم العالي لتأهيل عدد أكبر من الطلبة للعمل في ظل المتغيرات الجديدة في سوق العمل.

نوعية الوظائف

وقال آلان قدوم، المدير العام لشركة «سويس لوج» الشرق الأوسط، إن التقنيات الحديثة ستؤثر على نوعية الوظائف في المستقبل، موضحاً أن دور اليد العاملة البشرية في المستودعات على سبيل المثال تنخفض بشكل ملحوظ منذ 5 سنوات نظراً لاستبدالها بأنظمة الروبوت التي ترفع من مستوى الكفاءة في المستودعات بشكل كبير وتحد من خطر إصابة العنصر البشري في ذات الوقت.

وأضاف: «في المقابل أعتقد أن العنصر البشري سيبقى حاضراً من خلال صنع وصيانة والإشراف على تلك الروبوتات وهذا بالطبع يتطلب وجود مجموعة مهارات تقنية جديدة تتماشى مع عصر تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وذلك من خلال تدريب الطلبة في المدارس والجامعات، وهذا سيساعد كثيراً في سد فجوة المهارات وتعزيز التحول الرقمي في الشركات».

133 مليون وظيفة

قال محمد أمين، النائب الأول للرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وروسيا وإفريقيا وتركيا في «دل تكنولوجيز»، إن التقنيات الحديثة ستبرز وظائف لم تكن موجودة في السابق مثل مشغلي شبكات السحابة المتعددة، ومهندسي البيانات، ومهندسي وأخصائيي أمن البنية التحتية التقنية.

وأضاف: تشير توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه قد يتم خلق ما لا يقل عن 133 مليون وظيفة جديدة على مستوى العالم بحلول 2022 نتيجة لواقع العمل المشترك الجديد بين البشر والآلات والخوارزميات، وفي حين أنه يجب على الأفراد تطوير المهارات المطلوبة لمواكبة التغير التكنولوجي، إلا أنه يجب على المؤسسات أيضاً تشجيع تنمية تلك المهارات داخل الأوساط الأكاديمية.

 

البيان